عندما يتنافس... الجنس اللطيف

عندما يتنافس... الجنس اللطيف

آدم وحواء

الاثنين، ٢٠ أبريل ٢٠١٥

تعتقد الفتاة التي تعمل في مؤسسة يديرها رجل أنّ أوضاعها المهنية والاجتماعية والنفسية ربما قد تكون أفضل فيما لو كانت تعمل في مؤسسة ترأسها أو تديرها امرأة. ولكن، بيّنت دراسة اجتماعية حديثة أنّه «عندما يتعلّق الأمر بعالم المال والأعمال والتجارة والسلطة واتخاذ القرارات الحاسمة، فإنّ المنافسة النسائية تلغي التضامن بين النساء والتكاتف بينهنّ، وتطيح بمشاعرهنّ الرقيقة وتجعل من المرأة مديرة قاسية».
وفي الحقيقة، باتت المنافسة النسائية حاضرة وبقوّة في المجال المهني، وجاءت لتلغي الصورة النمطيّة للمرأة، أيْ الأمّ الحنونة والصديقة الرقيقة والحبيبة المفعمة بمشاعر الحبّ، وتستبدلها بصورة المديرة الصلبة والمتحيّزة. وقد وصف بعض الدراسات المرأة في المجال المهني بأنّها «ذئب»، أيْ أنّها «تدافع عن موقعها بشراسة حتّى لو تطلّب ذلك أذيّة الآخرين».

قسوة النساء

من جهتها، وجدت الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي في جامعة ليون 2 أنيك هويل أنّه «بعد حصول المرأة على بعض حقوقها المدنية والاجتماعية والمهنية واحتلالها بكفاءتها المراكز الإدارية المهمّة، لم نعد نتقبّل فكرة وجود مدير ذكر يعامل الموظّفين بقسوة ويتحيّز إلى بعضهم دون الآخر، ويتحرّش جنسياً بالموظّفات».

وأوضحت في حديثها إلى موقع Ouest-France أنّه «كنّا نعتقد أيضاً أنّ المرأة ـ المديرة ستلغي المشكلات التي كانت تحدث مع المدراء الرجال والمتمثّلة بالتحيّز الجنسي والقسوة، فتبيّن أنّ المرأة أشدّ قسوة من نظيرها الرجل».

السبب... علاقة «الأم ـ الابنة»

وقد تطرّقت هويل في كتابها إلى سبب معاملة المرأة غيرها من السيّدات بقسوة ومنافستهنّ بتلك القوّة في المجال المهني، وتبيّن أنّ الأمر يعود بطريقة غير واعية إلى علاقة «الأم - الفتاة».

وأشارت إلى أنّه «عندما تحتلّ المرأة مركزاً قيادياً، فإنّ ذلك يوقظ في نفسها النزاعات الطفولية القديمة وتميل إلى معاملة الموظّفات بالسلطة التي كانت تعاملها بها والدتها في طفولتها فتوجّه لهنّ الأوامر»، موضحةً أنّه «في الوقت ذاته تحاول الموظّفات التمرّد للتحرّر من تلك السلطة التي تحيي الذكريات الطفولية، وهذا ما يخلق نزاعات مهنية يصعب حلّها».

المراكز المهمّة للرجال

وأقرّت الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي أنّه «على رغم تطوّر عمل المرأة وشغورها مراكز مهنيّة مهمّة، إلّا أنّ المناصب الكبرى تبقى من نصيب الرجال، وقليلات هنّ النساء اللواتي يتمكنّ من شغورها»، مؤكّدةً في حديثها الى موقع Femme actuelle الفرنسي أنّ «هذا ما يجعل المنافسة النسائية شرسة».

ووجدت هويل أنّ «هذه المنافسة تتخذ شكلين رئيسين، فمن النساء من يُخضعن الأصغر منهنّ سنّاً أو الأقلّ شأناً لسلطتهنّ ضماناً لتقدّمهنّ الشخصيّ. في حين إنّ نساء أخريات يعتمدن سلوكاً ذكورياً ويتكلّمن بصيغة وأسلوب ذكوريين». والهدف؟ «تحقيق القبول الاجتماعي والمهني والانفصال عن المجموعات التي اتخذت مع الزمن طابعاً دونياً».

الكراهية النسائية... حقيقية

وأكّدت العالمة النفسية - الاجتماعية في حديثها إلى Psychologies أنّ «الكراهية النسائية هي أحد عوارض متلازمة ستوكهولم، وهي موجودة بقوّة في عالم الأعمال وتترجم عبر الخضوع لسلطة الرجال من جهة والمناكفات النسائية من جهة أخرى».

وتطرّقت هويل إلى أشكالها المختلفة وأبرزها: «الغيرة والازدراء وعدم التضامن مع الغير ومعاملة النساء بقسوة، والبحث عن زملاء ذكور لا إناث».

وأوضحت أنّ «ثمة نساءً يشعرن بحاجة إلى التخلّي عن جزء من شخصياتهنّ أو نفسياتهنّ خدمةً لمصالحهنّ المهنيّة». ولم تنفِ أنّ «المنافسة الذكورية موجودة بدورها في العالم المهني، والمساندة النسائية ليست غائبة بنسبة مئة في المئة».

وختمت هويل حديثها داعيةً النساء اللواتي يطمحن إلى شغل مناصب مهنية مهمّة وضمان علاقات جيّدة مع الموظّفين إلى «عدم الاستناد إلى المشاعر عندما يتعلّق الأمر باتخاذ القرارات أو إصدار الأحكام، وبالتالي عدم السماح لعقدة أوديب الطفولية أن تفعل فعلها في المجال المهني».