مصر: تعديل وزاري مفاجئ يشمل8 وزارات أهمها الداخلية

مصر: تعديل وزاري مفاجئ يشمل8 وزارات أهمها الداخلية

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٦ مارس ٢٠١٥

«لا توجد أسباب معينة للتعديل الوزاري، والتغيير هو سنَّة الحياة». هكذا تحدث رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب عن التعديل الوزاري المحدود الذي أعلن عنه أمس، خلال مؤتمر صحافي أذاعه التلفزيون الرسمي.
وأضاف محلب أن «التعديل الوزاري ليس له علاقة بالمؤتمر الاقتصادي، ولن يؤثر فيه بأي شكل من الأشكال، لأن مصر دولة مؤسسات».
التعديل الوزاري الذي جاء من دون مقدمات شمل ثماني وزارات، إذ تم تغيير ستة وزراء، واستحداث وزارتَين. وجاءت على رأس التغييرات وزارة الداخلية بالإضافة إلى وزارات الزراعة، والثقافة، والتربية والتعليم، والاتصالات، والسياحة، واستحداث وزارة الدولة للتعليم الفني والتدريب ووزارة السكان.
التعديل الذي أكد رئيس الوزراء أن لا علاقة له بالمؤتمر الاقتصادي، لم يقترب بالفعل من الحقائب الاقتصادية، وهو ما يؤكد علاقته بهذا المؤتمر، ومراعاته لاقترابه. فأي تغيير في الوزارات المرتبطة بالمؤتمر الاقتصادي قبل انعقاده بأسبوع كان سيؤثر بالتأكيد في تحضيرات المؤتمر.
وبرغم أن التغيير جاء مفاجئاً، إلا أن توقيته مفهوم وواضح للغاية. فقد كان إجراء أي تعديل في الحكومة مؤجلاً حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، حتى تأتي الحكومة المقبلة معبرة عن الغالبية البرلمانية. وبعد تأجيل الانتخابات البرلمانية بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا، أصبح من الصعب انتظار البرلمان من دون إجراء تعديل وزاري. ولكن إجراء هذا التعديل في حد ذاته قد يشير إلى أن موعد إجراء الانتخابات التشريعية لا يزال بعيداً، أو على الأقل غير محدد.
بعض التغييرات حملت دلالات مهمة، أبرزها بالطبع كان إقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم. وإذا استثنينا وزير السياحة هشام زعزوع الذي رحل أيضاً مع التعديل الوزاري، يصبح محمد إبراهيم هو الباقي الوحيد في السلطة من عهد الرئيس المعزول محمد مرسي الذي ولاه وزيراً للداخلية في العام 2012 خلفاً للواء محمد جمال، واستمر بعد إطاحة مرسي خلال الفترة الانتقالية التي تولاها رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور، وظل أيضاً بعد تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية.
المطالبة بإقالة إبراهيم تعالت أكثر من مرة، سواء بعد قتل الأمن لمتظاهرين سلميين، أو مشجعي كرة قدم، أو مع تصاعد العمليات المسلحة وفشل أجهزة الأمن في تحقيق الاستقرار.
قرار إقالة وزير الداخلية صاحَبَهُ قرارٌ آخر بتعيينه نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الأمنية، في إشارة مباشرة لحماية الرجل من أي ملاحقة أو محاسبة عما يكون قد اقترفه خلال توليه وزارة الداخلية، منذ أحداث بورسعيد في عهد مرسي، إلى حريق قاعة المؤتمرات أمس الأول، في عهد السيسي.
خلف إبراهيم في وزارة الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار الذي شغل منصب مدير جهاز «الأمن الوطني» عقب «ثورة يناير»، وهو الجهاز الذي أطلق عليه جهاز «مباحث أمن الدولة» في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتغير اسمه بعد «الثورة».
