«بوط كعب عالي» يعيد السينما التجارية إلى الواجهة

«بوط كعب عالي» يعيد السينما التجارية إلى الواجهة

سينما

الأحد، ٢٠ يناير ٢٠١٩



منذ عقود، تصدت المؤسسة العامة للسينما وحيدة لمهمة إنتاج الأفلام السورية، مع بعض الومضات الإنتاجية النادرة من بعض الشركات الخاصة.
السينما السورية بتاريخها الطويل، تواجه اليوم قلة في إنتاج الأفلام السينمائية بسبب توجه العديد من المنتجين وشركات الإنتاج السينمائي إلى إنتاج المسلسلات التلفزيونية بسبب النجاح الكبير الذي حققته الدراما السورية على مستوى العالم العربي، مع ذلك فإن السينما السورية اليوم تقدم أفلاماً (رغم قلتها) على مستوى راق وتحصد أفلام المؤسسة العامة للسينما الجوائز الأولى في المحافل والمهرجانات السينمائية، وهناك اليوم مخرجون وفنانون سوريون كبار وعلى مستوى عال من الخبرة وجيل من الفنانين والفنانات الشباب لهم الحضور والشهرة، يعملون على تسريع دوران عجلة الإنتاج السينمائي في سورية.
ومع التميز الواضح للسينما السورية خلال السنوات الأخيرة رغم الحرب الإرهابية على سورية وما خلفتها من مقاطعات من مهرجانات عربية وعالمية، تسلح بعض المنتجين بالشجاعة وباشروا بالعمل على أرض الواقع، بعدما انكفؤوا عن الإنتاج السينمائي واكتفائهم بالإنتاج الدرامي.
ولا ننسى أن فيلم «مسافرو الحرب» مهد الطريق للسينما الخاص عندما فاز بأربع جوائز في مهرجان قرطاج السينمائي في تونس، وهو من إخراج جود سعيد وبطولة أيمن زيدان وإنتاج شركة «الأمير للإنتاج الفني»، علماً أن عروضه الجماهيرية لم تبدأ بعد.

بوط كعب عالي

مؤخراً، تم عرض فيلم «بوط كعب عالي» الذي أعاد السينما التجارية إلى الواجهة في تجربة جديدة شكلاً ومضموناً، بروح شبابية حاملة الفكاهة والبساطة للمخرج نضال عبيد ومن تأليفه بالشراكة مع الفنان طارق مرعشلي الذي أنتج الفيلم مع بسام مطر «جودي مطر».
ويندرج الشريط في إطار السينما الكوميدية الخفيفة الظل، التي تحث الجمهور على الضحك، مع حبكة خفيفة لقضية تعكس همّ أغلبية الشباب السوري، وأدى رسالة مغزاها محاكاة واقع المجتمع بطريقةٍ تعكس أخطاء.
وتنطلق الحكاية مع شابين أخوين، أحدهما متخلف عن الخدمة الإلزامية (محمد الحمصي)، والثاني مطلوب للاحتياط (طارق مرعشلي)، ونتيجة مجموعة ظروف يمران بها نجدهما يتنكران بشخصيتي أختيهما المسافرتين خارج البلاد، ويستخدمان هويتهما الشخصية لدخول حرم السكن الجامعي وحدات الإناث.
وهنا تبدأ رحلتهما في أجواء من الكوميديا الخفيفة التي اعتمدت أحياناً المبالغة في الموقف، وأحياناً أخرى على اللهجات المتنوعة للبنات في السكن، وكذلك الحركات المحفزة للضحك من خلال مواقف يتعرض لها الشابان بين الفتيات القادمات من محافظات متنوعة، وتقع قصص مثيرة فيها ولكن إلى حين.
وفي رحلة لمجموعة بنات يرافق الشابان المجموعة التي تقع بأكملها بأيدي «داعش» فيصبحان أسيرين هناك إلى أن يتمكن الجيش من تحرير المنطقة وتحريرهما فيلتحقان بالخدمة العسكرية حباً وطواعية.
وتبلغ مدة الفيلم 90 دقيقة، وهو من بطولة طارق مرعشلي ومحمد حمصي وهيا مرعشلي وميريانا معلولي ونور وزير وجولييت خوري وسالي بسمة ومحمد حداقي ومحمد خير الجراح وسوسن أبو عفار وسوسن ميخائيل وأندريه سكاف ويزن السيد ومازن عباس ومصطفى المصطفى وسامر زلم ووائل شريفي وجمال العلي ومعن عبد الحق محمد خاوندي وباسل طه وشروق البني وباسل فتال وفاضل وفائي وأحمد عيد وأمير برازي إضافة للمطرب حازم الصدير الذي حل ضيفاً على العمل وقدم أغنيته الشهيرة «شعراتا ولو».

