العنف ضد الرجال.. والكبرياء الذكوري يحول دون كشف الظاهرة للعلن!

العنف ضد الرجال.. والكبرياء الذكوري يحول دون كشف الظاهرة للعلن!

آدم وحواء

الجمعة، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٦

لم تكن المرة الأولى التي يخرج فيها عيسى من منزله قاصداً منزل أحد أصدقائه لينام عنده بعد انتهاء المشاجرة بينه وبين زوجته، لكن الأمر الذي اختلف هذه المرة أنه قرر في صباح اليوم الثاني الخروج عن صمته، وتقديم شكوى أساسية ضد زوجته التي تمارس العنف بحقه، هذا العنف الموجود في مجتمعنا سراً، والمخفي علناً لخجل الكثير من الرجال عن البوح به حفاظاً على رجولتهم التي تُهان في كثير من الأحيان على أيدي زوجاتهم!.
لا شك في أن العنف ضد المرأة مازال موجوداً حتى يومنا هذا على الرغم من الصيحات المنادية بالقضاء عليه بعد أن تبوأت المرأة في مجتمعنا مكانة هامة، لكن الأمر الملاحظ هو ازدياد حالات العنف ضد المرأة مع التقدم العلمي والتكنولوجي الذي نعيشه، وهذا ما جعلنا نتحدث عن العنف ضدها، وما تعانيه من قسوة وإهانة من قبل الرجل بشكل دائم، ونغفل الجانب الآخر المهمّش الذي يرفض مجتمعنا، والكثير من الرجال الحديث عنه، وهو العنف ضد الرجل، هذه الظاهرة التي بدأت تطفو على السطح شيئاً فشيئاً دون سابق إنذار، ودون أن نفكر بأسبابها، ونتائجها الخطيرة على المجتمع!.

إحصائيات
وتتناول الدراسات والإحصائيات أرقاماً ليست صغيرة عن أعداد الرجال الذين يتعرّضون للعنف من زوجاتهم، فمن بين كل عشرة رجال، هناك خمسة يتعرّضون للعنف الزوجي في مجتمعنا العربي، طبعاً هذه الإحصائيات ليست دقيقة، لأن الكثير من الرجال يرفضون الاعتراف بتعنيفهم حفاظاً على كبريائهم، وخجلاً من البوح بذلك، وخوفاً من نظرة المجتمع لهم، وتتعدد صور وأشكال العنف ضد الرجل، كما هو حالها في العنف ضد المرأة، بالعنف الجسدي، والمعنوي، والنفسي، ومجتمعنا السوري يشهد حالات كثيرة لهذا العنف، لكن القليل منها ما يتم عرضه على المحاكم لتبرير حدوث الطلاق بعد استحالة استمرار الحياة الزوجية!.
ومن منا لم يسمع بتخصيص صاحب أحد الفنادق في سورية غرفة مجانية لاستضافة الرجال ممن تعرّضوا للعنف من قبل زوجاتهم، شرط أن يحمل الرجل إثباتاً لتعرّضه للعنف مثل “كدمات أو كسر، وهذا ما يؤكد وجود مثل هذه الحالات، وانتشارها في مجتمعنا، وتتعدد أشكال العنف ضد الرجل، كأن تتحكم المرأة في جوانب البيت المادية والاجتماعية والأسرية، وتتعدى هذه الحالات لتصل إلى العنف الجسدي عند اشتداد المشاحنات الكلامية، لتصل إلى عنف جسدي إذا كان يعاني الرجل من ضعف واضح في شخصيته، كذلك تقوم بعض النساء  بالاستهزاء والسّخريّة والانتقاد اللاذع لأزواجهن، وهذا ما يعتبر شكلاً من أشكال العنف اللفظي، فالكثير من النساء قد تقلّل من شأن زوجها وإهانته وإحراجه داخل البيت وخارجه.

أسباب ودوافع
ومن جهة أخرى اعترفت الدراسات أن العنف ضد الرجال في الدول المتقدمة بلغ ذروته، ذلك لأن المرأة نالت معظم حقوقها في تلك المجتمعات، وحصلت على استقلاليتها الاقتصادية، بالتالي لم تعد خاضعة للتحكم المادي للرجل، فهي على قدم المساواة مع الرجل، بل وتستطيع الاستغناء عن وجوده بجانبها، برأي الدكتورة رشا شعبان “علم اجتماع”، أما في مجتمعاتنا العربية، فإن قسماً من النساء ما زلن ربّات بيوت تابعات للرجل في كل الجوانب، بالتالي هنّ متلقيات للعنف لا مصدّرات له، ويبرز العنف ضد الرجل في أغلب الأحيان إذا كانت المرأة أعلى من مستوى الرجل في التعليم والعمل، فتُشعر زوجها بأنّه في درجة أقل  منها، وكلما استقلت المرأة اقتصادياً، كلما كانت قدرتها على تعنيف الرجل أكبر، وكلما انخفضت إمكانياتها الاقتصادية كلما قلت قدرتها على تعنيفه، وارتفعت إمكانية تعنيفها من طرف الرجل، كذلك هناك حالات من العنف ضد الرجل تحصل عندما يكون الفارق العمري بين الزوج والزوجة كبيراً، ما يجعلها متسلطة وقوية، فالرجل هنا يحرص على كسب حبها، ما يجعله خاضعاً لها متحملاً إهاناتها والتقليل من أهميته، والعنف أيّاً كان نوعه ضد المرأة أم ضد الرجل لن ينتهي إلّا عند اقتناع الزوجين بالمساواة الحقيقية بينهما مهما اختلفوا في المكانة العلمية والمادية والاجتماعية، وإلّا سيبقى أحد الطرفين ضحية للآخر حتى لو بشكل بسيط من أشكال العنف.

قانون ولكن؟
لم يتحدث القانون السوري صراحة في أي من نصوصه عن عقوبات عنف المرأة ضد الرجل، حسب ما تحدث به المحامي “أحمد خليل”، حيث اكتفى القانون بتنظيم حالات العنف المنزلي بكل أشكاله، ويعالج الضرب الموجه ضد أي من الزوجين على حد سواء، اذ يقدّر القاضي العقوبة بحسب درجة الإيذاء، ويسمح قانون الأحوال الشخصية السوري للزوجين بأن يطلبا الطلاق لعلة الشقاق والضرر، ويستطيع الزوج الضحية الذي يتعرض للضرب أن يستخدم هذه المادة ليطلب الطلاق ويعفى بالتالي من دفع المتأخر المستحق لزوجته، ولكن كرامته غالباً لا تسمح له حتى بتقديم الشكوى، وأما الزوجة، فالقانون ليس قوياً كفاية ليحميها من عنف الزوج، إذ إنها كثيراً ما تتنازل عن كل شيء مقابل الحصول على الطلاق من زوج ظالم، لكن ما لا يمكن نكرانه أن سجلات المحاكم تحتوي دعاوى يقيمها الزوج ضد الزوجة بسبب ما يعانيه من عنف.

ميس بركات