عن المدونة . بقلم المهندس محمد طعمه

عن المدونة . بقلم المهندس محمد طعمه

مدونة م.محمد طعمة

الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر ٢٠١١

تحت الاختبار: الآي فون ٤ إس.. وهل يستحق الفارق؟
 
الآي فون ٤ إس/ iPhone 4S هو جيل جديد من أجيال ذلك الهاتف الذكي الذي أميل إلى الاعتقاد بأنه قد غيّر من وجه المنافسة في سوق الهواتف الذكية إلى الأبد وأسهم بطريقة أو بأخرى في خلق منافسة من نوع مختلف ومفهوم مختلف لما يمكن أن يكون عليه شكل الهاتف الذكي الذي يمكنك أن تستخدمه بصفة يومية دون أن تحتاج إلى التخلي عن سهولة الاستخدام أو واجهة الاستخدام الجذابة. ولكن السؤال الفعلي الذي يطرح نفسه هنا في ظني هو هل جاء هذا الجيل الجديد من الآي فون بشيء جديد؟ وفي أي موضع اليوم يقف الآي فون بين منافسين عتاة؟
البنية والتصميم:
ربما لو كانت هذه هي المرة الأولى التي ألقي فيها بناظري على هاتف بهذا التصميم لكنت عدت لأكرر ما قلته في مراجعتي السابقة للآي فون ٤، حين قلتها صريحة..
لا تسعفني ذاكرتي لأتذكر أنني قد وضعت بين يدي جهازاً آخر خلال السنوات القليلة الماضية وجعلني أشعر بجودة وإحكام وإتقان التصميم والخامات مثلما يجعلك الآي فون 4 تشعر حين تمسكه بين يديك.
ولكن ولمّا كان هذا التصميم قد مكث فينا ما يزيد عن العام، فإنني هنا لا أقبل أن أتخطى هذه النقطة كما يظن البعض مكتفياً بالقول بأن الهاتف يبقى على ما هو عليه، ولما كان سابقه قد أجاد في التصميم، فإن الأمر لا يستدعي مزيداً من الحديث حول هذا الأمر. اعتقادي فيما يتعلق بالتصميم والبنية يأتي مخالفاً قليلاً لهذه الرؤية، فإنني على قناعة تامة بأن شركة بحجم أبل حينما تقرر إعادة استخدام التصميم ذاته لمنتجها الجديد بعد أكثر من عام فإنها لابد وأن تقدّمه هذه المرة خالياً من النواقص بعد أن بات لديها ملايين من النماذج الإخبارية التي وُضعت في كافة ظروف التشغيل الفعلي على أرض الواقع.
 
