من يطبخ الحل اليمني ولماذا توقفت «العاصفة»؟

من يطبخ الحل اليمني ولماذا توقفت «العاصفة»؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٣ أبريل ٢٠١٥

لم تأتِ «عاصفة الحزم» بأيّ متغيرات في المشهد السياسي اليمني، حتى أنّ الضغوط السابقة لحلّ الأزمة وبدء حوار تحت مظلّة خليجية، لم تعد محلّ ترحيب من قبل العواصم النافذة، وسط دعوات، كانت أبرزها أميركية، إلى تسريع العملية السياسيّة برعاية الأمم المتحدة، فيما تشترط «أنصار الله» استكمالها من حيث توقّفت جرّاء الحرب، وذلك بعد الوقف الكامل لأيّ نوع من العمليات العسكرية داخل الأراضي اليمنية، والتي استمرت، يوم أمس، في بضع محافظات. كما أنّ الدول نفسها التي كانت أول المرحبين ببدء الغارات الجوية، كانت كذلك أول المرحبين بالإعلان عن وقفها.
وبرغم عدم وضوح تفاصيل قرار وقف الحرب وما اذا كان جاء فقط بسبب انسداد الأفق امام الخيار العسكري العبثي، ام نتيجة اتّفاق سياسيّ ما بين الأطراف الداخلية والإقليمية وحتى الدولية، إلّا أنّ اتصالات أميركية ـ سعودية - إماراتية مكثفة، كانت تجري في الأيام القليلة الماضية، بهدف إنهاء الحملة العسكرية، وفقاً لمسؤول أميركي أكّد لـ «نيويورك تايمز» أنّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري تواصل مرات عدة، في الأيام التي سبقت إعلان وقف الحرب، مع الحكومة السعودية، كما زار الرياض مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) جون برينان للهدف ذاته.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول قوله إنّ الضغط الأميركي لوقف الحرب سببه «الأضرار الجانبية الكثيرة» (الضحايا المدنيين)، فيما توقّعت «تايمز» مواصلة التدخل العسكري السعودي عبر تمويل وكلاء على الأرض، «لأن الحملة لم تحقّق أياً من أهدافها المعلنة».
وقبل الإعلان السعودي، سرت شائعات عن أنّ وسطاء تدخّلوا بين الحوثيين والمسؤولين في الرياض لوضع أسس لوقف إطلاق النار والمباشرة في محادثات السلام، إلّا أنّ الجماعة تنفي هذه الرواية.
وفي هذا الإطار، أكّد رئيس الهيئة الإعلامية في جماعة «أنصار الله» أحمد حامد عدم وجود اتّفاق مع دول «التحالف» حول وقف «عاصفة الحزم»، ملمحاً إلى أنّ وقف العمليات الأخيرة جاء بناءً على رغبة أميركية.
وفي السياق، صرّح مصدر ديبلوماسي لـ «فرانس برس» قائلاً «أعتقد أنّ التوقعات لما يراد من العملية العسكرية أن تحققه، حددت عند مستوى منخفض نسبياً»، مشيراً إلى أنّ «المهمة لم تحدّد بشكل واضح منذ البداية». واذ اعتبر أنّ العمليات الجوية التي نفذت، أمس، «رمزية»، قال إنّ السعودية أرادت «وضع حدّ للأمر قبل أن تغرق في المستنقع».
وكرر السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير من ان بلاده سترد على اي «تحركات عدائية» من قبل الحوثيين. وقال «اذا قام الحوثيون وحلفاؤهم بأي تحركات عدائية فسيكون هناك رد»، مضيفاً ان السعودية تنتقل الى المرحلة الثانية من الحملة لكنها تأمل الآن ان يؤدي الحوار السياسي بين الأفرقاء اليمنيين الى انتخابات ووضع دستور جديد.
وكانت الولايات المتحدة من بين أوائل المرحبين بوقف العملية، وذلك بالرغم من دورها البارز فيها، إذ دعا البيت الابيض إلى استئناف الحوار السياسي عبر الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة الراهنة في اليمن. وأكد المتحدث باسمه إريك شولتز أنّه لن يكون هناك حلّ عسكري للأزمة في البلاد.
