بين رفضها وقبولها الإجازة الزوجية .. هروب من المشكلات أم حل تكتيكي لاستمرار العلاقة الأسرية ؟!!

بين رفضها وقبولها الإجازة الزوجية .. هروب من المشكلات أم حل تكتيكي لاستمرار العلاقة الأسرية ؟!!

آدم وحواء

الجمعة، ٨ أبريل ٢٠١٦

عندما تتجمد المشاعر وتركد مياه العاطفة وتنقطع كل جسور المودة و الرحمة بين أحباب الأمس ورفاق الطريق.. وتصبح حياتهم أشبه بروتين قاتل تشوبه التوترات والمواجهات والصراعات اليومية الممزوجة باتهامات أقلها التخوين وآخرها أبغض الحلال “الطلاق”، كل هذا يجري تحت وطأة الإيقاع السريع والتوتر للحياة الزوجية، فما السبيل للخروج من هذا الروتين القاتل وعلى من الحق على الزوج، أم على الزوجة، أم بسبب الظروف ، أم على الجميع، وهل الهروب إلى الأمام أو إلى الخلف بالطلاق  أو بتخوين الشريك، أم بالهجران، أم باستمرار الحرب الباردة وذلك أضعف الخسائر، أم في البحث عن إجازة نقاهة ؟ وهل تكون الإجازة مشتركة أم فردية؟ وهل هي ضرورية، أم أنها رفاهية يمكن الاستغناء عنها؟. سنحاول أن نجيب عن هذه الهواجس التي تغض مضجع آلاف الأسر وتنخر بنيانها بصمت من خلال سبر آراء بعض الأزواج والأكاديميين،  وكل له مبرراته ودفاعاته.
إجماع
يجمع من حاورناهم في المؤسسات العامة والخاصة حول الإجازة الزوجية بأنها فكرة رائعة ومثمرة ولا تخلو من الفوائد النفسية والعاطفية وهي فرصة لتهدئة النفوس وإعادة أيام العسل، حيث يتاح للشريكين قضاء فترة استرخاء في الأماكن التي كانت مرابع حبهما وتعارفهما الأول، وذكرياتهم الجميلة لإعادة شحن الجسد المنهك والروح المتعبة بعد أن تسرب الملل إلى حياتهم وتباعدت المسافات بينهما وشمخت أشواك الخلافات وسيطر الطلاق العاطفي على حياتهما، ولكنها لا تصلح لمنظومة أسرنا لأن الهوة شاسعة بين تطبيق الفكرة وواقع الأسرة السورية بظل الواقع المعيشي الصعب والعادات والتقاليد.
فهم مختلف
غير أن البعض كان له فهمه الخاص للإجازة الزوجية ويشرعنها وفق هواه كأن يأخذ كلا الزوجين راحة من الآخر، ويبتعد عنه لفترة قد تطول أو تقصر لأن هذا الانفصال المؤقت والمدروس والمتفق عليه يمكن أن يجدد المياه الراكدة، ويحرك المشاعر المتقرنة، ويشحن المشاعر الإيجابية تجاه الشريك وهي فرصة لمراجعة مشاكلهما بتروٍ وهدوء ودفء دون تحيز.
تجربة شخصية
من جهتها تتفرد وتجاهر المهندسة روعة بتجربتها معترفة أن الملل والفتور قد يتسرب إلى حياتنا من الحين للآخر بسبب الروتين والرتابة اليومية وضغوط العمل وهي تأخذ إجازتها إلى أهلها، وهذه الإجازة تشعرها بالرغبة في العودة إلى منزل الزوجية والحنين إلى زوجها والشجار معه  لأنه الوحيد الذي يتحملها على حد تعبيرها.
دفاع معقول
تشاطر المحامية إيناس خدام الجامع الرأي مع المهندسة روعة معتبرة أن فكرة الإجازة الزوجية ليست مستساغة في مجتمعاتنا إلا أنها مهمة لاستعادة العلاقة الزوجية عافيتها وبريقها وتصفية الذهن وشحن الطاقات وإن قبلت المرأة الإجازة إلا أنها لن تصبر على البعد وسوف تقطع إجازتها وتعود إلى أسرتها لأنها عاطفية.
