مُكافحة الوهابيّة مسؤوليّة عالميّة

مُكافحة الوهابيّة مسؤوليّة عالميّة

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٧ أبريل ٢٠١٥

حنا ايوب
يخطىء من يعتقد أن انتشار التطرف والارهاب في العالم سببه الفقر والحرمان والاستبداد والطغيان فقط، إذ اثبتت الايام والأحداث ان عدداً كبيراً من الارهابيين في العالم، لم يأتوا من بيئة فقيرة او محرومة، بل كانوا يعيشون في مجتمعات متحضرة، حيث تؤمن لهم جميع الخدمات الاجتماعية والاستشفائية والتعليمية. بالطبع نحن نتحدث عن ارهاب الجماعات الدينية، وخصوصاً تلك المرتبطة بالحركات الاسلامية المتطرفة العنيفة. اذ نجحت هذه الحركات والمجموعات في جذب شباب يعيشون في مجتمعات متحضرة كأوروبا واستراليا والولايات المتحدة، رغم ان هؤلاء الشباب يؤمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم في تلك البلاد.
اذن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة هو: اذا لم يكن الحرمان والفقر او الاستبداد والطغيان سبباً لهؤلاء للالتحاق بتنظيمات كـ «داعش» وبوكوحرام وغيرهما من الجماعات الارهابية الدينية، فما هي الاسباب الكامنة وراء هذا الحراك العالمي للانضمام الى هذه التنظيمات ؟
ـ الدور السعودي في نشأة الحركات المتطرفة ـ
تحاول السعودية منذ أكثر من نصف قرن تطبيع الشعوب الاسلامية السنية عبر العالم ثقافياً، وذلك عبر نشر العقيدة الوهابية بقوة المال الآتية من النفط، من خلال بناء نظام المدارس الدينية التي تنشر الفكر الوهابي في كل اصقاع الارض وحيثما وجدت شعوب اعتنقت الاسلام ديناً لها. وحتى الآن نجحت السعودية في التأثير في كثير من المجتمعات المسلمة عبر العالم، بدءاً من دول آسيا الاسلامية كماليزيا واندونيسيا، مروراً بافغانستان وباكستان والاقليات الدينية المسلمة في روسيا الاتحادية، وصولاً الى المشرق العربي وشمال افريقيا.
كما أن السعودية أرست قواعد جديدة للوهابية في دول تعتبر المجتمعات المسلمة فيها اقلية، كدول أوروبية ودول آسيوية كسيريلانكا على سبيل المثال، حيث دعمت السعودية المدارس الدينية الوهابية لنشر فكرها لدى المسلمين المسالمين والذين يشكلون 9% فقط من الشعب السريلانكي، فكان من نتيجته نشوء جماعة التاميل الارهابية وهو خير نموذج على نشر الفكر الوهابي في العالم.
ـ النتائج العملية لنشر الوهابية ـ
بعد نجاح الوهابيين في نشر فكرهم التكفيري والمدمر للمجتمعات في اصقاع الأرض، بدأ العالم اليوم يحصد النتاج العملي لانتشار الوهابية في العالم حيث يأتي المئات لا بل الآلاف من أمم العالم ليقاتلوا تحت راية القاعدة و«داعش» وبوكوحرام بهدف الغاء الآخر المختلف دينياً او مذهبياً او حتى فكرياً داخل المذهب نفسه.
فلا يجب ان يتفاجأ الغرب عندما يلتحق آلاف المقاتلين من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة للقتال في صفوف «داعش» في العراق وفي سوريا، رغم ان هؤلاء ينعمون بالخدمات التي تؤمنها مؤسساته لهم، فان هذا النهج هو نتاج سماحه بدخول اموال طائلة الى بلاده على مدى عقود تحت ستار دعم المسلمين و بناء الجوامع والمدارس لهم غير ان الهدف كان نشر الفكر الوهابي.
وهنا نتساءل، هل ان مراكز القرار في الغرب ومراكز الدراسات لديه لم تتوقع ان السماح للسعودية بنشر الفكر الوهابي في بلادهم سيوصل الى هذه النتيجة الوخيمة؟ ام ان هنالك مصلحة دفينة واستراتيجية للغرب بالسماح لهذا الفكر والمجموعات بالانتشار والنمو؟
لا شك في ان دول القرار يجب ان تعيد النظر في سياساتها واستراتيجياتها في العالم الاسلامي، بغية معالجة هذه الموجة الجارفة من الحركات المتطرفة الاسلامية التي اصبحت تهدد امن المجتمعات، لا بل الأمن العالمي في ظل قدراتها المتصاعدة والإمكانات المادية الهائلة التي تؤمن لها.
في الخلاصة، إن هذا الوضع يجب أن يدفع بمراكز القرار في العالم الى اعادة النظر في دعمهم للنظام السعودي وحمايتهم له، لا بل على العالم الغربي خصوصاً ان يسأل نفسه، اذا كان يجوز لعائلة واحدة مرتبطة بعقيدة دينية متطرفة وتدميرية أن تتحكم بهذا المقدور من القوة النفطية التي تشكل لها الداعم الاساس لنشر فكرها التكفيري؟