من واقع التجربة فإنني أميل إلى الظن بأن الآي فون ٤ قد أظهر ثلاث نواقص رئيسية تتعلق بالبنية والتصميم:
- مشكلة جودة الاتصال بالشبكة أو ما اصطلح على تسميته بAntenna-gate وما نتج عنها من تبعات عديدة سابقاً.
- مشكلة زر العودة إلى الصفحة الرئيسية - Home Button - والذي عانى الكثيرون بعد فترات طويلة من الاستخدام من مستوى أقل من المتوقع من حيث جودته واعتماديته.
- البنية الزجاجية التي تبدو أقل صلابة من البنية المعدنية المعتادة في معظم منتجات أبل الأخرى.
المشكلة الأولى كانت موضعاً لكثير من البحث المتفاني من جانب مهندسي أبل وهي ما تمت معالجتها بتصميم وآلية جديدة كلياً للتنقل بين مستقبلات شبكة الهاتف وبعيداً عن التعقيد فإنه من واقع التجربة حتى اللحظة يبدو وأن هذه المشكلة قد اختفت تماماً وإن كانت جودة المكالمات الهاتفية في الآي فون بشكل عام لاتزال بعيدة عن أن تكون مثالية مقارنة بخيارات أخرى متاحة في مقدمتها الـackberry Bold  9900 على سبيل المثال. أما القضية الثانية فما استشعرته هو أن زر العودة للرئيسية قد طرأ عليه تغيير أكيد وإن كنت لا أدرى على وجه الدقة ماهيّة هذا التغيير ومدى فعاليته في زيادة جودة أداء هذا الزر واعتماديته، فما لاحظته بكل تأكيد هو أن شعورك بحركة الزر الجديد تختلف بشكل ما عن الزر ذاته المستخدم في جميع منتجات iOS الأخرى بما في ذلك أحدثها وهو الآي باد ٢، هل عالجت أبل المشكلة فعلياً؟ سؤال لن تجيب عنه إلا الأيام والشهور القادمة. البنية الزجاجية لا تزال هي السبيل الذي اتبعته أبل مع الآي فون ٤ إس وإن كنت أظن أن التغيير القادم لتصميم الآي فون سيأتي من جديد بالجهة الخلفية المعدنية إلى الآي فون في يوم من الأيام.
المساعد الشخصي/ Siri:
ربما تكون هذه الحروف الأربعة هي أحد الأسباب المباشرة التي دفعتني إلى التمهل قبل طرح هذا المقال الذي كان يمكنني أن أطرحه منذ أسبوع مضى، فتلك الميّزة الجديدة التي منعتها أبل عن مالكي الأجيال السابقة من الآي فون لتقدمها حكراً على مشتري الآي فون ٤ إس قد أثارت لديّ الكثير من الانطباعات المتناقضة. فـ "Siri" يبدو أحياناً خارق الذكاء، قادر على فهم ما تقصده، ينفذ أوامرك دون ضجر ويجيب عن أسئلتك وكأنه بحر لا ينضب من المعلومات المتشابكة ولكنه في أحيان أخرى يبدو وكأنه آلة عقيمة لا تجيد التفرقة بين الضمائر وتصرّ على أن تقدم لك واحدة من المهام التي تجيدها كبديل عن أي سؤال لا تستطيع فهمه حتى وإن انعدمت الصلة بين الاثنين.
ولكن خلاصة ما توصلت إليه من واقع هذه التجربة - التي حرصت على أن تكون وافية - هو أن Siri لا يتجاوز كونه تطبيقاً مبرمجاً للقيام بمهام محددة، إنه يمتلك الفراسة - أو لنقل قاموس متسع من الكلمات - التي تؤدي جميعها في نهاية المطاف إلى معنى واحد يرتبط بمهمة محددة يستطيع القيام بها، ولكنك ما إن تخرج عن حدود ونطاق ما يمكن لهذا التطبيق القيام به فإنه سيعود إلى كونه مجرد آلة مصمتة لا تدري ماذا تفعل دون المدخلات التي أعدت لتلقيها.
لمزيد من الإيضاح، فإن Siri أظهر قدرة كبيرة على الاستماع بشكل صحيح إلى الكلمات التي تحدثه بها - وإن كان الأمر سيختلف بكل تأكيد من شخص لآخر بحسب نطقه للحروف والكلمات بلغة إنجليزية سليمة - وتمتد هذه القدرة لتبهرك بفعاليتها في تنفيذ بعض المهام المعقدة مثل تغيير موعد اجتماع هام من يوم وساعة محددة إلى يوم وساعة أخرى وكتابة رسائل البريد الإلكتروني وإرسالها لأشخاص بعينهم والبحث عن بيانات الطقس وتغيير العملات وغيرها من المهام المعرفة مسبقاً ولكنك ما إن تخرج عن هذا السياق بعبارات قد تحمل معاني مختلفة قليلاً فإن Siri يبدو وكأنه يبحث عن كلمة واحدة بعينها من عباراتك ليأتيك بنتيجة لا تمت بصلة لما قصدته من عبارتك.
إن المفهوم بحد ذاته يبدو لي مذهلاً، ولكن التطبيق لا يزال غير مكتمل النمو والصورة لا تزال تنقصها كثير من الملامح لنرى ماثلاً أمام أعيننا هذا المساعد الشخصي التخيّلي الذي لطالما صورته لنا أفلام هوليوود عن تقنيات المستقبل الذكية.

