لهذا السبب يبيعون جسد المرأة

لهذا السبب يبيعون جسد المرأة

آدم وحواء

الخميس، ٤ فبراير ٢٠١٦

يُعتمد الوجه الأنثوي في غالبية الإعلانات، وتلجأ الوكالات وشركات الإعلانات إلى المرأة كعامل أساسي للتأثير في سلوك المستهلك، لدفعه إلى الشراء أو لجذبه إلى خدمة أو سلعة أو فكرة معيّنة.هل يُستغل جسد المرأة وجمالها لبيع سلعة أو خدمةٍ ما؟ لماذا أصبحت المرأة مرافقة للإعلانات سواء كانت السلعة أو الخدمة المُعلَن عنها خاصة بها أو بعيدة عن اهتماماتها؟ هل تمثّل الإعلانات قيَم المجتمع اللبناني وأخلاقه؟

جسد المرأة في الإعلانات

يشرح المدير الإبداعي سامي صعب لـ"الجمهورية"، أنّ الإعتماد على المرأة في الإعلانات لا يعتبر أمراً مغلوطاً طالما يُستخدم جسدها بشكلٍ مناسب ومتوازن لإيصال الرسالة الإعلانية. ويشير إلى أنّ هذا الموضوع يثير جدالاً ونقاشاً كبيرين، ولكلّ شخص نظرته المختلفة للأمور.

ويؤكد في هذا السياق: "لا يُستغلّ جسد المرأة في الإعلانات"، ويوضح: "من الضروري أن تُستخدم صورة المرأة حيث تستطيع خِدمةَ غَرض الدعاية للمنتج.

ويذكر أنّ هدف الإعلانات هو بيع السلع والخدمات، ولهذا يَلجأ المعلن إلى وسائل وطرق تساعده على تحقيق مبتغاه". ويضيف: "لكنني في المقابل أرفض كل ابتذال رخيص وتافه لشدّ المستهلك إلى السلعة التجارية، إذ يجب أن يكون الإعلان ذكياً ليلفت إليه ناظره".

المرأة... والغرض الإعلاني

يشدّد صعب على أنّ المرأة عنصر "جاذبية" واختيارها في الإعلان يجذب المشاهدين. ومن جهة أخرى يلقي اللوم على الفتاة التي تقبل عروضاً وأعمالاً إعلانية إيحائية مبتذلة تتناقض مع المعايير الأخلاقية، فتُفرّغها من إنسانيتها وكرامتها ولا تكمّل مفهوم المنتج.

يبحث المعلن، بحسب صعب، عن طرق تجعل المشاهد ينجذب لإعلانه من دون سواه. وبالتالي، يَعتبر استخدام المرأة في الإعلان أداةً مشرّعة للترويج لأيّة سلعة أو خدمة، ويرفض كلمة "إستغلال" المرأة في الإعلان.

وفي السياق ذاته يلفت إلى أنّ الجمعيات الخيرية تستخدم أيضاً الأطفال في الإعلانات لإثارة الشفقة في نفوس المشاهدين وحضّهم على التبرّع. كذلك، تروّج بعض الشركات لسلع معيّنة من خلال اعتماد الأطفال في الإعلان لحَضّ المرأة - الأم على شراء المنتج. فهل يعني ذلك استغلالاً؟ ومن ثم يؤكّد أنّ كل هذه الأساليب المعتمدة ليست سوى وسائل يستخدمها المعلن لتحقيق غرضه الدعائي.

ويقول: "إنّ العمل الإعلاني يشبه العمل الإعلامي، فكما يختار الإعلامي كلمات مناسبة وعناوين جذّابة للَفت انتباه القارئ وحضّه على متابعة القراءة، كذلك ينتقي المعلن الأنسَب من المعطيات والموارد".

مجتمع بلا هوية وبلا انتماء

وعمّا إذا كان يرى أنّ الإعلان هو انعكاس لقيَم المجتمع اللبناني وأفكاره أو هو مستورد من مجتمعات أخرى لها أفكارها الخاصة بها؟ يوضح: "نحن نعاني مشكلة خطيرة وهي أننا مجتمع بلا هوية وبلا انتماء، وكما توجد إعلانات تضرب المجتمع ولا تمثّل واقعه فهناك أيضاً مطاعم وأغنيات وأمور عدّة تهدّد كيان المجتمع اللبناني، كظاهرة النرجيلة مثلاً". ويختم قائلاً: "تبقى الحرية متاحة أمام كل فرد لاختيار واعتماد الإعلانات التي تتلاءم مع معتقداته وأفكاره وأهوائه... ورفض تلك التي تَخدش حياءه".

