إنتبهوا إلى كلامكم فهو إسقاط يحكي عن صراعاتكم

إنتبهوا إلى كلامكم فهو إسقاط يحكي عن صراعاتكم

آدم وحواء

الاثنين، ١١ نوفمبر ٢٠١٣

كل كلمة تُنسب إليكم عن غير وجه حقّ تكون إسقاطاً نفسياً.. فانتبهوا.
الإسقاط حيلة دفاعية لاشعورية ينسب فيها الفرد إلى الآخر عيوبه ورغباته وصراعاته وميوله وأفكاره المستمدة من خبراته الشخصية أو تلك المكبوتة التي يرفض الاعتراف بها نظراً لما تسبب له من الألم ومن المشاعر السلبية كعقدة النقص أو الشعور بالذنب أو الغيرة.
في مراقبة دقيقة لما نعايشه ونواجهه في حياتنا اليومية نقع على العديد من الأمثلة التي تمكننا من فهم مشاكل الآخرين وصراعاتهم المكبوتة وما يفكرون به تجاهنا. فالفاشل يتهم الناجح بالفشل، الكاذب لا يصدّق أحداً، والمرفوض من عائلته يتهم الآخرين بهذا الأمر، والذي يشعر بعقدة نقص تجاه حاملي الشهادات الجامعية العليا، مثلاً، يهزأ من ثقافتهl وشهادتهl... وهذا دليل على أن الشخص يرمي إلى خارجه الكثير من دونيته ومن المشاعر المؤلمة التي يكون قد كبتها طويلاً.

الإسقاط عملية هجوم دفاعي
لو تمعنّتم في ما يُكال لكم من اتهامات لوجدتم أن هذا الإسقاط هجوم لكنه غير واعٍ. وإذا كان مبدأ الهجوم هو الانقضاض على الآخر في محاولة للدفاع عن شيء ما، فهذا يعني أن الفرد يحاول الدفاع عن ذاته وحماية مشاعره من الألم الناجم عن عيوبه ونقائصه وصراعاته فيرميها إلى خارج نفسه أي إلى خارج شعوره.

وهكذا يتبين أن الإسقاط يتضمّن:
ـ الدفاع عن الذات.
ـ التبرير الذي يُعتبر كذباً على الذات عندما ينسب الفرد ما يعتري داخله إلى آخر. فالفاشل يحمّل الآخرين سبب فشله ليبرره. والخائن يحمّل زوجته مسؤوليته خيانته. والضعيف يتهم الآخر بأنهم جعلوا منه ضعيفاً.
ـ الأذى والعدوانية اللذان قد يصلان، في حالات مرضية معينة، إلى ارتكاب الفرد للجرائم أو تشويه سمعة الآخرين واتهامهم في شرفهم وعرضهم أو اتهامهم بالسرقة والاحتيال خاصة إذا كانوا ممن يفوقونه مركزاً وأهمية.

الإسقاط مرآة عقدة النقص
في تحليل لما تسمعون من كلام لا تعتقدوا بأن ذلك مجرد كلام بل فيه الكثير من الإيحاءات، إذ إن ما يُسمّى هفوات أو زلات لسان هو في الواقع أصدق معبّر عن أكثر الطبقات عمقاً في لا شعور الكائن وأكثر موضّح للصراعات النفسية.
وإذا كانت عقدة النقص في تعريف علم النفس هي شعور الفرد بوجود نقص معيّن فيه مقارنة بغيره يسبب له التوتر والشعور بالدونية، فما نراه ونسمعه في الإسقاط يؤكد على أنه ينطوي، في مسبباته الرئيسية، على عقدة النقص التي تدفع صاحبها إلى التعويض السلبي بما يُتاح له من الوسائل التي قد تصل إلى إيذاء الآخر معنوياً ونفسياً وجسدياً، أو إلى التعويض الإيجابي بتحقيق نجاحات مهمة في الحياة.
فانتبهوا إلى ما تسمعون، وحلّلوا، لتجنّبوا أنفسكم الوقوع في أفخاخ قد تُنصب لكم من أقرب المقرّبين.