لماذا تكونين باردة جنسياً؟

لماذا تكونين باردة جنسياً؟

آدم وحواء

الثلاثاء، ١٣ مايو ٢٠١٤

حالات البرودة الجنسية (Frigidité) الأكثر شيوعاً والتي تدفع النساء إلى طلب الإستشارة، هي: إمّا صعوبة كبيرة في الإحساس بالمتعة أو عدم القدرة على الشعور بها وذلك منذ بدايات حياة المرأة الجنسية؛ أو ظهور طارئ لمشكلة جنسية أو عرقلة في العمل الجنسي خلال أحداث حياتية غير إعتيادية، في ظل غياب أي معاناة سابقة من مشكلة في الوصول إلى المتعة والإحساس بها.
في حال كانت المتعة التي تشعر بها المرأة خفيفة، إذا وجدت أصلاً، يعود ذلك في معظم الأحيان إلى صدمات تعرّضت لها في طفولتها والتي أصبحت الحياة الجنسية بموجبها مرتبطة في ذهنها بالخطر وذلك على درجات مختلفة ومتفاوتة من الوعي؛ أو بسبب ثقافة وتربية عائلية أصبح من الصعب بسببها على المرأة الوصول إلى المتعة والشعور بها. ولإستعادة حياتها الجنسية المُرضية، على المرأة أن تسعى إلى تحديد مصدر المشكلة وأسبابها وأن تقبل بأن تتعلّم كيفيّة التغلّب على هذه العقبات. هذا هو ما تقوم عليه جميع العلاجات النفسيّة والجنسيّة الفردية.
أما في حالة البرودة الجنسيّة الآنيّة أو المرحليّة أو المؤقتة، فيجب بادئ ذي بدء تحديد المرحلة التي ظهرت فيها التعقيدات للمرة الاولى ومحاولة ربطها بأحداث معيّنة، إن على الصعيد المهني أو على إثر خسارة شخص قريب وحداد أو نتيجة إكتئاب لسبب ما، أو من جرّاء نزاعات وخلافات زوجية من خيانة وعلاقات غير شرعية وخلافها. ومن ثم فهم ما هو معنيّ وما هو الرابط المباشر وغير المباشر للتوصل إلى حلحلة التعقيدات وإرتباطها بالوضع النفسي الذي أوصل إلى البرودة المؤقتة.
يختلف هذا الوضع إذا كانت وحدها الصعوبات المادية البحتة تقف وراء هذا الخلل الآني، عندها هناك إحتمال كبير عند زوال ما اعتبر صعوبات مادية، أن تعود الأمور إلى سابق عهدها.

ماذا عن الأسباب الصحيّة؟
أسباب صحّية قد تقف أيضاً وراء البرودة الجنسية و خصوصاً تناول بعض أنواع العقاقير والمهدئات من مضادات الذهان (Neuroleptiques) ومضادات الإكتئاب (Antidépresseurs)... أو في حال المعاناة من أمراض مزمنة على غرار السكري أو التصلّب المتعدد (Sclérose en Plaques) التي تُرخي بثقلها على دورة الرغبة والمتعة ويكون وقعها سلبياً للغاية عليها.
من الأجدى توصيف البرودة الجنسيّة بالغياب الكلي للمتعة الجسدية أو العاطفية: فالرعشة لدى المرأة تكون عادةً مصحوبة بإنقباضات (Contractions) في المهبل، وبتنفّس مسموع وبتسارع في ضربات القلب وتوسّع في حدقة العين. وعلينا التمييز أيضاً بين الرعشة البظرية (Clitoridien) والرعشة المهبلية (Vaginal)، وهما في الواقع تتداخلان وتتكاملان.
أما البظر(Clitoris) وإن كان ليس الموطن الوحيد للرعشة، إلاّ أنه في غالبية الأحيان تقريباً نقطة انطلاقة شرارتها الأولى. ويعود ذلك أساساً إلى أن البظر يتميّز بعدد من النهايات العصبية يفوق بكثير الطبقات المخاطية المهبلية - جدار المهبل. وقد أظهر العديد من الدراسات، وخصوصاً تجارب "ماسترز وجونسون" – Masters & Johnson - التي أوافق عليها، وجود رعشة واحدة، بظريّة ومهبليّة في آن واحد.
هل من الضروري التذكير بأن أي فعل أو إحساس جنسي أو متعة، يبدأ من العقل؟
إن السعي المنهجي وراء الرعشة المهبليّة تترتّب عنه أحياناً نتائج سلبية على الحياة الجنسية للمرأة. ينتهي الأمر ببعض النساء اللواتي ينهكن أنفسهن في السعي وراء أحاسيس معاكسة لنمطهن الجنسي الطبيعي والشخصي، بالشعور بإنعدام الرغبة الذي يؤدي إلى برودة جنسيّة حقيقيّة. ولكي نفهم ماذا يحصل بشكل أفضل، علينا التمييز بين طبيعة وأصل البرودة الجنسية وبين النساء اللواتي لم يعرفن الرعشة أبداً، والنساء اللواتي لم يعدن قادرات على بلوغها.

