ما سرّ الموقف الروسي من القرار الأممي بحق اليمن؟

ما سرّ الموقف الروسي من القرار الأممي بحق اليمن؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٨ أبريل ٢٠١٥

 رولا يازجي
إستهجان الموقف الروسي من قرار مجلس الأمن فيما يخص اليمن، يشير إلى قراءة نمطية لتعقيدات وتشابك المشهد الإقليمي والدولي، نستطيع تفهم عتب أنصار الله المبني على تفهم مبطن للموقف الروسي والبراغماتية التي يتصف بها، فيما عداهم ليس منطقياً مطالبة موسكو التعامل مع قضايا المنطقة جميعها على نفس السوية ضاربةً عرض الحائط بمصالحها وأمنها، وأين اللافت في موقف روسيا وهي قد أعربت عنه سلفاً بأنها لن تقف مع طرف ضد الآخر في اليمن، وأنها تدعم الحل السياسي وقامت بتقديم مبادرة.
عدم اعتراضها على قرار مجلس الأمن ينسجم كلياً مع موقفها، خاصةً وأنّ القرار لم يأتِ بجديد، فالعدوان السعودي المدعوم عربياً وإقليمياً ودولياً قد وقع من قبل أن يستظل حتى بقرار عربي أو أممي، وقرار حظر السلاح عن الحوثيين غير فاعل في الوقت الذي تتحدث فيه عدة مصادر عن وجود ما يقارب 50 مليون قطعة سلاح في الداخل اليمني بما فيها صواريخ بعيدة المدى أشار لوجودها وزير الدفاع الإيراني البارحة.
إذاً، يبدو قرار مجلس الأمن وكأنه بمثابة غطاء شكلي يتيح المجال للسعودية بالتراجع دون هزيمة،خاصةً في ظل عدم تحقيق غاراتها الجوية لأي إنجازات تعيق تقدم الجيش والحوثيين باتجاه عدن، وعجزها عن حشد موافقة عربية وإقليمية بمشاركة برية يمكن لها أن تغيّر في وقائع الأرض، تبدّى ذلك بانكفاء باكستان الصادم للسعودية، بسبب إزدياد مصالح الأخيرة مع الصين وإيران. وأنبوب الغاز الإستراتيجي الذي ستقدمه لها إيران بتمويل صيني، وعدم نيتها الإنغماس في حرب طائفية تنعكس على وضعها الداخلي. كذلك مصر تبدي تردداً في التورط بقوات برية ولا زالت مشاركتها رمزية..
روسيا التي تقف موقفاً مناهضاً من دعم الولايات المتحدة للإنقلاب في أوكرانية، لا يمكنها أن تقف موقفاً مؤيداً من أنصار الله في اليمن والذين تصفهم أميركا بالإنقلابيين، تحفّظها على قرار مجلس الأمن يجعلها قادرة على إثبات إزداوجية معايير السياسة الأميركية، كما أنها لا تريد المزيد من الصدامات مع السعودية التي تتلاعب بسعر برميل النفط، والتي سوف تسعى للإنتقام من كل من يطعنها فيما يخص اليمن، وقد رأينا على إثر القرار الباكستاني عودة نشاط العمليات الإرهابية البلوشية المدعومة سعودياً داخل باكستان في إقليم بلوشستان ضد عرقيات أخرى من موظفي الدولة منذ أيام، وهذا ما تستطيع السعودية إحياءه في القوقاز أيضاً..
في المقابل، فإنّ روسيا تدرك عدم نية إيران التدخل في اليمن، وهذا ما يجعل من الحرب غير واضحة النتائج لصالح طرفٍ من الأطراف، روسيا وإيران بالتالي تدركان نية أميركا بإغراق السعودية داخل المستنقع اليمني لإلهائها عن الملف النووي وعن تحالفها مع "إسرائيل" التي تتصدى علناً للإدارة الأميركية في هذا الشأن. فبحسب المصادر الغربية، أميركا تستفيد من التمرد السعودي (المتواضع) لتنشيط حاجات الرياض العسكرية ودفعها نحو المزيد من التورط في حرب إستنزاف لأمدٍ محدود، تجعلها تحتاج للدور الأمريكي لإيجاد تسوية خروج إستراتيجية ترسم عالم ما بعد الاتفاق النووي إقليمياً، وبذلك تكون السعودية قد دفعت فواتيرها اللازمة لدخول هذا العالم، وتم ترويضها لتتكيف مع عودة العلاقات بين إيران والغرب...
ما يهم روسيا هو إتمام الإتفاق النووي وتوقيعه ورفع العقوبات عن إيران لضمها إلى حلف شنغهاي وتشكيل جبهة مشتركة لمواجهة الخطر الدولي، ولتصحيح ما دعا إليه وزير الخارجية الروسي لافروف، "تصحيح خطة نشر الدرع الصاروخية الأميركية" التي تشكل خطراً كبيراً على قوات الردع الروسية، حيث كانت واشنطن سابقاً قد ربطت تكييف خطة الدرع بتقدم المفاوضات الإيرانية.. وهذا من أهم الأسباب التي دفعت ببوتين لرفع الحظر عن بيع طهران صواريخ إس 300 الدفاعية، وذلك سعياً في تعقيد أي أفق لمواجهة عسكرية أميركية مع إيران ورسالة خفية لإدارة أوباما تساعده في المضي قدماً في إتمام الإتفاق وإقناع مناهضيه بصعوبة الحل العسكري.. وبذلك تجعل موسكو من إيران وكيلاً في المنطقة عن حلف شنغهاي.
من الواضح أن السعودية ستحاول عرقلة أي مبادرة حل سياسي في الوقت الحالي واللجوء إلى إستخدام كل قدراتها العسكرية في الحملة ضد اليمن ,في سعيٍ منها لإنتزاع ضمانة أميركية بتقليص دور إيران في المنطقة,وهذا لن يؤدي إلا إلى المزيد من الضحايا والدمار ورفع الإحتقان المذهبي في المنطقة..وهذا ما سيكشف عنه لقاء أوباما المرتقب في كامب ديفيد والذي يبدو أنه سيكون اللقاء الأكثر صعوبة...
أما فيما يخص سورية، فإنّ واشنطن قد أرسلت إلى دمشق إشارتها من قبل بدء العدوان على اليمن عبر تصريح كيري "في نهاية المطاف سنتضطر للتفاوض مع الأسد"، فهي باتت بأشد الحاجة لإيجاد صيغة حل سياسي تحت الضغط العسكري تبرر تفاوضها مع دمشق أمام حلفائها، ليس فقط للإلتفات إلى محاربة داعش، بل لحاجتها الى عودة سورية إلى دورها الإقليمي مما يساعدها في لجم التمرد التركي والسعودي، والذي تبدى ضد إدارتها في أكثر من مكان خلال فترة الأزمة السورية والملف النووي.. وترتيب ملفات المنطقة قبل توجه أوباما نحو آسيا والذي باتت تفرضه الضرورة..
وعن استنساخ "عاصفة الحزم" لتطال سورية، كتبت صحيفة الفاينشنال تايمز: يعتقد الكثير من المعارضين السوريين أنّ عملية "عاصفة الحزم" التي تشنها السعودية في اليمن مؤشر على أنّ الرياض وحلفاءها سيلعبون دورًا أقوى داخل سوريا، بحسب الصحيفة. وترى فاينانشال تايمز أنه لا يزال من غير المحتمل هزيمة الأسد عسكرياً. وأضافت إنّ الضغط الإقليمي ربما يهدف إلى تهيئة المجال ودفعه للتفاوض من أجل حلٍّ سياسي.