الركود والملل في الحياة الزوجية- هل من بديل؟

الركود والملل في الحياة الزوجية- هل من بديل؟

آدم وحواء

الأربعاء، ١١ فبراير ٢٠١٥

الملل في الحياة الزوجية من المظاهر التي قد تصيب الكثير من الأزواج بعد فترة قد تقصر أو تطول من الحياة المشتركة. وقد يدفع هذا البعض إلى تبادل الأزواج لكن المغامرة تبقى خطيرة، وتقابل بالرفض الاجتماعي.
"بعض الأزواج يرون في الزواج نهاية لهدف العلاقة بين الطرفين"
في الصحف المحلية ومواقع الإنترنت: إعلانات تدعو الاستراليين إلى خوض تجربة الانضمام لأحد نوادي تبادل الزوجات والأزواج أو ما يعرف بتبادل شريك الحياة من أجل الجنس. ويجري الترويج لمسألة التبادل هذه على أنها وسيلة لتحريك المياه الراكدة في زواج أصابه الملل، تؤمن الترفيه والمتعة وكوسيلة مضادة للخيانة الزوجية التي من شأنها تمزيق الرباط الأسري.
إلا أن ثمن الميل لهذا الخيار قد يكون غاليا، كما تؤكد قضية قتل تنظر فيها إحدى محاكم مدينة ملبورن حاليا، حيث كلفت فكرة تبادل شركاء الحياة رجل أعمال استرالي حياته ودمرت أسرته. فقد اختفى روكفيللر (51 عاما) في كانون ثان/يناير الماضي، بعد عودته إلى ملبورن الأسترالية من رحلة عمل روتينية، وشوهدت سيارته وهي تغادر المطار، ثم اختفى.
ثم تبين للمحكمة أن الزوج المفقود كان يعيش حياة مزدوجة، فالرجل متزن ووقور، وفي نفس الوقت يهوي حياة الليل وفكرة تبادل الزوجات. وهو ما دفع روكفيللر عند خروجه من المطار، إلى قيادة سيارته ليقابل زوجين عاطلين عن العمل، كان قد التقى بهما من خلال إعلان وضعه في مجلة لتبادل شركاء الحياة. ووعد روكفيللر، وهو صديق شخصي لرئيس وزراء نيوزيلندا، الزوجين باصطحاب شريكتة معه. وأثناء الخلاف حول "الشريكة" التي لم تظهر، طرح الزوج روكفيللر أرضا، ليصاب في رأسه ويموت، وظل الزوجان يفكران طوال يومين بعد جرمهما فيما قد يفعلانه، وفي النهاية اشتريا منشارا كهربيا وأقنعة وجاروفا، وقاما بتقطيع جثة روكفيللر وأحرقوها في برميل ضخم في منزل أحد أصدقائهما.
ظاهرة يرفضها المجتمع العربي
هناك من يرى في هذه القصة نهاية بديهية لعمل لا يتقبله البعض أو الكثيرون في المجتمعات، سواء الغربية أو الشرقية أو يرفضون الكلام عنه. أما البعض الآخر فقد يراها أنها نهاية مأساوية لشخص حاول أن يشبع غرائزه. إلا أنه يمكن الاتفاق على أن فكرة تبادل الزوجات والأزواج تعد واحدة من المظاهر التي تعكس الركود والملل في الحياة الزوجية. ولعل هذه الـ"حادثة" تذكرنا بما وقع في مصر عام 2008 حيث تم ضبط شبكة لتبادل الزوجات، لتكون هذه الواقعة هي أول واقعة تثار في الرأي العام وتنكشف تفاصليها في المنطقة العربية.
كما أنه وفي إحدى القنوات اللبنانية تطرق برنامج "بدون رقابة" هذا العام إلى مسألة تبادل الزوجات حيث أبدى أحد ضيوف البرنامج على الهواء استعداده لتبادل زوجته، معلقا أن "زوجته ليست ملكه." وإذا كتبنا عبارة "تبادل الزوجات" في إحدى محركات البحث لوجدنا آلافا مؤلفة من المواقع والمنتديات التي تتطرق إلى هذه الظاهرة التي يرفضها المجتمع العربي أو يرفض التطرق إليها لأنها من الـ"تابوهات". ويرجع أحد المواقع الإلكترونية أصول ظاهرة "تبادل الأزواج" إلى عصر الجاهلية، مشيرا إلى أنها كانت تعرف آنذاك بـ"البدل" حيث يقول الرجل للرجل : "انزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي".