وفي مقابلة مع شبكة «ام اس ان بي سي»، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما إيران إلى المساهمة في التوصل إلى حلّ سياسيّ بين مختلف الأطراف اليمنيين، مؤكداً أنّ بلاده أبلغت الجانب الإيراني «بضرورة المساهمة بحلّ، وبألّا يكون جزءاً من المشكلة». وأضاف «آمل في أن نتوصّل إلى تهدئة الوضع في اليمن»، مشدداً على «معاناة» العديد من سكان البلاد. وقال «ما علينا القيام به هو جمع كل أطراف النزاع حول الطاولة والتوصل إلى حلّ سياسيّ».
ولدى سؤاله عن انتشار مجموعة من سفن النقل الإيرانية قرب سواحل اليمن، أشار إلى أنّها لا تزال، في الوقت الحالي، «ضمن المياه الدولية»، موضحاً أنّ الولايات المتحدة حذّرت إيران من تسليم أسلحة إلى اليمن وهو ما من شأنه أن «يهدّد الملاحة» في المنطقة.
لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي قالت، لشبكة «سي ان ان»، إنّ «المهمة في اليمن لم تنجز»، مؤكدة أنّ الأمر يستدعي تعاون كلّ الأطراف من أجل التوصل إلى حلّ ديبلوماسي، لأنّ «أيّ حل آخر لن يجدي نفعاً. هذه ليست حرباً يمكن خوضها في ساحة المعركة».
طهران، من جهتها، أكدت أنّها بدأت استشارات إقليمية «منذ الساعات الأولى» لبدء الغارات على اليمن، من أجل التفاوض على النهاية «الحتمية» لهذه العمليات. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم «منذ الساعات الأولى لهذه الضربات (26 آذار الماضي) بدأت إيران تحركّاتها السياسية واستشاراتها الثنائية على المستوى الديبلوماسي مع دول من المنطقة»، مذكرة «كنّا ضدّ العمل العسكري، واعتبرنا أنّ الحلّ في اليمن سيأتي بالتفاوض»، مضيفة أنّ وقف الحرب «كان حتمياً بنظر المحللين المتابعين للوضع» اليمني.
وتساءل رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني عن الأهداف التي حقّقتها الرياض من خلال شنّ الغارات. وقال «ماذا حصل في 27 يوماً، باستثناء مقتل أكثر من ألف شخص وإصابة الآلاف وتدمير البنى التحتية، فيما سيطرت أنصار الله على عدد من المحافظات».
وأكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني، في مؤتمر للدول الأفريقية والآسيوية في جاكرتا أمس، دعمه لإعلان انتهاء حملة القصف، مشيراً إلى أنّ التدخل العسكري الاجنبي «تسبب في كارثة إنسانيّة في المنطقة، تؤدّي إلى أوضاع مؤسفة في اليمن.. وسوريا مثال صارخ على هذا الوضع». وأبدى استعداد ايران إلى «إقامة شراكة مع جيرانها، بما في ذلك الدول العربية، ونؤكد في هذا الصدد، على إقرار السلام الإقليمي لوقف القتل وإراقة الدماء في اليمن والدول الأخرى في المنطقة».
«أنصار الله»
واشترطت جماعة «أنصار الله» وقفاً كاملاً للضربات التي ينفذها «التحالف»، يليه حوار وطني برعاية الأمم المتحدة. وقال المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام، في بيان، «نطالب، وبعد التوقف التام للعدوان الغاشم على اليمن وفكّ الحصار الشامل على الشعب، باستئناف الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة من حيث توقف جراء العدوان».
وأضاف «نؤكّد ضرورة إيقاف العدوان بشكل نهائي وتام، وفك الحصار عن الشعب اليمني بشكل كامل، وهو ما لم يحصل حتى الآن، حيث الغارات الجوية مستمرة، والحصار مستمر». وأكد أنّ الحوار الوطني السابق يبقى «مرجعية توافقية» لاستئناف العملية السياسية، وكذلك اتفاق «السلم والشراكة»، متهماً «مخابرات إقليمية على رأسها النظام السعودي» بتقديم دعم مالي لتنظيم «القاعدة» في اليمن «تحت غطاء قبلي».
واعتبر، في البيان، أنّ «جهود الأمم المتحدة في اليمن إيجابية، ومواقفها المعلنة ظلّت إلى جانب دعم الحوار الوطني ولقاءات التفاهم، ورفض الحرب العدوانية على اليمن، ولهذا نرحب بأي جهود من قبل الأمم المتحدة تقف إلى جانب الحلول السلمية».
