الحوار اليمني كرة نار يتقاذفها الجميع.. والغارات تتواصل

الحوار اليمني كرة نار يتقاذفها الجميع.. والغارات تتواصل

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٥ أبريل ٢٠١٥

في ضوء عدم وجود مؤشّرات لحلّ سياسيّ قريب، سعى الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، يوم أمس، إلى طرح نفسه كجزء من الحلّ، بعد دعوته جماعة «أنصار الله» إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي والانسحاب من جميع المحافظات، في وقتٍ لا يبدو واضحاً كيف ستترجم هذه الخطوة على الأرض، خصوصاً أنّ السعودية تواصل غاراتها على اليمن في إطار ما تسميه «إعادة الأمل».
وبينما ترفض سلطة الرئيس عبد ربه هادي منصور، المقيم في الرياض، الحوار مع علي عبدالله صالح وتطالب جماعة «أنصار الله» بتسليم أسلحتها، تقول «أنصار الله» إن هادي فقد شرعيته، ولن تذهب الى حوار في ظل استمرار الحرب السعودية.
وفي مؤشّر خطير، نشر تنظيم «داعش»، الذي ظهر في اليمن بعد تبنيه تفجيرات مسجدي بدر والحشوش في العاصمة صنعاء في آذار الماضي، لقطات فيديو بعنوان «ولاية صنعاء»، قال إنّها في اليمن، تُظهر مقاتلين تابعين للتنظيم، يقومون بتدريبات عسكرية، ويتعهدون بمهاجمة الحوثيين.
ويظهر في الفيديو، الذي نشر مساء أمس الأول، قائد مجموعة تابعة لـ«داعش» يتوعّد «بذبح» الحوثيين، ويدعو كل المتشددين إلى الزحف إلى اليمن لإقامة «دولة الخلافة»، حيث يبدو أنّ التنظيم، وكما كان متوقعاً، تمكّن من الاستفادة من الفوضى التي خلقتها الحرب ليوسّع نشاطاته في البلاد.
وفيما يحظى احتمال إجراء حوار ـ بإشراف أمميّ ـ لإنهاء الأزمة في اليمن، بترحيب من قبل جميع الأطراف، لا يوجد أيّ اتّفاق بشأن كيفية إجراء تلك المفاوضات، في ظلّ استمرار الضربات الجوية السعودية في إطار المرحلة الثانية من الحرب بعنوان «إعادة الأمل».
وجرى في الأيام الماضية تداول اقتراح نُسب إلى سلطنة عُمان، يشترط أن يظلّ عبد ربه منصور هادي وحكومته في مناصبهم. وينص الاقتراح على الطلب من جميع الأطراف الاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في وقت قريب، فيما تُعالَج الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، من خلال المساعدات الدولية والاستثمارات.
وفي وقت تؤكّد فيه الحكومة «الشرعية»، أنّها لن تجري محادثات، إلّا بعد انسحاب «أنصار الله» من المدن التي سيطرت عليها، تقول الجماعة إنّها لن تجري محادثات إلّا إذا توقفت الضربات الجوية بالكامل.
دعوة علي عبد الله صالح الحوثيين إلى القبول بقرارات مجلس الأمن والانسحاب من جميع المحافظات في اليمن، لا تختلف في الشكل عن دعوة هادي وأنصاره، إلّا أنّ الرئيس السابق، يحاول طرح نفسه كجزء من الحل لضمان مقعد له في أيّ تسوية مقبلة، خصوصاً أنّه دعا إلى حوار يمني ـ سعودي، برعاية الأمم المتحدة.
ووفقاً لبيان نشره على صفحته الرسمية على «فايسبوك»، قال صالح: «أدعو أنصار الله إلى القبول بقرارات مجلس الأمن وتنفيذها مقابل وقف العدوان لقوى التحالف، كما أدعوهم وجميع المليشيات وتنظيم القاعدة والمسلحين التابعين لهادي، إلى الانسحاب من جميع المحافظات، وخصوصاً محافظة عدن، ثغر اليمن الباسم، وتسليمها للجيش والأمن تحت إمرة السلطات المحلية في كل المحافظات». وأضاف «نداء إلى كل الأطراف المتصارعة في جميع المحافظات، أن يوقفوا الاقتتال ويعودوا إلى الحوار في المحافظات، وأن يطلق سراح جميع الأسرى والمختطفين».
ولكن الحكومة اليمنية التي تتخذ من الرياض مقراً لها، صعّدت خطابها، يوم أمس، إذ اعتبرت أنّ دور الجماعة وأنصار الرئيس السابق، قد انتهى. وقال وزير خارجية هادي رياض ياسين، خلال مؤتمر صحافي في مطار البحرين، «لا أعتقد أنّه بعد كل ما فعلته جماعة الحوثي وجماعة صالح في اليمن وشعبه، أن يكون لهم دور في الحوار اليمني». وأضاف «ما تقوم به ميليشيات جماعة الحوثي جريمة كبيرة في حق الشعب اليمني بجميع مكوناته، ونتوقع أن تبدأ جلسات الحوار عندما تلتزم تلك المليشيات بقرارات مجلس الأمن وتسليم جميع الأسلحة واستقرار الأوضاع الداخلية في اليمن».
