سينما.. «صمت» مارتن سكورسيزي..مزيـدٌ من ألغـاز السـؤال والشـك..!

سينما.. «صمت» مارتن سكورسيزي..مزيـدٌ من ألغـاز السـؤال والشـك..!

سينما

الاثنين، ١٠ أبريل ٢٠١٧

لميس علي

ربما تساءلنا عن سبب استبعاد فيلم «الصمت- silence» لمارتن سكورسيزي مأخوذاً عن رواية للكاتب (شوساكو إندو)، عن جوائز مهمة في أوسكار 2017، ليبقى ترشيحه محصوراً بجائزة التصويرالسينمائي فقط.

 

من حيث القيمة الفكرية.. والمضمون الذي يفتح مساراً لجدل لايأتي بإجابات شافية، يخوض فيلم (الصمت، silence).‏

منطقة لعبه تبقى تلوذ بتلك المساحة التي تثير الساكن.. وتخلخل الثابت.. ساعيةً الوصول إلى مزيدٍ من الحفر في أدمغة المتلقي.‏

فيلم يمتلئ بعلامات استفهام دون أن تكون غايته إيجاد إجابات لها.. فيكفيه جرأة طرح السؤال في أرض ملغومة بالمسكوت عنه دينياً.‏

هل وصلت قدرته بطرح ذاك النوع من السؤال إلى أحقية امتلاك شكٍّ يتوازى ونوعية سؤاله..؟‏

طوال مدة (25) عاماً دأب سكورسيزي على التحضير لعمله هذا.. ليتساءل البعض: هل جاء الفيلم مستحقاً كل هذا الوقت..؟‏

هل بقيت قناعات المخرج الدينية أو الإيمانية، هي ذاتها طوال تلك المدة التي استغرقها التحضير لعمله..؟‏

والسؤال الأكثر دقة: هل هي قناعاته أم تساؤلاته التي أراد توسيع دائرة تأثيرها ليتشاركها والآخر- المتلقي..؟‏

يخوض الفيلم في فترة زمنية عائدة إلى ثلاثينيات القرن السابع عشر حين كان الآباء اليسوعيون يأتون من البرتغال إلى اليابان للتبشير بالكتاب المقدّس، مصوّراً رحلة يقوم بها الأبوان (رودريغز- آندرو غارفيلد) و(غاروبيه- آدام درايفر) إلى هناك بحثاً عن معلّمهما الأب (فيريرا- ليام نيسون).. وفي طرق بحثهما عنه سيدركان الكثير من الويلات والمخاطر التي تعترض سبيل اليابانيين الذين يعتنقون المسيحية وبشاعة التعذيب غير الإنساني الذي يكون في انتظارهم فيما لو افتضح أمرهم من قبل النظام الحاكم وقتذاك في اليابان.‏

موجاتٌ من عذابات الروح يتعرّض لها رودريغز لاسيما حين يشاهد الطريقة التي يتمّ فيها موت صديقه الأب غاروبيه، ويستمع فيها إلى صرخات من يتعرضون للتعذيب من أتباع المسيحية.‏

وفي خضم كل ذلك يبقى في شبه محاورة تساؤلية يلوذ إليها حين تتعاظم أوجاعه «الروحية» متوجهاً إلى «الرب»..: «لماذا كل هذا الصمت».. السؤال المحوري الذي تحاك حوله كل تفرعات الأسئلة التي تبقى تتناسل في ذهن رودريغز.‏

صمت الإله عن أوجاعنا.. هو ما حيّر رودريغز.. هل كان كافياً أن يأتيه ذاك الصوت ختاماً «بأني أشاركك وجعك» كنوع من تهدئة آلامه وصولاً إلى نهاية عذاباته..؟‏

هل حقاً وصل إلى إنهاء وجعه أم إلى إيجاد طريقة لكتمها.. ومعرفة التعامل معها بصمت.. يتوازى وصمت الإله..؟‏

لم تكن غاية المخرج استثارة منطقة وسطية ما بين الإيمان والكفر.. ولا زرع وعينا بمزيد من شكوكية الإلحاد.. ليس ذاك هم الفيلم ولا هدفه كما قد يتبادر إلى ذهن البعض.. جلّ غايته فتح بوابة السؤال وإطلاق طاقتها لتصل إلى أحقية أي الآدمي بمزيد من جدلية الشك.. ولعلها الجدلية التي توصله إلى اليقين.. يقينه الخاص.‏

كقيمة فكرية، للفيلم أن يحوز على نقاط عالية وله مثلها على صعيد الصورة التي جاءت مشبعة بجماليات بصرية تمكّنت من نقل طبيعة المكان.. وليبقى السؤال الأكبر كيف يتمّ إقصاء هكذا مضمون عن الترشح لجوائز مهمة في الأوسكار..؟‏