الإتفاق النووي يضمن مصالح واشنطن وطهران... بلا تطبيع

الإتفاق النووي يضمن مصالح واشنطن وطهران... بلا تطبيع

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٣١ مارس ٢٠١٥

يتوقع مسؤولون ومحللون أن لا تعمل إيران على تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، حتى إذا توصلت طهران إلى اتفاق مع القوى العالمية لتقييد برنامجها النووي.
وفي الوقت نفسه، يقول مسؤولون إيرانيون إن الموالين للمرشد الأعلى السيد علي خامنئي من الإسلاميين والحرس الثوري الذين يخشون أن تؤدي المصاعب الاقتصادية لانهيار المؤسسة، اتفقوا على تأييد الرئيس حسن روحاني في الاستعداد العملي الذي أبداه للتفاوض على صفقة نووية.
ويقول مسؤول إيراني، تحدث شريطة عدم نشر اسمه: "لكن الأمر لن يتعدى ذلك وهو (أي خامنئي) لن يوافق على تطبيع العلاقات مع أميركا. مضيفاً أنه "لا يمكنك محو عشرات السنين من العداء بصفقة. علينا أن نتريث والأميركيون يحتاجون لكسب ثقة إيران. فالعلاقات مع أميركا ما تزال من المحظورات في إيران."
وكانت التوترات بين المعسكرين المحافظ والمعتدل في ما يتعلق بالمحادثات النووية، قد تراجعت في الأشهر الأخيرة منذ أيد خامنئي المفاوضات علانية. لكن خامنئي واصل إلقاء خطبه المليئة بعبارات التنديد "بأعداء" إيران و"الشيطان الأكبر"، وهي كلمات الهدف منها طمأنة المحافظين الذين ظلت المشاعر المعادية لأميركا بالنسبة لهم أمراً محورياً للثورة الإسلامية في إيران.
ويُعدّ موقف العداء الذي يتخذه خامنئي تجاه واشنطن عاملاً في تماسك القيادة الإيرانية الموزعة على فصائل وجماعات ولا يزال المرشد الأعلى نفسه على شكوكه العميقة في نوايا واشنطن.
ورغم الخلاف في الرأي على العلاقات الإيرانية الأميركية يتفق الزعماء الإيرانيون من المعسكرين على أن الاتفاق النووي سيسهم في إعادة بناء الاقتصاد الإيراني.
وكانت العلاقات مع واشنطن قطعت عقب قيام الثورة الإسلامية في إيران العام 1979 وظل العداء للولايات المتحدة نقطة حشد بالنسبة للمحافظين.
ويرى خبير الشؤون الإيرانية في "مركز كارنيغي" للسلام الدولي في واشنطن، كريم سجادبور، أنه "مادام خامنئي زعيماً أعلى ستظل فرص تطبيع العلاقات الأميركية الإيرانية محدودة للغاية."
ويضيف ان "بعد ثلاثة عقود من نشر ثقافة تحدي الولايات المتحدة سيكون من الطريف أن نرى ما إذا كان خامنئي سيصور اتفاقاً نووياً على أنه عمل من أعمال المقاومة لا المهادنة وكيف سيفعل ذلك."
ويلفت سجادبور الانتباه إلى أن "أسلوب خامنئي في الحكم هو امتلاك السلطة من دون المحاسبة... وهو في هذا السياق يحتاج روحاني الضعيف بما يكفي لعدم تشكيل أي خطر عليه وإن كان قوياً في ما يبدو بما يكفي لامتصاص الاتهامات الشعبية عن أي وجه من أوجه القصور."
وفي رأي مسؤول إيراني آخر أن "ثمة آراء مختلفة بين كبار المسؤولين بشأن تطبيع العلاقات مع أميركا عندما يتم تسوية النزاع النووي. لكن الزعيم الأعلى يعارضه. وهو صاحب القرار."
والمخاطر كبيرة من الناحية الاقتصادية، إذ أن خامنئي يحتاج لإبقاء المتشددين في صفه وفي الوقت نفسه فإن الصفقة النووية ثمن يبدو أنه على استعداد لدفعه.
وتخضع إيران لعقوبات تفرضها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لرفضها الانصياع لمطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن توقف كل أنشطة تخصيب اليورانيوم وما يتصل بانتاج البلوتونيوم من أعمال في مراكز أنشطتها النووية.
وقد ألحقت العقوبات أضراراً جسيمة بالاقتصاد الإيراني، وخفّضت صادرات النفط الإيرانية إلى النصف لتصبح أعلى قليلاً من مليون برميل يومياً، منذ العام 2012، في الوقت الذي ترزح فيه البلاد أيضاً تحت وطأة انخفاض حاد في أسعار النفط العالمية.
وكسر روحاني أحد المحظورات من خلال التواصل علانية مع الولايات المتحدة. خصوصاً أنه تعامل مع واشنطن في عمليات بيع الأسلحة لإيران خلال الحرب العراقية الإيرانية بين العامين 1980 و1988. لكن التقارب بين الطرفين سيقف عند هذا الحد.
ومن جهته، يقول المحلل السياسي في طهران سعيد ليلاز إنه "رغم كل الاجتماعات بسبب المسألة النووية فإن كلاً من إيران وأميركا يحتاج لعدو ولا أعتقد أن العلاقات ستتطبع بعد الاتفاق. لكنهما سيبقيان قناة الاتصال مفتوحة."
ويضيف أن "القيادة الإيرانية تحتاج لهتافات الموت لأميركا لإبقاء المتشددين متحدين. كما أن فتح سفارة أميركية في طهران لن يحدث على الأقل في المستقبل القريب." ويرى انه "لمنع روحاني من اكتساب المزيد من الشعبية والنفوذ داخل إيران تزايد الضغط على المعسكر الإصلاحي وسيستمر في الزيادة."
ويشير ليلاز إلى أن "لإيران والولايات المتحدة أعداء مشتركون كما أن لهما مصالح متصادمة في المنطقة. ومن ثم فسيستمر الاثنان في تبادل المعلومات الإستخباراتية وإبقاء هذه القناة الخلفية مفتوحة."