الكاميرا:
كاميرا الآي فون ٤ إس هي الأفضل التي استخدمتها في هاتف ذكي حتى اللحظة. جودة تصوير الفيديو هي الأخرى متميزة ولكن الأكثر تميزاً في تقديري هو تلك الآلية التي يستخدمها الآي فون لتثبيت لقطات الفيديو المهتزة عند التصوير وليس المعالجة - اعتماداً على مستشعرات الوضع والحركة المزود بها الهاتف - وهي فكرة رائعة نالت إعجابي الشديد وجاءت نتائجها مثمرة في مشاهد الفيديو، فحتى وإن لم تتخلص كلياً من الاهتزازات في اللقطات المصورة فإنها تعطيك شعوراً بسلاسة حركة الكاميرا في أي مقطع فيديو تقوم بتصويره باستخدام الآي فون ٤ إس والأهم أن كل ذلك يحدث تلقائياً دون تدخل من جانبك.
السرعة والأداء.. والبطارية:
لم أشعر بفارق فعلي واضح في أداء الهاتف فيما يتعلق بتشغيل التطبيقات والألعاب المختلفة، نعم إن كل ما ينفذه الـPhone 4S من مهام يبدو لحظياً وسريعاً دون تأخير وربما إن وضعت الجيلين الحالي والماضي جنباً إلى جنب للاحظت بعض الفوارق في سرعة التعامل مع المهام والتطبيقات المختلفة ولكن الفارق ليس بهذا الفارق الشاسع، على الأقل في الوقت الحالي وفي وجود التطبيقات الحالية المعدة بالأساس لتعمل بكفاءة مع الآي فون ٤.
زمن تشغيل البطارية يبدو لي منخفضاً عن الجيل السابق ولكنني سرعان ما أدركت أن الأمر لا يتعلق بسعة بطارية الهاتف الجديد أو استهلاكه من الطاقة بقدر ما هو مرتبط باستغلال تلك المزايا الجديدة المتاحة أمامك وفي مقدمتها Siri والخواص والتطبيقات الجديدة المعتمدة على تحديد المكان والتي يبدو أنها الأكثر شراهة لاستنزاف الطاقة.
 
الخلاصة:
من السهل أن أقول إنني حتى هذه اللحظة لم أجد مثل هذا الهاتف الذكي الذي أستريح لاستخدامه بقدر ما أشعر مع الآي فون، وهي حقيقة فعلية جعلت هذا المكان موطناً لتغطية ومراجعة كل عام لجيل جديد من أجيال الآي فون الذي لم تنقطع أبل عن تقديمه بهذا النحو المنتظم على مدى السنوات الماضية. بكل تأكيد الآي فون ليس هاتفاً متكاملاً، وتملؤني ثقة بأنه مثله في ذلك مثل أي منتج استهلاكي آخر تحفل جوانبه بنواقص كنت أتمنى أن أراها مكتملة ولكنني أعلم علم اليقين أن هذا اليوم الذي نرى فيه المنتج الكامل الذي لا تدركه الأخطاء لن يأتي.
في اعتقادي فإن الآي فون ٤ إس يُبقي على الآي فون في قائمة قصيرة تضم أفضل الهواتف الذكية التي يمكنك أن تقتنيها اليوم، ولكن الواقع هو إنه لو أتاحت أبل خاصية Siri لمستخدمي الآي فون ٤ - وهو ما أظنه قراراً تجارياً بحتاً - لما تجاوز هذا الجيل الجديد كونه تحديثاً للمواصفات الفنية لهذا الهاتف المحكم. إنني لا أرى كون الآي فون ٤ إس مجرد تحديث للمواصفات الفنية بالأمر الذي ينتقص من قيمته، فعالم الهواتف الذكية ينمو بسرعة هائلة ولا يمكن لمن يتعامل مع هذا السوق بجدية أن يتحمّل تأخر منتجه عن الركب على صعيد هذه المواصفات الفنية، كما أنني أظن أن الأيام القليلة القادمة ستحمل معها فارقاً كبيراً جديداً يتمثل في تطبيقات أكثر قدرة قد لا تأتي متوافقة مع أجيال سابقة من الآي فون ولكن تبقى الحقيقة بأن من لا يعبأ لأمر التطبيقات والكاميرا الرقمية المثالية يستطيع أن يحتفظ بهاتف من الجيل الماضي لعام آخر دون أن يشعر بأنه قد تأخر عن الركب بأي حال.