عن المدونة ..بقلم المهندس محمد طعمة

عن المدونة ..بقلم المهندس محمد طعمة

مدونة م.محمد طعمة

الأحد، ١٣ مايو ٢٠١٢

تحت الاختبار: الألترا بوك, فئة جديدة لمستقبل متغير أم محاولة أخيرة لإنقاذ الحاسب الشخصي؟.. Acer Aspire S3
 هل قارب عصر الحاسب الشخصي على الزوال؟ هل هذا العصر الذي نعيشه هو حقاً عصر منتجات ما بعد الحاسب الشخصي؟

لا يختلف اثنان على أن السنوات القليلة الماضية قد شهدت تغيرات متسارعة طرأت على وضع سوق الحاسبات بشكل عام والحاسبات المحمولة بشكل خاص, فئات جديدة ومنتجات مستحدثة ولدت وأخرى اندثرت, ولكن الحقيقة هي إنني إذا ما سئلت بشكل شخصي عن النتاج النهائي لهذه الحقبة من التغيرات فإنني سأجيب دون تردد بأن المحصلة النهائية لم تكن بأي حال من الأحوال في صالح الحاسبات الشخصية بفئتيها المكتبية والمحمولة. والواقع أن هذا ليس مجرد رأي شخصي ولكنها الحقيقة التي تدعمها أرقام المبيعات لهذه المنتجات التي شهدت عصوراً من الازدهار والانتشار في الماضي القريب, إنها الحقيقة التي تؤكدها قدرة شركة مثل أبل على بيع جهاز لوحي مثل الآي باد بأعداد تتخطى ما استطاعت أي شركة من شركات إنتاج الحاسبات أن تحققه خلال الشهور الثلاثة الأخيرة.
ولكن يبقى السؤال, هل قارب عصر الحاسب الشخصي على الزوال؟ هل هذا العصر الذي نعيشه هو حقاً عصر منتجات ما بعد الحاسب الشخصي؟.. للأسف لا توجد لدي إجابة بسيطة أو مختصرة على هذا السؤال, فالحاسب الشخصي في تقديري في تلك اللحظة من الزمان لا يزال يحتفظ لنفسه بأهمية مطلقة ودور محوري لا يغني عنه بديل آخر من تلك الأجهزة التي تسمى بأجهزة ما بعد الحاسب الشخصي, ولكن كيف يبدو المستقبل خلال السنوات القليلة القادمة؟.. هذا ما سأحاول أن أجيبه عنه في هذه السطور عبر نظرة متعمقة في هذه الفئة الجديدة من الحاسبات الشخصية والتي تحمل اسم الألترا بوك – Ultrabook – والتي ابتدعتها إنتل مؤخراً بهدف معلن سمعته منهم مباشرة هو أن تمثل هذه الفئة الجديدة ٨٠٪ من مبيعات الحاسبات المحمولة خلال العامين إلى ثلاثة الأعوام القادمة, وبهدف آخر أراه مرأى العين هو إنقاذ سوق الحاسبات المحمولة والشخصية من الاندثار, فالحاسب المحمول لم يطرأ عليه تغيير محوري في هيئتة وما هو قادر على القيام به منذ سنوات طويلة واكتفى صانعوه بتحديثات إضافية متتالية؛ ولكن يبدو أن الوقت بالفعل قد حان لهذا التغيير الذي يعيد تعريف مفهوم الحاسب المحمول من جديد. السؤال الآن, هل ينجح الألترا بوك في القيام بهذا الدور؟