الأفلام التجارية

ويأتي الفيلم في إطار إعادة إحياء نمط الأفلام التجارية التي تعتمد على شباك التذاكر، وهي خطوة تحسب لصناعه رغم أنها تعتبر مغامرة لغياب دور العرض السينمائية اللائقة التي تعتبر إحدى أكبر مشاكل السينما السورية.
السينما بكل أنواعها صناعة وليست فناً فقط، فهي تضم ثلاثة أضلاع «الصناعة والتجارة والفن»، ولابد أن يكتمل هذا المثلث حتى لا يتم تقديم منتج ضعيف.
في مصر مثلاً، أصبح هذا النوع من السينما طريق النجاح لمن يفكرون في النجومية حتى ولو اعترض أساتذة السينما وكره النقاد وأطلقوا على أفلامهم صفة مقاولات أو تجاري، لكن انتشار الفيلم التجاري ذي الصبغة الشعبية ليس عيباً فهو نوع من أنواع السينما يطلق عليه «سينما التسلية».

أسرة الفيلم تتحدث

لفت المخرج نضال عبيد إلى أن الفيلم كوميدي لايت، بعيد عن «الفزلكة» يقدم الكركترات فقط عبر شخصيتي الشابين المتنكرين.
وأوضح بأن السينما السورية ابتعدت عن سينما الشباك، ولكن مع الأزمات التسويقية التي تواجه الدراما السورية تحاول هذه الخطوة.
بدوره أكد طارق مرعشلي أن هذه التجربة تراوده مع شريكه في الإنتاج بسام مطر منذ سنتين ونيف بديلاً من القطاع العام، ومن دون الاعتماد على السوق الخارجية، فاختارا الخروج من أعمال الأزمة بحالة كوميدية بسيطة قد تمر مرور الكرام على انعكاسات الأزمة على السوريين عموماً.
وأشار إلى أنها خطوة لمحاولة إعادة سينما شباك التذاكر عبر حالة اجتماعية شبابية، متمنياً أن تكون عامل تحريض لإعادة دور العرض السينمائية من جديد.
وكشف أن هذا الفيلم هو خطوة في سلسلة أفلام سيصل عددها إلى ستة من النمط السينمائي التجاري ذاته، موضحاً بأنها أفلام من النمط الخفيف وهي ليست للنخبة، ولا تشبه أعمال مؤسسة السينما، بل إنها بسيطة تعكس حالة شعبية، تحمل الفرح والضحك بعيداً عن الإساءة.
أما محمد الحمصي فأشار إلى أن التنكر وتبني شخصية جنس آخر ليس بالسهل على الفنان، ويتطلب منه شيئاً من المبالغة والأدوات الخاصة للإقناع بعيداً عن الطريقة الفجة.
من جانبها رأت ميريانا معلولي أن الشخصية التي قدمتها حساسة لكونها باللهجة الحلبية، وهي تؤديها لأول مرة، فهي تعيش حالة ترقب لردود أفعال الجمهور عليها، مع انطباع إيجابي وصلها بعد العرض الخاص للفيلم، لافتة إلى أن الجمهور السوري اليوم اشتاق للضحك والبسمة وحالات الحب في السينما.
كما أعربت نور الوزير عن سعادتها الكبيرة بدورها، الذي يقدم نمط الفتاة الجريئة، ولكنها جرأة لا تخدش حياء المرأة العربية، وهي شخصيات موجودة بالفعل في الكثير من الأماكن.
وأكدت أن الفريق يعول على الفكرة الجديدة وبعدها عن النمط الاستهلاكي، فهي تجربة وحتى لو تعرضت للنقد، لأن النقد أيضاً نجاح برأيها.
وبينت أن الفيلم يحمل نوعاً سينمائياً جديداً كان موجوداً في السابق ويستطيع أن يخلق البسمة على أوجه المشاهدين وأن يكون موجها إلى جميع شرائح المجتمع بمختلف أعمارهم، ولفتت إلى أن نجاح العمل تحقق من خلال التعاون الجماعي من كادر العمل لخلق فيلم صحيح للجميع.
يزن السيد الذي حل ضيفاً على الفيلم أوضح أن ما دفعه على المشاركة هو طبيعة العمل التي تسعى لخلق سينما جديدة مقدمة لجميع شرائح المجتمع بقالب كوميدي.
وأعربت شروق البني عن سعادتها بالتجربة الكوميدية الجديدة التي ستحصد القبول من جميع المشاهدين على حد قولها.
أما مؤلف الموسيقا التصويرية رضوان نصري فأشار إلى أنه تعامل مع الفيلم بطريقة موسيقية جديدة، تضمنت استخدام آلات غربية مع مؤثرات جديدة تخدم الفكرة.