سينما.. فيلم (شكل الماء).. حيــــن يبلّــل مـء الحـــبّ قلبــك

سينما.. فيلم (شكل الماء).. حيــــن يبلّــل مـء الحـــبّ قلبــك

سينما

الأحد، ٢٥ فبراير ٢٠١٨

لطالما كانت السينما تعني، في واحد من توصيفاتها، أنها من أبهى أدوات إنعاش الخيال، يأتي فيلم (شكل الماء- The shape of water) ليؤكّد ذلك.. متسللاً إلى مناطق تحيي الرغبة بإعادة تدفق القدرة على الخيال/الحلم.. لدى كل منّا.
هل نعتبره فيلماً رومانسياً.. أم فانتازياً..؟‏
الجميل.. الخلطة الجاذبة التي أعدّ منها المخرج المكسيكي «جييرمو دل تورو» تحفته السينمائية ليحصد جائزة أفضل مخرج في كل من البافتا والغولدن غلوب 2018، داعماً حكايته بعنصر موسيقي أغنى الفيض السردي ومنح العمل بعداً جمالياً جعله أيضاً ينتزع جائزة أفضل موسيقا في كلا البافتا والغولدن غلوب.‏
 
خليطٌ من مشاعر وغرائبية تتناغم عناصره التي يختارها «دل تورو» بعناية، لاسيما لناحية الإخراج البصري الذي قدّم حكاية (إلايزا- سالي هوكينز) بأسلوبية تصعد بالعمل وتبقيه في عوالم من تخييل تضيف له بتوازنٍ متقن.‏
 
«إلايزا» الخرساء عاملة تنظيفات في إحدى المنشآت العلمية التي تقوم بتجارب على مخلوق يحضره المحقق (ريتشارد- مايكل شانون) والذي يمثل الشخص السيئ او الجانب المظلم ضمن حبكة العمل. بالخفاء تتواصل مع هذا المخلوق وتلاحظ نوعاً من التناغم بينهما.. ما يدفعها إلى اتخاذ قرار إنقاذه وعدم السماح بقتله لإجراء تجارب عليه.. وبمحض صدفة سيساعدها أحد الأطباء في المنشأة، وهو كما تروي الحكاية عميل للاتحاد السوفييتي، فالفيلم يعود لفترة ستينيات القرن العشرين، بالإضافة إلى مساعدة صديقتها في العمل (زيلدا- أوكتافيا سبنسر) وجارها الرسام (جيليس- ريتشارد جينكينز).‏
 
تلافيف الحبكة تصل إلى خلاصة أنك حين تقع في الحب لا يهم شكل من تحب لطالما كان يبادلك ذات المشاعر.. لا يهم أبداً شكله الخارجي ولا كيف يبدو مهما بلغ مظهره من غرابة.. لكن ومهما امتلك السرد من قوة في جميع مفاصله وجزئياته يبقى أسلوب عرضه هو الأجمل ونقطة الجذب المضافة إلى عناصر جذب عديدة امتلكها العمل.. فهل ننسى الأداء الأكثر من لافت لـ(هوكينز) الذي أوصلها لترشيحات كثيرة منها الأوسكار.. تلك الشخصية المغلّفة بأسرارها، هادئة المظهر، المحبة والمسالمة لكن القوية صاحبة الفعل كما رأينا..‏
 
هل كانت قوة الحب هي التي تدفعها لفعل ما قامت به..؟‏
 
قوة الحب التي بلغت ذروتها كما عبّر عنها «دل تورو» بصرياً في المشهد الذي تسبح فيه معه «مخلوقها» ضمن الحمام جاعلةً إياه يمتلئ ماءً ويفيض حبّاً.‏
 
ساحر هو هذا المشهد بما فيه من دفق عاطفي، إنساني، وروحي، يستجرها جميعها «الحب»، القوة الخفية التي تتفجّر داخلنا حين يمسّنا طيفه.‏
 
الإطار الزمني الذي تدور فيه قصة الفيلم ساعد بتقديم خلفيات لشخصياته دفعها للتواطؤ مع «إلايزا» في فعلتها إن كان بتلميحه عن تلك المعاملة السيئة التي كان يتعرض لها السود، مثالهم «زيلدا»، في الولايات المتحدة الامريكية.. أو لجهة عرضه شخصية الرسام جيليس الذي تمّ الاستغناء عنه مع ظهور التصوير الضوئي.. وبالتالي كلٌّ منهما يعاني إقصاءً دفعه لاشعورياً لمساعدة إلايزا.‏
 
سقطة العمل تتبدّى بتفصيل جعل الاتحاد السوفييتي العدو اللدود الساعي لبث جواسيسه على الأرض الأمريكية وسرقة مشاريعها.. وهي جزئية مستهلكة في أفلام هوليوود.. لم تضف للحبكة الشيء المأمول لطالما وُظّفت في كثيرٍ من الأعمال السابقة.‏
 
ينتهي العمل بقصيدة تقول: «أنا غير قادر على إدراك شكلك.. أجدك تحيطين بي.. وجودك يملأ عينيّ بحبك.. يبلل قلبي.. لأنك في كل مكان»..‏
 
وعلى ما يبدو لا تنطوي أعجوبة الحب على عدم القدرة على الإحاطة بماهية شكل المحبوبة إنما على عدم القدرة على الإحاطة به، بماهيته هو ذاته.‏