جهاز الألترا بوك الذي اختبرته هو الحاسب أسباير إس ٣ من إيسر في أعلى تجهيزاته -Acer Aspire S3 951-2634 – والتي تشمل معالج Core i7 من Intel بسرعة 1.7GHz, ذاكرة RAM بسعة 4GB, قرص صلب SSD بسعة 256GB, بطاقة رسوميات مدمجة Intel® HD Graphics 3000 ونظام صوتي Dolby® Home Theater® v4 مع اثنتين من سماعات الاستيريو المدمجة Acer 3DSonic. الحاسب مجهز ببطارية مدمجة من ثلاث خلايا توفر زمن تشغيل افتراضي يصل إلى ٧ ساعات, ويشمل من خواص الاتصال الواي فاي 802.11n والبلوتوث ٤.٠ + HS.
 البنية والتصميم:
ربما تكون هذه واحدة من أبرز التحديثات التي دخلت مؤخراً على سوق الحاسبات المحمولة التي اكتفت لعقود طويلة بتقديم تشكيلات مختلفة الألوان من الحاسبات ذات البنية البلاستيكية متعددة القطع والتي – وإن اختلفت أشكالها – لم تأتِ يوماً بجديد أو بمظهر جذاب يُشعر المشتري بفارق فعلي عن حاسبه المحمول القديم.
الجيل الجديد من أجهزة الألترا بوك من الصانعين المختلفين وصل إلى توافق فيما يتعلق بعدد من النقاط الرئيسية التي تخص التصميم والبنية وتشمل نحافة الهيكل, خفة الوزن والتصميم الجذاب الذي بات يعتمد بالأساس على المعدن كبديل عن البلاستيك. جهاز Acer Aspire S3 يستخدم الألمنيوم في بنية تصميمية متميزة من قطعة واحدة متماسكة إلى أبعد مدى, الشعور العام بالجودة يصلك من اللمسات الأولى للهيكل الخارجي ويتأكد أكثر عندما تحرك أناملك شاشة العرض لتفتحها أو تصل إلى لوحة المفاتيح. الحاسب يزن ١.٣ كيلوجرام مع توزيع متكافئ للوزن على مساحة الهيكل ما يشعرك بأنه أخف وزناً مما تنتظره.
المنافذ المتاحة هي منفذ الHDMI واثنان من منافذ الUSB تتواجد جميعها في الجهة الخلفية للجهاز بجوار منفذ الشاحن وهو اختيار يختلف الإعجاب به من شخص لآخر وإن كنت على الصعيد الشخصي أفضل المنافذ الجانبية عن الخلفية. الجانب الأيمن يضم منفذ بطاقات الذاكرة والأيسر يحتوي على منفذ توصيل سماعات الأذن أما سماعات الجهاز الرئيسية فهي موزعة على جانبي الجهة السفلى للهيكل المعدني.
 لوحة المفاتيح والتوجيه:
لوحة المفاتيح ذات الأزرار المتباعدة أصبحت هي السمة الغالبة على الحاسبات المحمولة عالية الجودة مؤخراً, والواقع هو إنني من محبي لوحة المفاتيح تلك وأجدها مريحة إلى أبعد مدى مقارنة بلوحات المفاتيح العادية. حاسب أسباير إس ٣ مزود بلوحة مفاتيح بملمس جيد، أما لوحة الماوس فهي الأخرى تم تضمينها في التصميم بطريقة سلسة دون أزرار إضافية حيث تعمل اللوحة بأكملها كزر كما تدعم اللمس المتعدد عبر تطبيق خاص تم تحميله مع النظام يمكنك من تخصيص تلك اللمسات بأكثر من إصبع للقيام بوظائف مختلفة. على الرغم من أنني كنت متفائلاً إلى مدى بعيد بمظهر الماوس باد إلا أن الأداء جاء مخيباً لآمالي, التنقل إلى أعلى وأسفل تنقصه الانسيابية والاختصارات المعتمدة على حركة أكثر من إصبع أحياناً لا يتم التعرف عليها.
 