صورة المرأة الحقيقية

وعن مدى تطابق الصورة التي تُعرض عن المرأة في الإعلانات مع تلك السائدة في مجتمعنا، تؤكد الصحافية والعضو المؤسس في جمعية "في- مايل"، حياة مرشاد، لـ"الجمهورية" أنّ صورة المرأة في الإعلانات لا تشبه سوى جزء صغير من النساء في مجتمعنا (نسبة 5 في المئة).

وتلفت إلى أنّ ما تقوم به الجمعية هو إبراز الصورة الحقيقية للمرأة، والعمل على محاربة تسليعها وتنميطها في مجاليّ الإعلام والإعلان، وتغيير صورة المرأة النمطية الأكثر رواجاً كـ"دمية" مُغرية وجميلة من خلال حملات توعية خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي.

وتضيف: "إنّ عملية "تَشييء" المرأة وتحويلها وسيلة ترويج بغضّ النظر عن الإساءة لها ولكرامتها ولجسدها وشخصيتها... تزيد نسبة العنف ضدها".

"الشَكل الحلو بيبيع"

تُستغل المرأة في الإعلانات لأنه ببساطة "الشَكل الحلو بيبيع". وبالنسبة للمعلنين إنّ استخدام نساء جميلات يعدّ من أسهل الطرق لتحقيق غرضهم الإعلاني. مع العلم أنّ هذا المؤشر الخطير هو دليل على ندرة الأفكار الإبداعية، بحسب مرشاد. كذلك، تشدد على أنّ "استخدام المرأة في الإعلان هدفه الأهم هو التسويق والبيع والربح بشكل أساسي، وهذا ما يجعلنا نستنتج أنّ المعلنين ينظرون إلى المرأة كسلعة فقط".

وتصف مرشاد واقع النساء اليوم في مجتمعنا اللبناني بالسيئ، وتُلقي اللوم على عالمَيّ الإعلان والإعلام معاً لأنهما يضيئان على استخدام الصورة السلبية للمرأة.

عدم الثقة في النفس

تشير مرشاد إلى النتيجة التي خَلصت إليها دراسة أعدتها الجامعة الأميريكة، وتفيد بأنّ 60 في المئة من الفتيات اللبنانيات يعانين عدم الثقة في أنفسهنّ بسبب تَماهيهنّ مع صورة النساء في الإعلانات.

وتوضِح أنّ سبب انتشار عمليات التجميل في صفوف النساء والفتيات هو رَغبتهنّ في تقليد المرأة التي تبدو في اللوحات الإعلانية وكأنها تتصِف بالكمال. وتؤكد أنّ "هذا مؤشر خطير، وتُصاب غالبيتهنّ بخيبات أمل لأنّهنّ لا يستطعن الوصول إلى مقدار الجمال الذي تتميّز فيه فتيات الإعلانات".

ومن جانبها، تتساءل المدربة في مجال الإعلان في الجامعة اللبنانية ر. بركات: "إذا وضعنا إعلان سيارة مع امرأة مثيرة، فهل سيزداد عدد المبيعات؟ وهل سيتذكر المشاهدون أو المارّة في الشوارع نوع السيارة أو الخدمة التي تقدمها؟ أم يتذكرون الفتاة المثيرة في الإعلان"؟

وتلفت إلى أنه "ليس من المستغرب أن نجد المرأة في الإعلانات كونها تمثّل الأناقة والجمال، ونرى أنّه في كثير من الأحيان لا توضع في الإعلان من أجل منتج يخصّها". وتؤكد بركات: "طالما لا يتخطى الإعلان الأخلاق والمبادئ ويكون دور المرأة فيه مناسباً ويخدم غرض الدعاية أو الإعلان، فلا يجب أن يتمّ الاعتراض عليه".

إلى ذلك لا يمكن تعميم استغلال المرأة، لأنها تعكس في إعلانات عدّة ما هو موجود في مجتمعنا من سلوك استهلاكي وسلع وخدمات وطرق حياتية، ولكنها تبدو في إعلانات أخرى أقرَب إلى السلعة الجنسية. ويبقى الأهم إذاً أن ينتقي المشاهد ما يفيده ويؤمّن له راحته الذهنية والنفسية والجسدية.