الشتاء تأخر… والمؤشر العلمي ينذر بأن الصقيع لن يأتي!

الشتاء تأخر… والمؤشر العلمي ينذر بأن الصقيع لن يأتي!

حوادث وكوارث طبيعية

الأحد، ٣١ ديسمبر ٢٠١٧

تأخر فصل الشتاء في لبنان ولم يشعر المواطنون القاطنون على مرتفع اقل من 1500 متر بالبرد والصقيع المتوقع في كانون، او حتى خلال عيدي الميلاد ورأس السنة. ولا شك في ان للمناخ والطبيعة مؤشرات خاصة تشرح أبعاد هذه الظاهرة، التي لم يعتد مجتمعنا عليها من خلال مقاربة بحثية وعلمية لكل من مدير البحوث في المجلس الوطني للبحوث العلمية والمتخصص في علوم المياه والمناخ الدكتور أمين شعبان والمتخصص في علوم الحشرات والغابات البروفسور نبيل نمر.

قبل عرض المقاربتين، اعتبرت بعض التحاليل العلمية اننا في حال تغيّر مناخي حاد سواء كان ذلك من خلال انخفاض كمية الهاطل المطري أو لناحية ارتفاع درجات الحرارة. واشارت الى ان البعض يعتبر ذلك حالاة مناخية كونيّة، يرى البعض الآخر ان هذه التغيّرات تنحصر في مناطق محددة وبشكل متكرر سنوياً. فأين يقع لبنان هذا البلد الصغير في هذه الدوامة الفيزيائية التي يعتبرها البعض بحجم الكارثة الطبيعية؟

سلسلة لبنان الغربية تكون حاجز مناخي يعمل على حصر كتل الهواء الباردة وتكثيفها الى أمطار وثلوج.

بين البرد والدفء
اشار شعبان الى انه “بناء على دراسات عدة قام بها منفرداً وأخرى بالتعاون مع خبراء من مختلف انحاء العالم ان لبنان، لا يزال يمر في احدى الدورات المناخية المتكررة وفي فترات زمنية ثابتة الى حد ما”. وأعتبر أنه “بمعنى آخر إن المناخ بمنظومته الطبيعية هو متغيّر، ويمر خلال السنوات المختلفة بدورات باردة وأخرى دافئة وتختلف هذه الدورات ما بين المناطق الجغرافية المتنوعة”، مشيراً الى ان “هناك دورات مناخية قصيرة الأمد وقد لا تتجاوز عشرات السنوات في حين ان هناك دورت اخرى تتغيّر عبر قرون زمنية”.

وارتكز شعبان في كلامه على “آخر دراسة قام بها مع خبراء ايطاليين تبيّن ان معظم الدورات المناخية في لبنان هي ما بين 14 و22 عاماً بحسب النماذج الرياضية التي قام بتطبيقها وبمساهمة كبيرة من الصور الفضائية”. وفي هذا السياق، قال: “نجزم اننا في مناخ متغيّر وهذا يحتاج الى فترات زمنية طويلة، بينما نحن في لبنان نشهد تقلبات مناخية (Climatic Oscillations) وتغيّرات جوية مردّها الاحتباس الحراري العالمي. وهذه التغيّرات كما نراها ونلمس آثارها الجانبية يوصفها العديد بالتغير المناخي”.

وتيرة الامطار زادت!
عرض شعبان واقع الاستنتاجات عن هذا الموضوع، مشيراً الى “انه رغم ارتفاع درجات الحرارة في لبنان بحوالى 1.6 درجة مئوية، الا ان معدل هطول الأمطار في لبنان لم يتغيّر الاّ بنسبة صغيرة جداً لا تتجاوز 5 في المئة عبر العقود الأربعة الماضية، اي انه بالمجمل لا يزال المعدل السنوي ثابتاً تقريباً الاّ ان ذلك لا ينفي تأثير التقلبات المناخية الدورية”. وتوقف عند أحد هذه التقلبات، مشيراً الى ان “كميات الهاطل المطري في لبنان اصبحت تتوزع ضمن فترات زمنية صغيرة اي ان وتيرة الأمطار زادت”. اضاف: “لنفترض هطول 50 ملم من الأمطار خلال ثلاثة أيام، في مقابل هطول الكمية نفسها خلال ثلاث ساعات. ففي الأولى تكون وتيرة الهطول منتظمة، وفي الثانية تكون وتيرة الهطول مرتفعة. وعليه ففي الهطول المطري ذي الوتيرة المرتفعة لا تكون هناك تغذية مائية معتبرة للطبقات الجوفية وتالياً الى الأنهار والينابيع ومنها تنتج السيول وارتفاع المنسوب المائي والذي يعمل بدوره على جريان المياه بسرعة باتجاه البحر”.

تغيّر الفصول … تغيير المناخ.
وشرح شعبان تقلبات أخرى، مشيراً ألى أن “ثمة ازاحة زمنية (Seasons shifting) في توقيت الفصول المناخية، إذ اننا نلاحظ ان الفصول لم تعد تأتي في اوقاتها المعتادة، مثل امتداد وقت فصل الصيف او تأخر فصل الشتاء كما هو في أيامنا هذه مع تأخر الأمطار”. وشدد على أن ثمّة تبايناً كبيراً في اختلاف درجات الحرارة ضمن أوقات زمنية قصيرة”، لافتاً الى أن “غالباً ما نمر بيوم دافئ جداً يليه يوم بادر جداً وفي غياب التدرج الجوي الطبيعي، اضافة الى انه في بعض الأحيان يصل اختلاف درجات الحرارة الى أكثر من 10 درجات خلال بضع ساعات”.
واعتبر “ان هذه التقلبات لها تأثيرات كبيرة على القطاعات المختلفة مثل المياه والزراعة، وكذلك على القطاع الاقتصادي – الاجتماعي”.

البعوض يزعج اهل بيروت!.
من ناحية أخرى، ذكر نمر أن المؤشر العلمي ينذر بأن “فترة الصقيع لن تحلّ على لبنان، ولا يمكنني تحديد المدة لتغيير هذه الواقعة. فالحشرات وخصوصاً الخنافس أو الغمدية الاجنحة أو الصراصير السوداء وسواها، ما زالت نشيطة وتتابع نمط حياة تعتمده عادة في فصل الصيف”. وتابع: “تلجأ هذه الحشرات بدءاً من تشرين الثاني الى تغيير نمط حياتها، وتعتمد على الثبات في مكان من دون حراك وتميل الى النوم، في حين ما زلنا نراها اليوم وهي تأكل وتتحرك كأن الصيف لم يرحل بعد”.
وعن الدليل الثاني، لفت نمر الى اننا “لم نعمد الى ازالة المصائد من احراج الصنوبر المولجة التقاط الحشرات”، مشيراً الى ان “هذا الامر ينذر بتفاقم اليباس في غابات الصنوبر بسبب تأخر موسم الشتاء والبرد والصقيع على مرتفع أقل من 1500 متر”.

الذباب والبعوض.
أما الدليل الثالث لتأخر الشتاء، فيعود برأيه الى “شكوى متكرّرة لسكان بيروت من وجود حشرات الذباب والبعوض”. وأمل في ان يحل موسم الشتاء متأخراً – والا تهطل الامطار لفترة وجيزة فقط- وان يأتي الفصل بأمطار غزيرة فتمتد الى فصل الربيع.