وتضيف خدام: بينما يتحيز المجتمع للرجل يعطيه الحق والأفضلية ويتيح له السفر بمناسبة أو من دونها مع الأصدقاء والابتعاد عن كل مسؤولياته الأسرية، ولكن هذا الحق منزوع من المرأة، بل وإن حدث فهو عيب وعار، وأقل ما يقال فيها إنها غير أهل للمسؤولية، وقد يتهمها البعض، وحتى أقرب الناس، بأنها (دائرة على حل شعرها)، وهذا ظلم وجور بحق الأمومة!.
تضحية
تقاطعنا دون استئذان أم رائد مستنكرة فكرة “الإجازة الزوجية”، لأنها غير صائبة، فالأم لا تأخذ إجازة من أمومتها، ومهما تعبت وقدمت لزوجها وأولادها، يكفيها أن ترى الابتسامة على ثغر صغارها، وكلمة شكر ووفاء من زوجها، والحل ليس بالهروب، سواء أكانت إجازة فردية أو مشتركة، وإنما بمواجهة المشاكل، وإيجاد حلول لها، وليس بالهروب إلى الخلف نحو الحياة العزوبية، لينتهي الأخذ والرد برأي مشترك بأن الأزواج الحقيقيين لا يحتاجون إلى إجازة فردية لحل مشكلاتهم العالقة، وإنما مواجهتها عبر الحوار، وتقبل رأي الآخر، وعدم ترحيل المشاكل أو تجميدها، لأنه سوف يأتي يوم وتذوب هذه المياه المجمدة النتنة الراكدة، وتغرق الأسرة، وأول ضحاياها هم الأطفال!.
رأي الطب
ومن آراء بعض الأزواج وأصحاب التجربة التي اتصفت بالحدية والتناقض إلى رأي الطب الذي لا يعرف المحاباة، حيث يرى الطبيب النفسي همام عرفة بأن أهمية الإجازة المشتركة تأتي من كونها أشبه بالترياق بعد شجارات حادة، وقطيعة عاطفية لتهدئة النفوس، وتخفيف درجة الغضب، وبروز المشاعر الإيجابية الكامنة تجاه الشريك، والإجازة المشتركة نوع من التعويض يقدمه الزوج لزوجته اعترافاً منه بجهدها، وتعبها، وسهرها، ومتابعتها للأولاد، وأمور البيت، وتغرس اللهفة والاشتياق، وهي ليست موضة غربية، وليست دعوة صريحة للهجر، والعودة لحياة العزوبية، كما يصفها البعض، بينما فكرة الإجازة المنفصلة أو الفردية التي يروّج بها البعض، هي فكرة غريبة ودخيلة، وهي مرفوضة، وطالما الهدف من الإجازة هو إعادة المياه إلى مجاريها، وتحريك المياه المتجمدة والراكدة، فلماذا لا تكون مشتركة لتقريب العواطف ووجهات النظر، لأن الإجازة الفردية خصوصاً إذا كانت لغاية الاصطياف والسمر والسهر، فالشيطان يقبع في تفاصيلها، وتزيد الحطب في النار المتوقدة أصلاً، وأنا لا أنصح بها.
لعلم النفس رأي
ومن الطب التجريبي إلى الطب النفسي، حيث يرى الدكتور آصف يوسف “كلية التربية” أن الإجازة الزوجية، وخاصة المشتركة، تمنح الشريكين فرصة لاستعادة شهر العسل الهارب في دهاليز صعوبة الحياة اليومية، وكثرة مشاكلها وتكاليفها، وتنخر في داخلهم الطاقات الكامنة، والإجازة سواء أكانت فردية أم مشتركة، أم ضمن “كروب ” أسرية، أم زملاء عمل، يجب ألا تطول بعيداً عن الأسرة والأولاد، لأن النفس البشرية تميل وتتوق إلى مزيد من الحرية، وتطلب المزيد!.
عارف العلي