هل دخلنا حقبة جديدة من العلاقات العاطفية؟

هل دخلنا حقبة جديدة من العلاقات العاطفية؟

آدم وحواء

الخميس، ٢٢ مايو ٢٠١٤

شهدت العلاقات الغرامية والعاطفية تطوّراً ملحوظاً وتغييراً جذريّاً في الآونة الاخيرة. ولم يعد الحبّ صعباً أو مستحيلاً مثلما كان في زمن «روميو وجولييت». كذلك لم يعد الحبيب مضطراً لقطع مسافات طويلة لرؤية حبيبته سرّاً، إذ اختصرت التطبيقات الهاتفية المسافات الجغرافية والنفسية. فهل دخلنا حقبة جديدة من الحبّ؟
كثيراً ما نسمع أمّهاتنا أو جَدّاتنا يردّدن على مسامعنا: «الحياة في السابق كانت أجمل، وكان طعم الحبّ ألذّ وأكثر قيمة وسموّاً، خصوصاً أنّه كان يصعب علينا لقاء الحبيب، وكنّا ننتظر قدومه سرّاً بعد خلود الأهل الى النوم لرؤيته في الخفاء».
لكنّ زمن ذلك الحبّ الرومنسي الصعب والشاق وَلّى الى غير عودة، بفضل وسائل الإتصالات والتواصل الحديثة التي قرّبت المسافات الجغرافية وأتاحت الحبّ بـ»كبسة زرّ».
فلم تقرّب التطبيقات الهاتفية المسافات الجغرافية فحسب، بل سهّلت الحبّ أيضاً إذ سرّعت العلاقات العاطفية والارتباطات الوهمية، التي قد تتخطّى الإطار الالكتروني - الخيالي يوماً لتُدخل الإنسان في عالم آخر أكثر واقعية وجدّية. فقد دخلنا إذاً حقبة جديدة من الحبّ والتعارف السهل والبسيط. فكيف يتمّ التعارف في أيامنا الحالية؟

نموذج
تدخل سالي الحانة وتسير بثبات الى مقعدها، لا تردّ على تعليقات المعجبين لأنّها ببساطة مشغولة بهاتفها الذكي وبالتطبيقات الكثيرة التي تتيح لها فرصة التواصل مع أشخاص غريبين. ترفض صداقة فادي لأنّه يكبرها سنّاً، وترفض صداقة ربيع أيضاً لأنّ صورته لم تعجبها، فيما تقبل صداقة مجد الذي أعجبها.
وفي هذه اللحظة، يقوم مجد البعيد عنها ثلاثة أميال فقط بمراسلتها، ويتّفقان على موعد غراميّ. وبهذه البساطة تدخل سالي مع مجد غمار علاقة عاطفية قد تستمرّ بعد لقائهما الاوّل أو لا تبصر النور أبداً.

مبدأ التعارف السهل
علاقة سالي ومجد هي نموذج العلاقات العاطفية الحاليّة التي يفضّلها عدد كبير من الناس المتعلّقين بهواتفهم الذكيّة التي لا تفارقهم أبداً، والذين يبحثون عن العلاقات السهلة والسريعة في ظلّ انشغالاتهم اليومية وضغوطات العمل والحياة.
وساهم إقبال الناس على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التعارف عبر الانترنت في انتشار التطبيقات الهاتفية المتخصصة بالعلاقات العاطفية بكثرة تلبيةً «لحاجات الناس ورغباتهم». وقد لاقت هذه التطبيقات ترحيب الناس لأنّها تتيح لهم فرصة اختيار الأشخاص الراغبين في بدء علاقات تواصلية وعاطفية، فلا يقبلون صداقة من لا يعجبهم أو ينهون صداقتهم بمَن يزعجهم ببساطة تامّة.

تفادياً للإحراج
وعن رأيها في التطبيقات العاطفية الجديدة، قالت فرح البالغة من العمر 28 سنة لـ»الجمهورية»: «سَهّلت عليّ التطبيقات العاطفية عبر الهاتف الذكي والانترنت فرصة التعرّف الى الأشخاص المناسبين»، موضحةً «في حال التقيتُ رجلاً في مطعم أو في إحدى السهرات وحاول مكالمتي، أشعر بالذعر إذ غالباً ما يكون تحت تأثير الكحول».
وأقرّت فرح بأنه مرّ على عدم مواعدتها أيّ رجل حوالى السنة، «وقد مللتُ من وضعي هذا، فقررتُ استخدام التطبيقات التي يتيحها الانترنت لعلّني أجد شريك حياتي». وعن فعاليّة هذه التطبيقات وصدقيّتها، قالت: «تمكّنتُ بفضل هذه التطبيقات من تخطّي خجلي ولقاء شريك حياتي، خصوصاً أنّها تقدّم معلومات شاملة عن الطرف الآخر وبعض الصور عنه، فأحدّد خياري وأقبل الصداقة أو على العكس أرفضها».

الى القفص قريباً
من جهته، أكّد كريم أنّ التطبيقات الهاتفية المتخصصة بالعلاقات العاطفية قرّبت المسافات كثيراً بينه وبين زوجته الحالية. وقال: «كنت أخشى خوض غمار علاقة عاطفية جدّية، وبينما كنت أدردِش مع احدهم مصادفةً، لفتت نظري إحدى الفتيات بجمالها، وجذبتني بالمعلومات القليلة التي دَوّنتها عن ذاتها، فوجدتُ نفسي مغرماً بها بعد فترة وشيكة».
ولا ينكر كريم أنّ هذه التطبيقات الوهمية تخبّئ في طيّاتها كثيراً من الغشّ والكذب والخداع، «ولكن مبدأها بسيط وسهل، فبعد اللقاء الاوّل إمّا يقرر الشريكان إكمال العلاقة والسير بها نحو طريق جدّي، أو وضع حدّ لها بلا تبعات سلبية».

أرقام وإحصاءات
يذكر أنّه بحسب دراسة أميركية حديثة، فإنّ 9 في المئة من الراشدين في الولايات المتّحدة الاميركية لجأوا الى التطبيقات الهاتفية والمواقع المتخصصة باللقاءات، مسجّلين بذلك ارتفاعاً بنسبة 6 في المئة عن عام 2008.
وترتفع نسبتهم الى 38 في المئة لدى فئة «العازبين الباحثين عن شريك». ويذكر ايضاً أنّ من يلجأون الى هذه التطبيقات هم الاشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و44 سنة.
وفي الختام، يبدو واضحاً أنّ الناس يُبدون ارتياحاً الى تطبيقات التعارف عبر الهاتف أو الانترنت، تماماً مثل ارتياحهم الى خدمة المصرف أو التسوّق أو حجز السفر عبر الانترنت.