وكان تولي عبد الغفار للجهاز محاولة لتحسين وجه الجهاز عقب «الثورة» التي اقتحمت مقار الجهاز ذاته خلالها. وحاول عبد الغفار ساعتها تقديم خطاب معتدل أكد فيه عدم مراقبة الاتصالات إلا بإذن من النيابة، وإعدام التسجيلات القديمة وتحسين أداء الجهاز وعلاقته بالمواطنين، وعدم ملاحقة المعارضين.
التغيير اللافت أيضاً كان من نصيب وزير الثقافة. فقد أقيل جابر عصفور المثقف التنويري الذي لم يكن على وفاق مع الأزهر، وخلفه في الوزارة عبد الواحد النبوي ذو الأصول الأزهرية، ما فسر على أنه محاولة من الدولة لاسترضاء الأزهر. كما أثار التساؤلات حول جدية الدولة في تجديد الخطاب الديني، وما أعلنه السيسي نفسه عندما طالب بـ «ثورة في الخطاب الديني».
بعض التعديلات بدت منطقية، خصوصاً في الوزارات التي لم تحقق نجاحاً يذكر، مثل السياحة والزراعة والتعليم والإسكان والاتصالات.
فتح هذا التعديل عدداً من التوقعات، خاصة بإقالة وزير الداخلية الذي اعتبره الكثيرون عائقاً أساسياً أمام إجراء أي تفاهمات مع جماعة «الإخوان المسلمين».
ولكن تلك التوقعات يخفضها عمرو هاشم ربيع، الخبير في «مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية» في حديثه إلى «السفير»، قائلاً إنه «من غير المتوقع أن يحدث أي تحول في العلاقة بين الدولة والإخوان، ومن الجانبين، في المدى المنظور على الأقل. ولا أعتقد أن إقالة إبراهيم لها صلة مباشرة بملف الإخوان. ولكن السبب هو الحالة الأمنية نفسها وأهمية تطوير الأجهزة، وعلاقتها بالجمهور. والوزير الجديد صاحب خطاب مختلف قد يعبر عن توجه مختلف للأجهزة الأمنية».
ويضيف ربيع أن «التغيير جاء بالفعل بعد تأجيل الانتخابات البرلمانية، فقد كان التغيير مؤجلاً حتى انعقاد البرلمان الذي أصبح غير محدد أجله. والملاحظ أنه لم يقترب من الوزارات الاقتصادية مراعاة لقرب انعقاد المؤتمر الاقتصادي، ولكنه انصب على الوزارات الخدماتية في محاولة لتحسين الأوضاع التي تعاني تدهوراً واضحاً، وبعض الوزارات التي تعاني من أزمات مزمنة، مثل الزراعة والسياحة»، موضحاً: «ولكن لا أحد ممن جاء يحمل عصا سحرية، والإصلاحات الخدمية وحتى الأمنية ستحتاج إلى وقت».
هذا ما يؤكده أيضاً شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم «حزب المصريين الأحرار»، لـ «السفير»، فيقول إنه «بالتأكيد عَجَّل بالتعديل الوزاري تأجيل الانتخابات البرلمانية. والتغيير بشكل عام جاء إيجابيا، وكان من الصعب بالطبع إجراء أي تعديل في الوزارات الاقتصادية، لأنها تعمل وفق خطة وهدف محددين. وفي اعتقادي إن التغيير الذي تم سينعكس على أداء الوزارات، حتى التي لم يطلها التغيير، لأن وجود احتمال التغيير في حد ذاته يدفع الجميع للعمل».
التعديل الوزاري جاء محدوداً، وارتبط بتأجيل البرلمان. ولكن هذا التعديل المحدود، حسم مصير وزير الداخلية الذي ظل محل جدل عند كل حادث أمني أو انتهاك، والذي صمد أيضاً برغم تبدل كل الوجوه. والسؤال الذي ستجيب عنه الأيام المقبلة: هل تغييره سيعني تغييراً في السياسات الأمنية وممارسة الأجهزة؟