وهاجم ياسين، إيران قائلاً، إنّها «تقوم بمحاولات بائسة لاختراق الحصار البحري على اليمن»، ووصف ما يحدث في اليمن بأنّه «اعتداء على جميع اليمنيين وفقاً لمخطّط إيراني بتنفيذ من المليشيات الحوثية».
وفي مقابلة مع شبكة «سي ان ان»، نفى ياسين وجود بنود لاتفاق جرى التوصل إليه مع «أنصار الله» وصالح، متوعداً بمحاسبة الطرفين على «جرائم حرب»، كما أكد عدم انتهاء العمليات العسكرية.
من جهته، توعّد عضو المكتب السياسي في جماعة «أنصار الله» محمد البخيتي بتوجيه «رد حاسم» من قبل الجماعة في حال استمرت الغارات التي يشنها «التحالف» في اليمن، مشدداً على أنه «لا دور» لهادي في المرحلة المقبلة. ونفى، في حديث تلفزيوني، أن تكون العمليات العسكرية السعودية «قضت على قدرة أنصار الله العسكرية»، معتبراً أن «التخبط في الموقف السعودي سببه خلافات داخلية وشعور بالإحباط واليأس».
وأوضح البخيتي أنّ «السعودية علمت باقتراب موعد ردّ أنصار الله، فأعلنت وقف العدوان»، مضيفاً «نوجّه رسالة إلى السعودية بمراجعة حساباتها لأنّ ردَّنا سيكون حاسماً... في مواجهة السعودية، لن نحتاج إلى صواريخ».
وخلال استقباله سفير سلطنة عمان في موسكو يوسف الزدجالي، أمس، أكّد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أنّ الوضع في اليمن وصل إلى منعطفات خطيرة للغاية. وشدد الطرفان على ضرورة التوصل السريع إلى تسوية سياسية من خلال الحوار الوطني الشامل.
وفي تصريحات لوكالة «فرانس برس» أكّد مسؤول باكستاني أن وفد بلاده، برئاسة رئيس الحكومة نواز شريف، الذي زار السعودية، أمس الأول، أكّد للملك السعودي سلمان تضامن إسلام أباد مع الرياض. وقال المسؤول إن قرار البرلمان الباكستاني، رفض المشاركة ضمن «التحالف»، لا «يشكّل مطلقاً» نقطة خلاف بين البلدين اللذين يقيمان شكلاً من «أشكال العلاقات القوية. والسعوديون يتفهمون موقف البرلمان».
ولليوم الثاني على التوالي، منعت الطائرات السعودية، التي تسيطر على الأجواء اليمنية، هبوط طائرة مساعدات إيرانية في مطار العاصمة صنعاء. وكانت الطائرات السعودية قد منعت، أمس الأول، طائرة نقل إيرانية كانت متجهة إلى صنعاء من الدخول إلى الأجواء اليمنية.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إنّ «السعودية منعت طائرة للهلال الأحمر الإيراني تحمل مواد طبية وجرحى يُعالجون في إيران من الدخول إلى الأجواء اليمنية، برغم حصولها على كل التراخيص المطلوبة».
وطلب عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، التدخل بشكل عاجل من أجل تلبية الاحتياجات الطبية والغذائية للشعب اليمني، مؤكداً ضرورة نقل ذوي الإصابات الخطيرة، والمحتاجين إلى مساعدة طبية في اليمن، إلى بلدان الجوار، مبدياً استعداد بلاده لمعالجة الجرحى اليمنيين في داخل البلد أو نقلهم إلى إيران.
وعلى أثر ذلك، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال السعودي وأبلغته احتجاجها على إجبار طائرات مساعدات إنسانية تحمل نساءً وأطفالاً يمنيين ومساعدات طبية وإنسانية إيرانية، من دخول أجواء اليمن.
وأكد مسؤول إيراني رفيع المستوى أنّ الهلال الأحمر الإيراني حصل على التراخيص اللازمة للرحلات الجوية الضرورية للعمل من سلطنة عمان إلى اليمن، وأنّ الأمر تمّ بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولي.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أمس، أنّ «115 طفلاً على الأقل قتلوا و172 آخرين أصيبوا بتشوهات». لكنها قالت إنّ الحصيلة الحقيقية للضحايا من الأطفال أكبر من ذلك في الواقع، لأن عمليات التدقيق ما زالت جارية.
وذكرت «أنصار الله» أنّ القصف المدفعي والصاروخي السعودي تركّز، أمس، على مناطق رازح وساقين ومُنّبِه وسحار في محافظة صعدة، شمال اليمن، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين، فيما تواصلت الغارات في محافظة عدن، مستهدفة أحياء خور مكسر وكريتر والمعلا.
وأرسلت الجماعة تعزيزات إلى الجنوب، حيث لا تزال مدينة عدن، التي تتواجد فيها ميليشيات مسلحة تابعة لهادي، خارج سيطرة الحوثيين.
واستمرت المواجهات العنيفة بين «اللجان الشعبية» والجيش اليمني من جهة، والمسلحين الموالين لهادي من جهة أخرى، في كل من عدن والبيضاء ومأرب والضالع وشبوة ولحج وأبين.