برغم دعمها للإرهاب.. الحرب آخر الخيارات الأمريكية في سورية

برغم دعمها للإرهاب.. الحرب آخر الخيارات الأمريكية في سورية

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٣ مايو ٢٠١٥

بعد أن كان رئيس الائتلاف المعارض «خالد الخوجة» قد ألمح للعالم في تصريحاته، أنه لمس خلال تواجده في واشنطن قبول أمريكي بإنشاء المناطق الآمنة وفق وجهة نظر الائتلاف المرتبط بالميليشيات المسلحة في الداخل السوري، خرج نائب المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جيف راثك ليقول إن "إقامة مناطق عازلة أو حظر طيران فوق سوريا ستنجم عنه تحديات كبيرة عسكرية وإنسانية ومالية"، موضحاً أن "هذا الأمر يتطلب إعادة نظر في إطار السياسة الأمريكية حيال سوريا".

حديث المسؤول الأمريكي يوحي أن واشنطن لا تريد التورط بنار حرب حالياً في الداخل السوري، فالوضع السياسي في حسابات السياسة الداخلية الأمريكية ينفي ذهاب الإدارة الأمريكية نحو مثل هذا القرار، فالسباق الرئاسي في الولايات المتحدة بدء، وللوبي اليهودي حظوره في مؤشرات الأصوات، وبالتالي فإن أياً من الحزبين "الجمهوري والديمقراطي" لن يذهب نحو المغامرة بأمن إسرائيل، وبالتالي خسارة الانتخابات القادمة، وعلى ذلك يمكن اعتبار أن محاولات توريط أوباما من قبل الجمهوريين بقرار حرب تأتي في إطار السعي لإسقاط الديمقراطيين في هوة انتخابية شاسعة، فالثابت إن أي تدخل عسكري في سوريا، سيجر على الكيان الإسرائيلي حرباً غير محسوبة النتائج بسبب جهل الكيان بمعطيات الواقع الذي سيكون، لكن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن "الجليل الأعلى" سيكون هدفاً سهلاً لمقاتلي حزب الله، كما إن التقديرات الإسرائيلية تقول أن أي حرب مع أي من أطراف محور المقاومة ستكون بدايتها بسيل صاروخي يقدر بـ 3 آلاف صاروخ إيراني على المقرات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة ككل، كما إن السيل الصاروخي الأول من الجانب السوري سيكون نحو ألفي صاروخ متعددة المدى على الكيان ومقراته الحربية، كما إن الصواريخ القصيرة المدى التي سيطلقها حزب الله هي الشبح الذي يرعب إسرائيل نتيجة للفشل الذريع لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية ضد هذا النوع من الصواريخ والمعروفة باسم "القبة الحديدية"، والتي سقطت في الحرب على غزة في هوة كبيرة أمام صواريخ الفصائل الفلسطينية الغزاوية.

في يقين المعطيات إن الهجوم على المناطق الشمالية يأتي في محاولة للوصول إلى تقسيم سوريا عبر الحلول السياسية التي يمكن طرحها على غرار المشروع الذي طرح في الكونغرس الأمريكي الرامي للتعامل مع مكونات العراق كلاً على حدا باعتباره دولة مستقلة، وبالتالي، كان لابد للمحور التركي القطري، من التقارب مع السعودية لنقل جزء من قدرات جبهة النصرة الجهادية إلى الشمال والعمل على تعزيز الصراع في تلك المنطقة، وارتكاب مجازر بحق المدنيين على غرار "اشتبرق - جسر الشغور" من أجل تصوير الأمر على إنه احتقان طائفي وحرب دينية، إلا أن المشهد السوري لا يحتمل الكثير من هذا التأويل، فالسوريين ينظرون إلى الحرب على إنها حرب ضد الفصائل الجهادية المرتبطة بالدول الخارجية لضرب الدولة السورية، في حين أن الدول المشغلة للإرهاب تجهد لخرق النسيج الاجتماعي السوري بهذه المجازر، أو من خلال جرائم مصورة على غرار قتل الشهيد "حمزة العليان"، وعلى ذلك يعتمد مشغولو الإرهاب على هذه الورقة للذهاب إلى قمة "كامب ديفيد" لطرح مشروع الحرب، لكن أوباما لن يوافق، بل سيقدم تطمينات لحلفاءه الخليجيين والأتراك بالإبقاء على الصراع في سوريا ما أمكن، والإبقاء على الموقف الأمريكي نفسه من الأزمة السورية، ويمكن تفسير دعوة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا على إنها التوجيه الأمريكي نحو ضرب المبادرة الروسية المتمثلة بمنتدى موسكو.

في كامب ديفيد سيكون النقاش مركزاً من قبل الخليجيين على ضرب الدولة السورية وإقامة منطقة حضر طيران أو مناطق عازلة، لكن الرد الأمريكي سيكون مكتفياً بالتدريب والذي تشير الحكومتين الأمريكية والتركية إلى أنه سيكون قريب جداً، لكن هذا التدريب في واقع الأمر هو حالة قائمة في تركيا والأردن ومناطق الجولان السوري المحتل، بالتالي ما الجديد الذي تقدمه واشنطن وأنقرة في إعلانهما الجديد سوى إنها ترسل إلى موسكو برسائل باردة في تصعيد الصراع معها، وعلى ذلك فإن المطلوب من قبل أمريكا أن تقدم الحكومة الروسية بعض من التنازلات مقابل الملف السوري، وذلك بكون إن إنهاء هذا الملف أصبح مطلباً ملحاً من قبل الدول الأوروبية التي تتزايد لديها المخاوف من ارتداد الجهاديين إليها، وإن كانت وسائل الإعلام الأوروبية تركز على اللقاء بالرئيس الأسد خلال الفترة الأخيرة لنقل وجهة نظره إلى المجتمع الأوروبي حيال العلاقة مع القارة العجوز والتعاون في مكافحة الإرهاب، فإن ذلك يدلل على تغير المزاج العام الأوروبي من الأزمة السورية مع ترهل اقتصاديات العديد من دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لابد من الوصول إلى نقطة النهاية والعودة إلى العلاقة الجيدة مع واحدة من أهم الدول المسيطرة على طرق نقل الطاقة، إضافة إلى ما تحتويه أصلا سوريا من ملفات اقتصادية هامة وحيوية للأوروبيين خصوصاً النفط والغاز، لكن الأساس في حسابات الأوروبين هو محاولة الحلحلة مع روسيا في الملف السوري مقابل بعض المرونة الروسية في الملف الأوكراني لتتمكن الدول الأوروبية من إقناع الحكومة الأمريكية بضرورة إنهاء الملف الأوكراني هو الآخر، بكونه من أعقد الملفات المعرقلة لخروج أوروبا من أزمتها الاقتصادية.

كل ما تقدم يفضي إلى أن خيار الحرب على سوريا غير مطروح أو مقبول من قبل الحكومة الأمريكية، ولامن قبل الشركاء الأوروبين لها، وعلى ذلك فإن الكيان الإسرائيلي وإن كان مستفيدا من تقسيم سوريا، إلا أنه يخشى من المواجهة المباشرة حتى مع وجود الإستفزازات الإسرائيلية لجر سوريا نحو الحرب، ولعل هذه الحماقات الفردية من قبل نتنياهو، هي السبب الرئيس في إسقاط حكومته السابقة، لذا يفكر الجميع حالياً فيما عدا "السعودية - قطر - تركيا" بأن الحل الامثل هو استنزاف الدولة السورية من خلال الإرهاب، في حين أن خيار الحرب هو آخر خيارات العالم في سوريا.