كسر للتقاليد وضياع للصداقة.. علاقات التواصل الاجتماعي .. إبحار واضح في غياهب الأوهام وشراكات عاصفة بالإثارة

كسر للتقاليد وضياع للصداقة.. علاقات التواصل الاجتماعي .. إبحار واضح في غياهب الأوهام وشراكات عاصفة بالإثارة

آدم وحواء

الجمعة، ٤ سبتمبر ٢٠١٥

كثيرة هي الدوافع التي تقود مشاعرنا وتتحكم في سير حياتنا، ربما الوحدة أو عزلتنا المسكينة، ولعله فضولنا المجنون، كلها مبررات تدفع بعضنا نحو مواقع التواصل الاجتماعي لخوض تلك المغامرة التي قد نخاف القيام بها على أرض الواقع لنخوضها بين خيوط الشبكة العنكبوتية، بحثاً عن شريك طال انتظاره، فهناك من تخطت الثلاثين وبدأت لعنة “العانس” تلاحقها أينما ذهبت، وهناك من سرحت بخيالها لإيجاد فارس الأحلام الذي لن يأتي بعد اليوم على صهوة جواده، بل بكل بساطة عبر حسابه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي أخذت دور الخاطبة، وأصبحت خير صديق لنا منذ لحظة استيقاظنا وحتى نومنا.
ولكن هل أخطأنا في فهمنا لهذه التقنيات واستخدمناها دون تفكير؟وهل يكفي الفيس بوك أو skype وغيرها من المواقع لاختيار من نريد أن يقاسمنا حياتنا بحلوها ومرها؟

أقل تعقيداً
لن تستغرق عملية البحث عن شريك عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلا بضع دقائق، فمع انتشار صفحات خاصة بالزواج الالكتروني أصبح الأمر أقل تعقيداً، وربما هذه السرعة أو التسرع هو ما وضع الفكرة برمتها في دائرة الاتهام، ما جعل بعض أصحاب القانون يتخذون موقفاً سلبياً من هذه الطريقة في الزواج، فأهم ما ركز علية القاضي الشرعي الأول في دمشق “محمود المعراوي” أن هذا النوع من الزواج مخالف للعادات والتقاليد في بلادنا الشرقية، فالأصح أن يتعرف الطرفان على بعضهما بطريقة مباشرة لا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويضيف “المعراوي” أنه عندما يبنى الزواج على أسس صحيحة وحقيقية في الواقع، وليس على صفحة أحدهم على الفيس بوك مثلاًً، فهذا الزواج هو الأكثر ديمومة، فأغلب المعلومات التي يضعها الأشخاص على حساباتهم في هذه المواقع يغلب عليها طابع المثالية والمظاهر المبالغ فيها، فأصبح الناس يقيمون الفرد من خلال كتاباته على صفحته الشخصية، ويؤكد “المعراوي” على ضرورة الرجوع إلى العادات المتعارف عليها لأن الأسرة التي تتكون بعد أي زواج هي خلية المجتمع، وأي خلل فيها يسبب خللاً في المجتمع بالكامل، لذلك لابد من البحث عن أفضل العوامل التي تساعد في ديمومة الزواج حتى لا يكون مهدداً بالانهيار من جراء اختيارنا لشريكنا عبر هذه المواقع البعيدة عن الواقع الحقيقي.
ولا يختلف رأي المحامي “إحسان فرح” مع رأي القاضي “المعراوي” حيث يرى الأول أنه ليس من الممكن أن يكوّن الأشخاص حياة زوجية بناء على هذا النوع من التعارف عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقد تكون العنوسة وغيرها من العوامل في مجتمعنا هي السبب وراء انتشار هذا النوع من الزواج، أما عن مدة الزواج الالكتروني فيعتبر “فرح” أن مدته قد لا تتجاوز الأيام في بعض الحالات، والمسؤولية في هذه الحالة تقع على كلا الطرفين، لذلك لابد من تدخل الأهل في اتخاذ القرار المناسب.

تبريرات المجتمع
بعض من التقينا بهم وضعوا الكثير من المبررات لاندفاع بعضنا نحو الزواج الالكتروني، منهم من رأى فيه مجالاً واسعاً من الخيارات لإيجاد الشخص الذي يتوافق مع طبيعتنا ويرضي رغباتنا، وآخرون وجدوا فيه طريقاً للسفر إلى الخارج وتحقيق هذا الحلم الذي يلاحق أغلب شبابنا ويدفع بعضهم لقبول الزواج بأي فتاة من الخارج والسفر إلى حيث تقيم بعد أن تتكفل هي بكل المصاريف ليكون ممتناً لها طيلة حياته، وغيرهم ينظرون إلى هذه الطريقة أنها أحدث صيحات التكنولوجيا، وكعادتنا لاسيما في مجتمعنا العربي نركض خلف هذه الصيحة، ليس لأننا نرغب في التقدم والتطور، بل لأنها “موضة” لا أكثر، وقلة من نظروا للزواج الالكتروني على أنه خاطئ، وكان رفضهم لهذه الفكرة ناجماً عن غموضها واستخفافها بهذه الرابطة المقدسة وتحويل الزواج إلى سلعة يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.