جوائز «غولدن غلوب» في دورتها الـ 73 .. أشباح الـ«ويسترن»

جوائز «غولدن غلوب» في دورتها الـ 73 .. أشباح الـ«ويسترن»

سينما

الثلاثاء، ١٢ يناير ٢٠١٦

كما في كل عام، يبدأ «موسم الجوائز السينمائية» في العالم بإعلان النتائج النهائية التي يتوصّل إليها أعضاء «جمعية الصحافيين الأجانب في هوليوود»، الذين يختارون أفلاماً وعاملين فيها لمنحهم «الكرة الذهبية» في أكثر من فئة. الـ «غولدن غلوب» بدايةً، ثم «أوسكار»، المعروف بكونه تتويجاً لسينما تغزو العالم بجمالياتها وصناعتها وأموالها (السينما الأميركية الهوليوودية)، فينسى كثيرون أن بلداناً تصنع السينما هي أيضاً لديها جوائز مماثلة (فرنسا، إسبانيا، بريطانيا، وغيرها). الصحافيون الأجانب في هوليوود يفتتحون الموسم بجوائز معنية بالسينما والتلفزيون معاً. لكن الـ «أوسكار» (تُعلن نتائج دورته الـ 88 في 28 شباط 2016) يبقى الأكثر جذباً واهتماماً ومتابعةً في العالم كلّه.

تكريم الـ «ويسترن»
مساء أول أمس الأحد (10 كانون الثاني 2016) بتوقيت لوس أنجلوس، مُنحت جوائز «غولدن غلوب» في دورتها الـ 73، التي توّجت «العائد»، رائعة المكسيكيّ أليخاندرو غونزاليس إيناريتو (1963) بـ 3 منها في فئات أفضل فيلم درامي، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل في فيلم درامي ليوناردو دي كابريو. 3 جوائز من أصل 4 ترشيحات (الترشيح الرابع في فئة أفضل موسيقى لليابانيّ رويتشي سكاموتو). 3 جوائز يستحقّها فيلمٌ مبنيٌّ على ركيزة إنسانية، تكشف معالم بلاد مرمية في قسوة وحشيتها، المنفلشة هي أيضاً على وحشية أناس يصارعون من أجل حياة ما.
أسلوب إيناريتو معروفٌ بميزة أساسية: إيقاع هادئ يسير في متاهات فرد وذاته وروحه، ويعكس شيئاً كبيراً من غليانٍ وغضبٍ. ليوناردو دي كابريو مستمرٌّ في اتّخاذ خيارات صائبة في مساره المهنيّ، يحوّلها سريعاً إلى إضافات في أدائه واشتغاله التمثيلي وانشغاله بالهمّ البصري والإنساني والدرامي للصنيع كلّه. الفيلم ـ الذي يُعرض في الصالات اللبنانية خلال الأيام القليلة المقبلة ـ مُستلّ من كتاب «العائد: قصّة عائد من الموت» لمايكل بونك. لا يقف عند تفسيرٍ مباشرٍ للعنوان الأصلي The Revenant، لأن المفردة الإنكليزية تحمل معنى أعمق يُتقن النصُّ المكتوبُ تقديمَه في سياقٍ سرديّ متين الصُنعة: «العائد بعد الموت ـ الشبح»، أو «العائد بعد غياب طويل» (الفيلم مستوحى أيضاً من «رجل في البرّية» للأميركي ريتشارد سي. سارافيان الذي يُحقّقه في العام 1971).
صائد فراء (دي كابريو) يغوص في صراعات وتحدّيات ومواجهات شتّى، بحثاً عن مهنة وحياة في آن واحد. لكن أليخاندرو غونزاليس إيناريتو لن يبقى أسير حبكة عادية، ولن يتيح لنوع الـ «ويسترن» أن يجترّ نفسه بعد سنين مديدة على غياب شبه تام عن الشاشة الكبيرة، ولن يتابع وقائع عادية بلغة سينمائية عادية. المبنى الدرامي ـ الجمالي أساسيّ في صُنعته المعقودة على تكامل فني بين التصوير والمونتاج والإضاءة وإدارة الممثلين، بالإضافة إلى الموسيقى والكادرات والأزياء وغيرها.
النوع السينمائي شبه المنقرض هذا (ويسترن) حاضرٌ في فيلم ثانٍ ينال جائزة واحدة فقط: «الأوغاد الثمانية» لكوانتين تارانتينو، الفائز بـ «غولدن غلوب» أفضل موسيقى، يحصل عليها أحد كبار مؤلفي الموسيقى التصويرية لأفلام الـ «ويسترن» القديمة، الإيطالي إينّيو مورّيكوني (1928). في عالم شبه منغلق، ومع 8 أشخاص يلتقون في مكان وزمان محدّدين، يروي تارانتينو كَمّاً هائلاً من المعطيات الإنسانية المنبثقة من زمن العنصرية ضد السود، ومن راهن السياسات الأميركية ووقائع الحياة العامة داخل الولايات المتحدّة الأميركية حالياً. في المقابل، تفوز أغنية Writing’s On The Wall للبريطاني سام سميث بجائزة أفضل أغنية أصلية، في «شبح» (Spectre) لسام مانديز، أحدث مغامرة للعميل البريطاني الأشهر سينمائياً جيمس بوند (007).

