الإغتصاب.. جريمة لدقائق وأثر على مدى العمر

الإغتصاب.. جريمة لدقائق وأثر على مدى العمر

حوادث وكوارث طبيعية

الاثنين، ٣١ مارس ٢٠١٤

الاغتصاب موضوع لا يمكن مناقشته في مقال واحد، نظرًا لأهميته وخطورته من حيث الآثار المدمّرة التي تقع على الضحية، طفلاً كان أم إمرأة أم عجوزًا. ومن حيث تفاقم الأوضاع التي تضاعف نسبة انتشاره، في ظلّ غياب أي تحرّك رسمي لِسَنّ قوانين خاصّة تحمي المعتدي من نفسه وتعالج الضحية، أسوة بالدول المتمدنة التي توصلت إلى استنباط حلول قانونية وتأهيلية نفسية واجتماعية تطال المعتدي والضحية معًا.
لذلك ارتأينا الإضاءة، في هذا المقال، على أنواع الاغتصاب ودوافعه وسيكولوجية المغتصب..
تعريف الإغتصاب
الإغتصاب حالة مرضية واضطراب نفسي وعقلي في أساسه.. لا تحفّزه عاطفة أو حب ولا يكون لدى المعتدي أي مشاعر. بل هو اتصال جنسي بالقوة ومن دون موافقة الطرف الآخر يكون الهدف منه إشباع غرائز المعتدي الجنسية وعدوانيته. ما يعني أن الاغتصاب لا ينمّ عن رغبة جنسية يحاول الرجل إشباعها من خلال العملية الجنسية بالقوة.
أهدافه الإذلال.. خصوصاً أثناء الحروب
الاغتصاب هو حالة من العنف والتعدي والعدوان وليس تفريغًا جنسيًا للكبت الذي يعاني منها المعتدي. فالهدف إذن ليس جنسيًا، بل الإهانة والإذلال وتحطيم الروح المعنوية للضحية، ما يفسّر انتشار عمليات اغتصاب النساء والأطفال في الحروب من قبل الجيوش المحتلة بهدف إهانة الشعب وإذلال رجاله.
أمراض متنوّعة يفرّغها المغتصِب في ضحيّته
النوع الأول: إغتصاب القوة، وهو مخطط له مسبقًا.. وفيه يمارس المغتصِب القوة للسيطرة على الضحية والتحكّم بها. وتكون الأسباب القلق الشديد والكبت والضعف والعجز الجنسي. وفي هذا النوع يعتري المغتصِب وهْم بأن الضحية أعجبت به بسبب قوته ومهارته ما يدفعه إلى الاعتداء عليها مرة أخرى.
النوع الثاني: إغتصاب الغضب، وهو تلقائي واندفاعي وغير مخطط له. وفيه يحاول المعتدي القبض على ضحيته ليُفرّغ فيها ومن خلالها عدوانه المتراكم والمكبوت ضدّ النساء بشكل عام.
النوع الثالث: الاغتصاب السادي، الذي يجمع القوة والعدوانية معًا. وهو مخطط له بحيث يراقب المعتدي ضحيته وله خياراته في انتقاء ضحاياه. تكون أسبابه كراهية المغتصِب للمرأة وشكّه فيها. يمعن في تعذيبها جسديًا بكل قوته. فتجتاحه المتعة واللذة جرّاء الألم الذي يسبّبه للضحية والذي يحاول من خلاله الانتقام لنفسه من الألم التي سبّبته له المرأة.. وكنهاية لواقعة الاغتصاب يشعر باشمئزاز كبير، ليس من الاعتداء نفسه بل من المرأة بشكل محدّد.
النوع الرابع: يمارسه أصحاب الشخصية السايكوباتية المعروفة بعدائها للمجتمع وعدوانيته تجاهها فيأتي الاغتصاب جزءًا من سلوكهم المرضي..
هل المغتصِب ضحية أيضاً؟ لنتعرّف على سيكولوجية المغتصبين
المغتصبون هم ضحايا اعتداءات جنسية في سنّ مبكرة أو اضطهادات معنوية ونفسية، وضحايا التعنيف الجسدي إلى حدّ الادماء، ما جعلهم عدوانيين، غير اجتماعيين، عاجزين عن التحكّم في انفعالاتهم.. مشحونين بالحقد والسادية والعدوانية تجاه الآخرين نتيجة الرغبات العدوانية المكبوتة التي ولدها العنف الذي مارسه الآخرون ضدهم جسديًا ومعنويًا..
فكان الاغتصاب قناة تنفيس لكل معاناتهم من خلال إسقاط الانفعالات السلبية على شخص أضعف منهم انتقامًا لضعفهم.
وتزداد معاناتهم مع شعورهم بالحرمان العاطفي وعدم شعورهم بالاستقرار النفسي والأمن الوجودي في ظل غياب السند والحامي والمدافع عن ضعفهم لإنقاذهم من معاناتهم. ما يفسّر عدم شعورهم بالشفقة تجاه الآخرين ، خصوصاً الضحية، وعدم شعورهم بتأنيب الضمير أو الذنب.
من جهة أخرى أظهرت الأبحاث أنهم ينتمون، في الغالب، إلى مستويات اجتماعية اقتصادية ثقافية متدنية وبيئات تتسمّ بالجريمة والتفكك الاسري والكبت والاحباطات النفسية والانحرافات. وهذا ما فسّر غياب عدم إدراك المغتصب لمفاهيم الأخلاق والقيم الاجتماعية والنموذج السلوكي الاجتماعي السليم.