ويقول المحللون إن خامنئي يتمتع بمهارة في ضمان ألا تصبح أي جماعة، حتى المحافظين أنفسهم، قوية بما يكفي لتحدي سلطته. ولذلك فمن المرجح، إذا أبرم روحاني الصفقة النووية، ألا تترك له الحرية فيما يتعلق بالإصلاحات الداخلية وحقوق الإنسان.
ويقول الخبير لدى "مجموعة الأزمات الدولية" علي واعظ: "من المحتمل أن يؤدي احتمال انتصار روحاني وظهور فصيل وسطي صاعد، إلى تفاقم مخاوف المحافظين من خسارة قدر كبير من المكاسب السياسية واستفزازهم لإحباط إصلاحات روحاني الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إذا سار في هذا المسار."
وروحاني ليس هو الرئيس الأول الذي يخدم في ظل خامنئي، وهو يمتلك برنامجاً اصلاحياً. ففي بداية حكم الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي أتيح قدر أكبر من الحريات الاجتماعية والسياسية للإيرانيين، لكن خامنئي رأى في ذلك تهديداً فيما بعد.
وكان دعم خاتمي عاملاً رئيسياً في فوز روحاني في الانتخابات، لكن على الرئيس أن يتوقع مشاكل في المستقبل.


* مصالح مشتركة

لكن حتى إذا حافظ خامنئي على تشدده فلطهران وواشنطن مصالح مشتركة ويواجهان تهديدات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وقد تعاونا على المستوى التكتيكي في الماضي بما في ذلك مساعدة إيران للولايات المتحدة في التصدي لتنظيم "القاعدة" في أفغانستان و"الدولة الإسلامية" في العراق.
غير أنه على الجانب الآخر من المعادلة تخشى السعودية، منافس إيران على المستوى الإقليمي، أن يؤدي اتفاق نووي إلى تشجيع طهران على تشديد قبضتها في منطقة الشرق الأوسط وتصعيد جهودها للهيمنة على دول عربية مثل لبنان وسوريا والعراق.
والسعودية شأنها شأن إسرائيل، الحليف الآخر لواشنطن في الشرق الأوسط، تخشى أيضاً أن يكون الرئيس باراك أوباما سمح في غمار الاتفاق النووي لخصمهما المشترك بأن تكون له اليد العليا.