الحرب على اليمن: الرياض تبحث "المناطق الآمنة"

الحرب على اليمن: الرياض تبحث "المناطق الآمنة"

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٤ مايو ٢٠١٥

أعلنت السعودية اليوم الاثنين، أنها تفكر في التشاور مع شركائها العرب في "التحالف" الذي يشن حرباً على اليمن، لإيجاد مناطق آمنة في هذا البلد الذي يرزح منذ 26 آذار الماضي، تحت وطأة ضربات جوية مكثفة أدت إلى وضع إنساني كارثي، وذلك من خلال وقف الغارات عليها تسهيلاً لنقل المساعدات، في ما يبدو أنه استجابة لضغوط دولية متصاعدة للوصول إلى هدنة، وفي مؤشر على أن "عاصفة الحزم" مشروع حرب طويلة أدخلت اليمن في صراع الاقتتال الداخلي.

والمطلب بهدنة في اليمن لم يقتصر على المنظمات الدولية فقط، بل بات ملحاً حتى من قبل واشنطن وباريس، الحليفتان الرئيسيتان لدول الخليج في "عاصفة الحزم"، واللتان خصصتا الرياض بزياتين هذا الأسبوع، الأولى للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يشارك في قمة "مجلس التعاون الخليجي"، والثانية لوزير الخارجي الأميركي جون كيري، الذي سيكون الشأن اليمني في صلب مباحثاته الأربعاء في العاصمة السعودية، وفي باريس خلال اجتماع لوزراء خارجية المجلس قبل لقاء مرتقب لزعمائهم مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في كامب ديفيد في 14 من الشهر الحالي.

وفي أول تصريح له يتعلق باليمن بعد تعيينه وزيراً للخارجية السعودية، "بشر" عادل الجبير اليوم أن بلاده "تتشاور مع شركائها في التحالف العربي لوقف ضرب بعض المناطق في اليمن، بهدف إفساح المجال أمام نقل المساعدات الإنسانية".
وإذا كان الوزير السعودي أكد في بيان أن الرياض "بصدد التشاور مع أعضاء التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن"، من دون تقديم المزيد من التفاصيل، بعد فشل القصف الجوي منذ أكثر من شهر في تحقيق الهدف المتمثل بعودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى اليمن، أعلن الجبير أن بلاده ستناقش أيضاً العمل لـ"إيجاد مناطق يمنية محددة لإيصال المساعدات الإنسانية، يتم فيها وقف العمليات الجوية كافة وفي أوقات محددة، للسماح بإيصال هذه المساعدات".
وحذر الجبير الحوثيين من "استغلال وقف العمليات الجوية في هذه المناطق، أو منع وصول المساعدات إليها، أو محاولة استغلالها لتحقيق مآربهم"، مؤكداً أن "السعودية سوف تتعامل مع أي انتهاكات باستئناف القصف الجوي لأي تحركات عدوانية تعيق هذه الجهود الإنسانية".
وقال أيضاً أن السعودية "تعتزم إنشاء مركز موحد على أراضيها مهمته تنسيق كافة جهود تقديم المساعدات بين الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية المعنية، والدول الراغبة في تقديم المساعدات للشعب اليمني، بما في ذلك تمكين الأمم المتحدة من إيصال المساعدات"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السعودية "واس".

وستكون الأوضاع في اليمن في صلب محادثات قادة دول مجلس التعاون الخليجي أثناء اجتماعهم غداً في الرياض بحضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كما سيتم التطرق إلى الأزمة اليمنية خلال زيارة يقوم بها وزير الخارجية الأميركي إلى السعودية الأربعاء والخميس المقبلين.
في هذا الوقت، يطرح العديد من المراقبين تساؤلات عما إذا كان "التحالف العربي" سيتمكن من إعادة "السلطة الشرعية" لهادي، في ظل صعوبة تدخل بري.

وفي هذا الشأن، يؤكد مطلعون أن وصول عشرات الجنود من دول "التحالف" أمس إلى عدن بشكل خفي يبدو وكأنه لسد الحاجة إلى تنظيم صفوف المسلحين المؤيدين لهادي بشكل أفضل نظراً لعدم تمكنهم حتى الآن من الوقوف في وجه تقدم جماعة "أنصار الله" في كبرى مدن الجنوب.
وقال خبير في الشؤون العسكرية في عدن إن "اللجان الشعبية" الموالية لهادي ومجموعات أخرى "تفتقد إلى الخبرة والقيادة"، معتبراً أن "الدعم الجوي الذي يقدمه التحالف ليس كافياً، إذا كان التنظيم غائباً على الأرض".
في المقابل، فان الحوثيين يتمتعون بخبرة قتالية عالية، وهم "أيديولوجيون تربوا على بيئة الحروب"، بحسب المحلل السياسي اليمني ماجد المذحدي.

