تتعدد التحفظات.. الصداقة بين الرجل والمرأة.. خطأ وذنب لايغتفر أم ثقافة اجتماعية قائمة على الثقة..

تتعدد التحفظات.. الصداقة بين الرجل والمرأة.. خطأ وذنب لايغتفر أم ثقافة اجتماعية قائمة على الثقة..

آدم وحواء

الجمعة، ٢١ أكتوبر ٢٠١٦

نمضي سنوات حياتنا ونحن نبحث عنها، وربما نتوق لإيجادها بعيداً عن المصالح المادية أكثر من شوقنا للبحث عن الحب.. هي علاقة الصداقة، فالصداقة شيء كبير ومعنى قوي لا يعرفها ويحسن تقديرها إلا القليل، فكيف إذا كان الصديق من الجنس الآخر، لاشك أن الصداقة بهذه الحال تصل إلى أرقى مستوياتها الإنسانية، ولكن وفي مجتمعنا الشرقي مازالت عبارة “لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة” تتردد على مسامعنا رافضين وجود علاقات صداقة بريئة قد تجمع بين النساء والرجال، فرغم التطور التكنولوجي الذي يشهده المجتمع واقتراب التواصل الاجتماعي بين جميع الأفراد مع بعضهم البعض، إلا أن هناك تحفظات على علاقة الرجل بالمرأة، حيث ينظر لها من الناحية الاجتماعية والدينية على أنها خطأ كبير وذنب لا يغتفر..
أفكار مغلوطة
وعلى ما يبدو فإن مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة كان ومازال محط اهتمام الكثير من الدراسات التي حاولت تفسير هذه العلاقة التي تجمع بين رجل وامرأة تحت مظلة الصداقة، ففي دراسة نشرتها منظمة الأكاديمية البرازيلية اعتمدت فيها على استطلاع أجرته مع عشرين ألف شخص حول العالم خلال أربع سنوات أظهر أن 52 % من الناس يفضلون القيم الاجتماعية التي كانت سائدة قبل الثمانينيات، في مقابل 48 % يفضلون القيم المنتشرة حالياً، وأوضحت الدراسة أن استطلاع الرأي ترافق بكثير من الجدل بين الناس حول مفاهيم عدة، مثل: الصداقة والثقة والعلاقات الاجتماعية والزوجية، لكن التركيز كان على موضوع الصداقة البريئة بين الرجل والمرأة، وبينت الدراسة أن 98 % من مؤيدي القيم الاجتماعية التي كانت سائدة قبل الثمانينيات، أكدوا أنهم لا يؤمنون على الإطلاق بالصداقة البريئة بين الرجل والمرأة، وأكد المشاركون في استطلاعات الرأي أن 88 % من حالات الصداقة بين الرجل والمرأة وصلت في مرحلة من المراحل إلى حدوث علاقة حميمة، مرة واحدة على أقل تقدير، ومنها ما تحول إلى علاقة عشق تحت ذريعة الصداقة، وأهم ما يميز هذا النوع من الصداقة بين الرجل والمرأة هو التظاهر بالصداقة أمام الآخرين، وأظهرت الدراسة أن 90 % من الذين فقدوا الثقة بالصداقة بين الرجل والمرأة، توصلوا إلى هذه القناعة بعد خيانة الأزواج مع الأصدقاء المقربين من الطرفين، أما مؤيدو علاقات الصداقة بين الرجل والمرأة فقالوا إن الخيانة يمكن أن تحدث مع أي شخص، والأمر ليس محصوراً بالخيانة مع الأصدقاء المقربين، فالمرأة المستعدة لخيانة زوجها يمكن أن تخونه مع أي رجل كان، والرجل المستعد لخيانة زوجته يمكن أن يخونها مع أي امرأة كانت..

بين الصداقة والحب
كثيرات هن الفتيات اللواتي يتساءلن عن مدى حقيقة وجود صداقة فعلية بين المرأة والرجل؟ والتساؤل ذاته يطرحه الكثير من الشبان أيضاً، هنا تنقسم الآراء وتتعدد أحياناً بحسب خبرة كل فتاة وشاب، فمن الناس من يؤمن بوجود صداقة حقيقية بين الرجل والمرأة إذ يعتبرون أن الرجل يفهم المرأة أكثر، ويقدم لها النصائح على كافة الأصعدة دون أذية على عكس الفتيات اللواتي قد يلجأن إلى تلفيق الأكاذيب أحياناً بسبب الغيرة، وهذا النوع من الصداقة يتطلب النضج والوعي الكافيين، إضافة إلى ثقة من حولهما بهما، كما أنه على الطرفين أن يميزا الخيط الرفيع بين الصداقة والحب، ففي هذه الأحوال فقط تعمر الصداقة بين المرأة والرجل وتدوم، في حين كان للبعض رأي مختلف، رافضين اقتباس أفكار ومفاهيم الغرب الصحيحة والخاطئة وتطبيقها في مجتمعنا وخاصة فيما يخص علاقة الرجل مع المرأة، فشروط علاقة الصداقة التي تجمع بين الجنسين تستوجب أموراً كثيرة لا يمكن أبداً تطبيقها في مجتمعنا، مع وجود الكثير من القيود التي تحكم مجتمعنا، وأي نوع من القيود ينفي معنى الصداقة، كما أننا كبشر نفشل في كثير من الأحيان في ضبط إيقاع مشاعرنا والتحكم فيها وتصنيفها في مكانها المناسب.
نضج ووعي
هي تفاعل روحي بامتياز وحوار عقلاني متزن، والصداقة بين الرجل والمرأة هي من أرفع مستويات الصداقة، فيها يترفع الشخصان عن الانزلاق في فخ الغرائز والرغبات، لأنه وضمن هذه العلاقة لا يخاطب الرجل المرأة كأنثى وإنما كإنسانة، محترماً كل قدراتها العقلية والعاطفية، والعكس صحيح.. ويتطلب هذا الأمر نضجاً عقلياً وروحياً، بهذه الكلمات عرفت الدكتورة رشا شعبان “علم اجتماع” مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة، مضيفة أنه وللأسف فإن الصداقة بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا الشرقية لا تتعدى حدود (الحالات) ولا تتطور إلى أرقى من ظاهرة، لأنها تحتاج إلى ثقافة ووعي عاليين، وهي ثقافة مجتمع وليس ثقافة فردية، وهذا النوع من الصداقة يشكل حافزاً لاستثارة همم وقدرات كلا الطرفين ويدفعهما إلى المثابرة، والاعتقاد السائد بأن الرجال والنساء لا يمكن أن يصبحوا أصدقاء يعود إلى الفترة الزمنية التي كانت النساء فيها تلازم المنزل، بينما يذهب الرجال للعمل، أما الآن فهم يعملون معاً، بالتالي فإن هذه النقلة الثقافية تشجع على وضع رسالة جديدة مغزاها “أن الرجال والنساء يمكن أن ينجحوا في تحقيق صداقات متينة”، وهذا حتماً يعتمد على التفاهم والتكافؤ في المستويين التعليمي والاجتماعي.

ميس بركات