"شهوة الرجل في عينيه والمرأة في أذنيها"
الطبيب النفسي الدكتور مدحت عبد الهادي الإخصائي المصري في الاستشارات الزوجية يعبر في حديث خاص مع موقع دويتشه فيله عن رأيه بأن هذه الظاهرة تمثل "فكرا شاذا وإن كانت قد تكسر الملل والروتين في الحياة الزوجية. إلا أنه فكر مريض ويشير إلى غياب الحب حيث يفتقد الزوجان إلى الغيرة على بعضهما البعض لدرجة تدفعهم إلى تبادل الأزواج. ولكن فكرة تغيير الزوجة في فحواها تعني أن الرجل يريد رؤية المرأة بأشكال مختلفة سواء كانت نحيفة أو ممتلئة أو سمراء أو شقراء " وبذلك يركز عبد الهادي على فكرة أن الرجل خيالي بطبعه ويميل إلى الملل في الحياة الزوجية إذا بقيت المرأة لمدة طويلة على شكل واحد.
ويشير عبد الهادي في هذا السياق إلى أن شهوة الرجل توجد في عينيه وبالنسبة للمرأة في أذنيها، بمعنى أنها تحب سماع الكلام اللطيف والمدلل. ويرى عبد الهادي أنه إذا ما نجحت المرأة في إدراك ما يلفت نظر زوجها لأعطت لزوجها "الإيحاء بأنها الزوجة الثانية التي يبحث عنها ". أما من ناحية الرجل فيشير الدكتور مدحت عبد الهادي إلى أن الرجل عليه أن يدرك أن الزوجة بحاجة إلى "من يستمع إليها دون إبداء نصيحة أو إيجاد حل بل هي تشعر بالملل في الحياة الزوجية إذا لمست اقتضابا في تواصل الزوج معها أو أنه لا يركز في استماعه إلى ما تقوله." مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "الزوج هو المسؤول عن الخطة العامة للزواج، والزوجة هي المنفذة. كما لو أنه اقتلع شجرة(الزوجة) من مكان(بيت أهلها) لينقلها إلى مزرعته (منزل الزوجية)وعليه أن يعتني بها بطريقة صحيحة حتى تتمكن من أن تنبت وتخترق جذورها أرض مزرعته لتشعر بالانتماء."
الملل الزوجي ظاهرة طبيعية؟!
ويرى عبد الهادي أن الخيال يلعب دورا هاما في التقليل من أعراض الملل والروتين الذي قد يصاب به الأزواج بعد فترة قصيرة أو بعد بضع سنوات من الزواج. وأن على الأزواج التجديد في علاقتهم الحميمة واستخدام الخيال لمحاولة كسر الروتين الذي يعتريها. ويشير عبد الهادي إلى أن الكثير من الزيجات التي تفشل وتنتهي بالطلاق ترجع إلى عدم السعادة في العلاقة الزوجية وعدم سعي الطرفين إلى إسعاد بعضهما البعض وأن الكثير من الأزواج يرون في الزواج في حد ذاته نهاية هدف العلاقة.
ويرى عبد الهادي أن الإدراك هو الأساس في الخلق، على حد تعبيره وأن على الزوجين العمل على استثارته وتنميته. وعن خبرته في مجال العلاقات الزوجية يشير عبد الهادي إلى أن العديد من الأزواج يلجأون إلى هذا النوع من الاستشارات، في محاولة لإيجاد حلول وطرق مختلفة للخروج من الرتابة والملل الذي يصيبهم، مشيرا إلى أن الزوج يحتاج في العادة إلى تنمية الجانب الإبداعي والعاطفي خلال الاستشارة النفسية، لأنه يصعب عليه الحديث عن مشاعره وأحاسيسه، بينما يجيد التعامل مع المواضيع المنطقية والتي تعتمد على الأرقام.