من جهة أخرى، وفي آخر المناشدات الإنسانية إلحاحاً بالنسبة للوضع في اليمن، وجهت منظمة "العمل ضد الجوع" الفرنسية اليوم نداء إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لاغتنام مناسبة زيارته إلى الرياض للدعوة إلى وقف الأعمال العدوانية في اليمن ورفع الحصار الذي يحول دون توزيع المساعدات على المدنيين.
وأضافت المنظمة في بيان أنه "بمواجهة الكارثة، هناك واجب إنساني يجب أن يسمو فوق أي أهداف سياسية أو عسكرية".

ولكن الدول الكبرى، الذي لبعضها دور كبير في الحرب، تبدو غير ملتفتة للكارثة اليمنية، بل تذهب بعيداً في الدفاع عن السلاح الذي تزود به السعودية في حربها.

هكذا، دافعت واشنطن أمس عن تزويدها الرياض بذخائر عنقودية، وذلك بعد إعلان منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن التحالف الذي تقوده السعودية استخدم هذه الذخائر في غاراته الجوية.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إن "الولايات المتحدة تصنع ذخائر عنقودية تحترم الشرط الصارم بالانفجار بشكل شبه كامل"، مؤكداً أن نسبة القنابل الصغيرة التي قد لا تنفجر في هذا النوع من الذخائر تقل عن واحد في المئة".
وتحتوي القنبلة العنقودية الواحدة على عشرات القنابل الصغيرة التي في حال لم تنفجر جميعها فور ارتطامها بالأرض، تصبح أشبه بألغام يمكن أن تقتل أو تشوه أشخاصاً مدنيين حتى بعد مرور وقت طويل على سقوطها.
وكانت المنظمة غير الحكومية التي تدافع عن حقوق الإنسان أكدت في بيان وجود صور ومقاطع فيديو وغيرها من الأدلة التي تؤكد استخدام ذخائر عنقودية من صنع أميركي في الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف خلال الأسابيع الأخيرة على محافظة صعدة.

لكن المسؤول العسكري الأميركي شدد على أن واشنطن لا تزود أي دولة بذخائر عنقودية، إلا بعد أن تلتزم هذه الدولة بـ"أن ينحصر استخدام الذخائر العنقودية بأهداف عسكرية محددة بوضوح، وان لا يتم استخدامها في مناطق معروف أن فيها مدنيين أو يقطنها في العادة مدنيون"، معتبراً ذلك "عنصراً حاسماً في السياسة الأميركية التي ترعى تصدير القنابل العنقودية".
وأكد المسؤول في البنتاغون أن الولايات المتحدة "تأخذ على محمل الجد كل المعلومات المتعلقة بسقوط قتلى مدنيين في الأعمال الحربية الجارية في اليمن، داعيا "كل الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني واخذ كل الإجراءات المتاحة للحد بأكبر قدر ممكن من إلحاق الضرر بالمدنيين".

إلى ذلك، وفي الوقت التي كثف "التحالف" من غاراته على مطارات وموانئ اليمن في اليومين الأخيرين، يبدو أن الاستياء الشعبي من ممارسات تنظيم "القاعدة" في محافظة حضرموت التي سيطر علهيا بدأ يخرج عن صمته، إذ تظاهر مئات السكان في المكلا مساء أمس ضد التنظيم المتطرف.

وانطلقت التظاهرة من أحد المساجد بعدما حاول احد عناصر "القاعدة" الاعتداء على إمام المسجد خلال صلاة العشاء، وفقا لمصادر سكانية.
وأكد أحد المشاركين في التظاهرة أنه "لن نتوقف عن الاحتجاجات للمطالبة بخروجهم فقد بدأوا يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا ولا يمكن ان نسكت عن ذلك".
وفضلا عن الحواجز العديدة للتدقيق والتفتيش، يطلب "القاعدة" من السكان إحالة خلافاتهم إلى "محاكمه الشرعية"، كما يسعى إلى فرض أئمته على كافة المساجد في المدينة.