في البرودة الأوليّة
لا تصل المرأة إلى النضج الجنسي إلاّ بعد حوالى 10 سنوات من الخبرة الجنسية، وهذا بين عمر 25 و30 سنة. وفي حالة البرودة الأوليّة، غالباً ما تقف وراءها أفكار ومعتقدات خاطئة وسلبية عن الحياة الجنسية وعن الجسد والحميميّة.
قد نجد مخاوف غير منطقية ورهابات (phobies) حسيّة، وكبتاً بسبب محرّمات تربويّة و/أو دينيّة مُكتسبة، وجهل بالإستمناء أو محظورات متنوّعة، ما يؤدي إلى غياب أي رغبة وحتى فقر في الهوّامات وركاكتها. جميع هذه العوامل تجعلنا نفقد السيطرة على مشاعرنا وعواطفنا ونتغاضى عن حماية أنفسنا.

في البرودة الثانوية النفسيّة
عدم الإكتراث بالعلاقة الجنسية جرّاء خيبة ما ذات طابع غير جنسي، بحيث أن المشاعر موجودة في بادئ الأمر وإنما نتيجة لعدم مواكبة الشق الجنسي للشق العاطفي، تخفت المشاعر العاطفية وتخسر الحياة الجنسية معناها. الشق العاطفي من العلاقة الغرامية يكون أكثر وقعاً لدى المرأة مقارنة بالرجل. والبرودة الثانوية قد تحدث بسبب التعب أو الإجهاد أو على خلفية بعض الإكتئاب أو سلوك فاشل أو غياب التحفيز.
كذلك قد تحصل إثر مشكلة مرتبطة بالجهاز التناسلي والولادة، مثل منع الحمل والإغتصاب والإجهاض المتعمد والحمل والعقم وإستئصال الرحم وإنقطاع الدورة الشهرية.
أضف إلى ذلك البرودة الناجمة عن العلاقة الزوجية: بسبب شريك غير حاذق، أو في عجلة من أمره أو لا يتمتّع بالخبرة أو بسبب مشاكل زوجية؛ في الواقع، معظم النساء لا يصلن إلى الرعشة قبل الدقيقة الثامنة على الأقل، بينما معظم الرجال يقذفون في أقل من ثلاث دقائق...
في حال مشاكل البرودة الثانوية، علينا أن نبحث عن خلل في مستويات الأوستروجين والبرولاكتين والبروجستيرون. وهنا الفحص الطبي السريري ضروري دائماً لمعرفة إن كان ثمة من خلل موضعي: إلتهاب، تقلّص في فتحة المهبل وغيرها. ووفق المسبّب يكون العلاج.
من المهم في بادئ الأمر، وضع الأسباب العضوية جانباً كالسكري، وأمراض الغدّة الدرقيّة، والأمراض القلبية الوعائيّة، والأمراض المعدية والأمراض السمية والإدمان على الكحول والمخدرات، والأدوية النفسيّة وأدوية ارتفاع الضغط، والتبغ كالنرجيلة وغيرها.
كما أن المشكلات الوظيفيّة الجنسيّة قد تندرج في إطار مرض نفسي مثل الذهان (Psychose)، والإضطراب العصبي الوظيفي (Névrose) والإكتئاب (Depression)، والتي علينا معالجتها. وفي حال كانت الاعراض النفسية هي الوحيدة المعنية، أقترح العلاج النفسي الجنسي الذي لا مفر منه.