تنويعات سينمائية
إلى ذلك، نال «المريخيّ» لريدلي سكوت جائزتي أفضل فيلم كوميدي وأفضل ممثل في فيلم كوميدي/ كوميدي موسيقيّ لمات دايمون، وحصل «ستيف جوبز» لداني بويل على جائزتين اثنتين أيضاً: أفضل سيناريو لآرون سوركين، وأفضل ممثلة في دور ثان لكايت وينسلت. فعلى الرغم من أن الفيلمين لم يكونا «الأهمّ» في قراءات نقدية دولية عديدة، إلاّ أنهما احتلَّا مكانةً ما في لائحة الفائزين في دورة العام 2016، علماً أن الإيرادات الدولية للأول تبلغ 595 مليوناً و745 ألفاً و321 دولارا أميركيا، بين 2 تشرين الأول 2015 و10 كانون الثاني 2016، في مقابل ميزانية تساوي 108 ملايين دولار أميركي؛ بينما يُحقِّق الثاني إيرادات دولية تساوي 27 مليوناً و14 ألفاً و26 دولارا أميركيا فقط، بين 9 تشرين الأول 2015 و10 كانون الثاني 2016، في مقابل ميزانية تبلغ 30 مليون دولار أميركي. يروي «المريخيّ» حكاية رائد فضاء يجد نفسه وحيداً في كوكب «المرّيخ»، فيكافح من أجل الحياة والعودة إلى الأرض؛ ويسرد الثاني فصولاً من سيرة مخترع الكومبيوتر الرؤيوي ستيف جوبز، وصراعاته مع عاملين معه، وابتكاراته الجديدة في عالم التكنولوجيا الحديثة.
في إطار التمثيل، هناك 3 ممثلين آخرين نالوا جوائز مختلفة: جينيفر لورنس أفضل ممثلة في فيلم كوميدي/ كوميدي موسيقيّ عن دورها في «جوي» لديفيد أو. راسل، وبْرِي لارسون أفضل ممثلة في فيلم درامي عن دورها في «غرفة» لليني أبراهامسون، وسيلفستر ستالون أفضل ممثل ثانٍ عن دوره في «كريد» لراين كووغلر. في «جوي»، هناك عودة إلى «ماساتشوستس» الأميركية في ثمانينيات القرن الـ 20، عبر شخصية أم تبتكر «ممسحة تعمل بشكل ذاتيّ». وفي «غرفة»، يروي أبراهامسون حكاية أم تعيش 7 أعوام سجينة غرفة من دون نافذة، منها 5 أعوام مع ابنها المولود إثر اعتداء جنسي عليها من سجّانها. وفي «كريد»، الحامل عنواناً فرعياً هو «ميراث روكي بالبوا»، لقاء بين روكي وابن ملاكم يُنازله في فيلادلفيا في زمن غابر.
موسم جوائز سنوية يمتدّ على مدار النصف الأول من العام 2016، ويحتفي بسينما مستمرّة في ضخّ كمّ جميل وساحر من الصُور السينمائية المختلفة.
 

«غولدن غلوب» الشاشة الصغيرة
أفضل مسلسل درامي: «السيّد روبوت». أفضل مسلسل كوميدي/ كوميدي موسيقي: «موزار في الأدغال». أفضل مسلسل قصير: «قاعة الذئب». أفضل ممثلة في مسلسل قصير: لايدي غاغا في «قصة رعب أميركية: فندق». أفضل ممثل في مسلسل قصير: «أوسكار اسحاق في «أظْهِرْ لي بطلاً». أفضل ممثلة في مسلسل درامي: تاراج بي. هنسن في «امبراطورية». أفضل ممثل في مسلسل درامي: جون هامّ في «رجل مجنون». أفضل ممثلة في مسلسل كوميدي/ كوميدي موسيقي: راشل بلووم في «حبيبة سابقة ومجنونة». أفضل ممثل في مسلسل كوميدي/ كوميدي موسيقي: غايل غارسيا برنال في «موزار في الأدغال». أفضل ممثلة في دور ثان في مسلسل قصير: مورا تييارني في «قضية». أفضل ممثل في مسلسل قصير: كريستيان سلايتر في «السيّد روبوت».

رسوم متحرّكة ومحرقة
في فئة أفلام التحريك، يفوز «داخل ـ خارج» لبيت دوكتر ورونّي دل كارمن بجائزة «غولدن غلوب» أفضل فيلم: رحلة استكشاف تقوم بها ريلي مع والدها، تتيح لها فهماً لشؤون حياتية وإنسانية واجتماعية مختلفة.
أما المحرقة، الفائزة بجائزة أفضل فيلم أجنبي، فمعقودة على «ابن شاول» للهنغاريّ لازلو نيميس: بعيداً عن كلّ صورة مباشرة للمحرقة النازية في بدايات تشرين الأول 1944، يُحاول مُعتَقَل يهودي يعمل في أفران الغاز في «أوشيفتز» دفن مراهــــق بطــــريقة دينية يهودية شرعية، فيواجه تحدّيات عديدة، ويكشـــف هول الجريمة عــبر أصوات وانفعال وحركة.