الأداء:
التحدي الفعلي الذي واجه مفهوم إعادة تعريف الحاسب المحمول في صورة هذه الفئة الجديدة من أجهزة الـUltrabook يكمن بالأساس في تقديم حاسب محمول خفيف, نحيف, معد للحركة والتنقل لفترات طويلة ولكن دون إخلال بالأداء الذي يستطيع هذا الحاسب أن يقدمه, أو بكلمات أخرى أن يبقى هذا الجهاز المعد للحركة مزوداً بنفس تلك القدرات التي لا تخلّ بكونه حاسباً شخصياً متكاملاً.
إن أجهزة جيل ما بعد الحاسب الشخصي من أجهزة نت بوك وأجهزة لوحية وغيرها من تلك الفئات المستحدثة التي باتت تهدد عرش الحاسب الشخصي – في نظر البعض – عوّلت بالأساس على خفة الوزن وسرعة التشغيل وكونها مناسبة للحركة والتنقل مقارنة بالحاسبات المحمولة الأثقل وزناً والأكبر حجماً, ولكي يستعيد الألترا بوك هذا المجد المهدد كان لابد وأن يقترب من ميزات هذه الأجهزة الجديدة مع الحفاظ على مميزاته الرئيسية المتمثلة في الأداء, لوحة المفاتيح المريحة وشاشة العرض عالية الجودة كبيرة الحجم.
إذاً, هل نجحت أجهزة الألترا بوك في تحقيق هذه المعادلة الحرجة؟ أو هل نجح هذا الحاسب موطن الاختبار على وجه التحديد في الإجابة عن هذا السؤال؟.. في كلمة واحدة, نعم. سوف تعتمد هذه الأجيال الجديدة من الألترا بوك على عدة محاور لتحقيق توازن مُرضٍ في هذه المعادلة الصعبة, أولاً معالج متقدم مع استهلاك منخفض للطاقة وهو ما تحقق دون قيود من واقع تجربتي هنا مع المعالج Intel Core i7 2637M رباعي الأنوية, ثانياً قرص صلب سريع الاستجابة تمثل هنا في قرص SSD بسعة 256GB لا تخطئ أداءه العين يمكّن الحاسب من أن يعمل بنظام ويندوز ٧ من الانطلاق من الصفر في زمن قدره ٢٤ ثانية والعودة من وضع Hibernate في ثوانٍ معدودات فضلاً عن تشغيل لحظي لمعظم التطبيقات اليومية التقليدية.
من بين ما لفت انتباهي هو محدودية الانبعاث الحراري الناتج عن استخدام الحاسب إلى مدى بعيد وهي من بين النقاط الهامة للغاية في هذه الفئة من الحاسبات المعدة للعمل أثناء الحركة والتنقل.
 شاشة العرض والأداء الصوتي:
جهاز إيسر أسباير إس ٣ مزود بشاشة عرض CineCrystal عالية التحديد بقياس ١٣.٣ إنش بإضاءة LED, ولكن الواقع هو أن أملي قد خاب في هذا الموضع ربما بداعٍ من كوني قد رفعت من سقف توقعاتي لهذه الشاشة. شاشة العرض جيدة بشكل عام, ولكن لا تنتظر تناظراً لونياً مماثلاً لما قد تحصل عليه مع شاشة أجهزة الماك بوك برو على سبيل المثال. إلا إنه تجدر الإشارة إلى أن شدة إضاءة الشاشة جيدة جداً.
الحاسب مزود بنظام Dolby® Home Theater® v4 الصوتي المتقدم والنتيجة واضحة بجلاء ولا تحتاج إلى أذن خبيرة لتستشعرها, الصوت محيطي متميز ومن بين أفضل ما سمعت في هذه الفئة من الحاسبات المحمولة.
 البطارية:
البطارية من ٣ خلايا وهو ما تصورته أن يكون رقماً متواضعاً, نظرياً تفترض الشركة أن يصل زمن التشغيل إلى ٧ ساعات في ظروف التشغيل المثالية, من واقع التجربة حصلتُ على ما يقارب الساعات الست من استخدام الإنترنت بالأساس مع الحرص على الحد من سطوع شاشة العرض إلى أدنى مستوياتها.
الخلاصة:
أعود مرة أخرى إلى سؤال البداية محاولاً الإجابة عليه, هل قارب عصر الحاسب الشخصي على الزوال؟ هل هذا العصر الذي نعيشه هو حقاً عصر منتجات ما بعد الحاسب الشخصي؟.. نعم ربما تشير القرائن جميعها إلى أننا نعيش حالياً في عصر ما بعد الحاسب, قد يكون ذلك صحيحاً بالنظر إلى انبهار المستخدم النهائي بتلك الفئات المتنوعة من الأجهزة الجديدة من أجهزة لوحية وغيرها, ولكنني أميل إلى الاعتقاد بأن الحاسب الشخصي لا يزال محتفظاً بمكانته وإن أياً من تلك البدائل المستحدثة لا تغني عنه كلياً في الوقت الحالي ولا أظنها – وقد أكون مخطئاً – تغني عنه في المستقبل القريب.
إن فئة الUltrabook هي ذلك التطور الحتمي الذي طال انتظاره – في اعتقادي – للحاسب المحمول في صورته المألوفة, نعم ربما يكون هذا التطور قد تأخر, ولكن الألترا بوك في تصوري هو بحق مستقبل الحاسبات المحمولة. إذا كنت مقبلاً على شراء حاسب لوحي جديد في الفترة الحالية, نصيحتي لك هي إما أن تختار أحد أجهزة الألترا بوك المتوفرة بالفعل حالياً – وهي محدودة إلى حد كبير – وإما أن تنتظر قليلاً حتى تزداد خيارات الألترا بوك المتوفرة أمامك. الحاسب المحمول يعاد تقديمه, والأجيال الحالية قريباً ستُستبدل بحاسبات أكثر جمالاً, أكثر صلابة, أكثر سرعة والأهم أكثر قدرة على الحركة.
جهاز Acer Aspire S3 يثبت نفسه دون شك كخيار متميز في سوق الألترا بوك المحدود للغاية حالياً, وإذا كنت تبحث عن جهاز ألترا بوك بمواصفات متقدمة وتصميم وبنية رائعة فإن هذا المنتج يبدو كخيار جيّد. ولكن نعود لنؤكد أن هناك مواطنَ أخطأتها إيسر أفقدت الجهاز موضعه في مقدمة هذه الفئة على رأسها شاشة عرض ليست مثالية وماوس باد تنقصها الانسيابية والدقة.