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوجيريك أنّ المنظمة الدولية مستعدة للقيام بأيّ دور لتسهيل المفاوضات بين أطراف الأزمة في اليمن، في حين أعرب الأمين العام بان كي مون عن قلقه بسبب تجدّد الضربات الجوية في اليمن، آملاً في انتهاء القتال سريعاً.
أما الرئيس اليمني، المقيم في السعودية، عبد ربه منصور هادي، والذي يبدو أنه باقٍ خارج العملية السياسية، فقد جدّد شكره «باسم الشعب اليمني» للسعودية و»التحالف الاستثنائي الإستراتيجي» على دعم ما أسماه «شرعيته». وهاجم، في كلمة بُثّت فجر أمس، «أنصار الله»، قائلاً «لم نكن نتخيّل أن يبلغ حجم الحقد والأطماع والانتقام لديهم هذا المستوى، وأن يتمكّن الشر من عقولهم وضمائرهم، وأن يعملوا على إيصال البلد إلى حدّ الانهيار.. ولقد تسارعت وتيرة التآمر بعدما اتّفق اليمنيون جميعاً على أسس بناء الدولة الاتحادية الجديدة».
وفي المواقف، كتب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، على «فايسبوك»: «كان قرار الضربات والعدوان على اليمن مستنكراً ومرفوضاً، كما أنّ قرار وقفها وإنهاء العدوان مرحب به»، مضيفاً «نرجو أن يشكل نهاية تامة لخيارات القوة والعنف وإراقة الدماء وبداية لمراجعة الحسابات وتصحيح الأخطاء وأن يتساعد الجميع للعودة إلى الحوار».
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ توقف القتال في اليمن، يجب أن يعقبه استئناف الحوار السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة «للتوصّل إلى المصالحة الوطنية وتحديد اليمنيين بأنفسهم سبل المسار السياسي لدولتهم»، مشيرة إلى أن روسيا «ستقدم دعمها لأيّ جهود ترمي إلى إعادة السلام لليمن الصديق لروسيا تقليدياً، وكذلك إلى ضمان سيادته ووحدة أراضيه».
وحتى قطر التي شاركت في «التحالف»، وإن بصورة شكلية، رحبّت بانتهاء العمليات، داعيّة الأطراف اليمنيين إلى دعم العملية الجديدة تحت مسمّى «إعادة الأمل» بجانبيها الديبلوماسي والعسكري، مؤكدة أنّ العملية «حقّقت جميع أهدافها المنشودة».
وفيما تنتظر السعودية وصول رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف وقائد الجيش راحيل شريف إلى الرياض، اليوم، لمناقشة الوضع في اليمن، أشادت السلطات الباكستانية بإعلان حليفتها عن انتهاء عمليات القصف الجوي.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن سعادته بوقف الضربات الجوية التي قادتها السعودية، وقال «تحققت الأهداف العسكرية في ما يبدو».
وبينما رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بانتهاء الضربات الجوية، قالت إنّ الوضع الإنساني «كارثي» في اليمن، مؤكدة أن «الأضرار التي لحقت بحياة وممتلكات المدنيين جراء الضربات الجوية وكذلك القتال على الأرض صادمة، خصوصاً في مدن صنعاء وعدن وتعز ومأرب».
وفي هذه الأثناء، ذكرت قناة «الإخبارية السعودية» أن «التحالف» شنّ خمس غارات جوية على مواقع للحوثيين في لحج جنوب اليمن، أمس، برغم إعلانها وقف الغارات الجوية.
وأكدت قناة «المسيرة» أنّ السعودية قصفت مواقع في محافظة صعدة الحدودية شمال اليمن، مشيرة إلى أنّ «العدوان السعودي - الأميركي استهدف منطقة المنزالة والملاحيط الحدوديتين بخمس قذائف هاون وقصف بالرشاشات».
وفي غضون ذلك، تمكنت الجماعة من السيطرة على «اللواء 35» الموالي لهادي في مدينة تعز وسط البلاد، ولكن مصادر عسكرية أشارت إلى أن مقاتلات «التحالف» قصفت مقر اللواء العسكري بعد سيطرة الحوثيين عليه.
وعلى صعيد آخر، قتل سبعة عناصر مفترضين من «القاعدة» في غارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار في مدينة المُكلّا عاصمة محافظة حضرموت في جنوب شرق البلاد، حيث يسيطر التنظيم.