مصاعب كبيرة تعترض حكومة نتنياهو داخلياً وخارجياً

مصاعب كبيرة تعترض حكومة نتنياهو داخلياً وخارجياً

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٣٠ مارس ٢٠١٥

قبل أسبوع كلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين زعيم الليكود، بنيامين نتنياهو، بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة بعد أن أوصى بتكليفه ممثلو 67 نائباً في الكنيست هم ممثلو أحزاب اليمين القومي والديني وحزب «كلنا» الاجتماعي. وأعلن نتنياهو فور التكليف أنه سينجز مهمته في غضون ثلاثة أسابيع وهي المهلة الأولى الممنوحة للرئيس المكلف بموجب القانون. ومن الناحية الظاهرية بدا وكأن نتنياهو يستسهل المهمة، خصوصاً أنه أعلن رفضه تشكيل حكومة وحدة وطنية وأكد توجهه نحو إنشاء حكومة يمين ضيقة مع امتداد معقول في الوسط.
وبعد انقضاء الأسبوع الأول من التكليف تبدو الأمور أشد صعوبة مما بدت قبل التكليف الرسمي، إذ إن المطالب التي تضعها الأحزاب مقابل الانضمام لحكومة نتنياهو تجعل تشكيل المهمة مستحيلة. فالليكود، الفائز وحده بربع مقاعد الكنيست يجد نفسه أمام مطالب «شركائه الطبيعيين» وكأنه الخاسر الأكبر. فعدا رئاسة الحكومة لا يريد الشركاء لليكود أي منصب ذي قيمة. فوزارة المالية أعطيت سلفاً لزعيم حزب «كلنا» والذي كان اعتبر المنصب شرطاً لأي انضمام لأي حكومة. وحزب إسرائيل بيتنا، بزعامة أفيغدور ليبرمان، اشترط نيل وزارة الدفاع للدخول في الحكومة حتى قبل أن تظهر النتائج تراجع قوته وحصوله فقط على ستة مقاعد. ولم يغير هذا التراجع من شدة مطالبة ليبرمان بمنصب وزير الدفاع وذلك من أجل تجسيد سياسته التي أعلنها بالإطاحة بحكم حماس في قطاع غزة. ومع ذلك ثمة خبراء في الشؤون الحزبية الإسرائيلية يعتبرون أن إصرار ليبرمان على نيل وزارة الدفاع لا يهدف إلا للبقاء في منصبه كوزير للخارجية.
ولكن نفتالي بينت، زعيم البيت اليهودي، يريد أيضاً وزارة الدفاع، وإن لم يكن وزارة الخارجية. ومثل هذا المطلب يثير مشاكل عويصة في الليكود نفسه الذي يريد للبيت اليهودي وزعيمه أن يعرفا أن بقاء اليمين في الحكم يعتمد على «حسن تصرفهما» بما يعني التنازل عن مطالب كهذا والبقاء كما كانا في الحكومة السابقة رغم تراجع قوة البيت اليهودي في الكنيست. ولكن لا يبدو أن البيت اليهودي، وهو يعرف مقدار حاجة الليكود إليه للبقاء في الحكم، مستعد للتراجع عن هذه المطالب.
وعن حركة شاس التي يطالب زعيمها، أرييه درعي بوزارة الداخلية، يمكن الحديث عن مصاعب كبيرة. فأرييه درعي الذي استخدم في الماضي وزارة الداخلية لتعزيز مكانة شاس في الحياة العامة فضلا عن استخدامه لها لأغراضه الشخصية مرفوض من أوساط ليبرالية عديدة. فهو على الأقل، شخص أدانته المحكمة بتلقي الرشوة وأدين وقبع في السجن لسنوات ومنع من العمل العام لعقد من الزمن. ولكن ذلك لم يمنع أن يطالب بهذا المنصب الذي يعتبر الحصول عليه نوعاً من إعادة الاعتبار له في نظر الحلبة السياسية. والشريك الرابع الآخر من المعسكر اليميني، يهدوت هتوراة، الغائبة عن مغانم الحكم تريد وزارة الصحة وهي العالمة بأثرها وحجم الميزانيات المخصصة لها.
ومن الواضح أن المفاوضات الائتلافية بالغة الصعوبة، خصوصاً أن أغلب القوى تعرف أن نتنياهو لا يملك بدائل حقيقية لهم. فهو تعهد بعدم إنشاء حكومة وحدة وطنية كما أنه متورط في صراع دموي مع «هناك مستقبل» برئاسة يائير لبيد بل ودفع الوضع نحو انتخابات مبكرة بسببه. ومعروف أن القوة التفاوضية لكل حزب تكمن في قدرته على عرض بدائل مجزية له سواء بالتواجد في المعارضة أم في الاستعداد للتحالف مع قوى في المعسكر الآخر. ويمكن القول إن الليكود في مفاوضاته مع هذه القوى يحاول أن يركّز على أنه قائد اليمين وعلى الجميع التنازل له حتى لا يتهم من جمهور اليمين بإفساد الانتصار. لكن هذا التكتيك غير نافع مع ليبرمان وإسرائيل بيتنا الذي أعلن رجاله صراحة استعدادهم للبقاء في المعارضة. وبقاء «إسرائيل بيتنا» في المعارضة يعني أنه إذا أفلح نتنياهو في تشكيل ائتلافه مع باقي القوى فإنه لا يملك في الكنيست سوى 61 مقعداً، أي على حافة السقوط.
كما أن قادة من البيت اليهودي أعلنوا أن تصرف نتنياهو والليكود التفاوضي أسقط عن وجوههم القناع الذي خدع الناخبين وجلبهم للتصويت لليكود من أجل بقاء اليمين في الحكم. ومعروف أن البيت اليهودي كان يحاجج أثناء الحملة الانتخابية بأنه ضمانة منع إنشاء حكومة يمين - يسار والتي يسعى الليكود لإنشائها.
في كل حال، وأمام واقع صعب، اضطرت عضو الكنيست من الليكود، ميري ريغف، المعروفة بتطرفها للإعلان عن أن الليكود يملك بدائل أخرى غير حكومة اليمين الضيقة. وقالت إنه أمام «الابتزازات» من جانب أحزاب اليمين ليس هناك ما يمنع الليكود من البحث عن سبل إنشاء حكومة وحدة وطنية.
لكن هناك من يعتقد بأن مثل هذه الحكومة ليس في متناول اليد، ليس فقط بسبب رفض المعسكر الصهيوني، أو حتى «هناك مستقبل» لها وإنما أيضا بسبب رفض الأميركيين لها. فالإدارة الأميركية التي تخوض صراعا ضد نتنياهو لا تريد له النجاح في تشكيل ائتلاف لا يسمح لها بمناكفته وجباية ثمن باهظ منه على تحديه للإدارة الأميركية. وثمة من يعتقد أن هذا ما تريده أوساط ليبرالية يهودية في أميركا ضجرت من استمرار الغموض وصارت تبحث عن وضوح في علاقاتها مع إسرائيل. وربما أن مجلة «إيكونومست» كانت سباقة في الإشارة إلى النزاع داخل أوساط اليهود في أميركا بين ولائهم لإسرائيل أم ولائهم لأميركا. وهذا يسهل على الإدارات المقبلة التعامل بحدة أكبر مع إسرائيل.