الارهاب يطرق الابواب اللبنانية.. أي استراتيجية وطنية لمواجهته؟؟

الارهاب يطرق الابواب اللبنانية.. أي استراتيجية وطنية لمواجهته؟؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٣ مارس ٢٠١٥

ذو الفقار ضاهر
لا شك ان تلاقي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس "تيار المستقبل" سعد الدين الحريري حول "الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الإرهاب" سيلقي بظلاله في أكثر من مكان في الفترة المقبلة، وسيفتح باب النقاش حول كثير من الافكار المتعلقة بالارهاب ومواجهته ومكافحته، ولعله يشكل فرصة للانتقال للبحث به ليس فقط كبند في جدول أعمال الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بل ربما قد يشكل مادة للبدء بحوار وطني جامع بين جميع الافرقاء.
فلا يوجد فريق في لبنان لا يؤكد على صعوبة المرحلة الراهنة وخطورة الارهاب على الجميع ولبنان ككل، لذلك فمواجهة الارهاب هي مطلب ورغبة كل الاطراف دون استثناء، ولعلها أحد القواسم المشتركة الجامعة اليوم بين اللبنانيين، وبناء عليه قد تحتاج هذه الفكرة الى بعض الوقت والنقاشات حتى تتبلور صيغتها وآلية عملها وأسس حركتها، فهناك من بادر سريعا لاستباق كل النقاشات ليعلن ان الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب تتمحور بأن الدولة هي التي يجب ان تكون صاحبة القرار في هذه الاستراتجية لمواجهة الارهاب.
ومن هنا ماذا تعني استراتيجية وطنية لمواجهة الارهاب؟ وما هي مرتكزات هذه الاستراتيجية وما هي عناصرها ومكوناتها؟ فهل الاستراتيجية الوطنية هذه ستكون مكونة من الدولة حصرا؟ فإن كان الجواب بالايجاب فما معنى الحديث عن هذه الاستراتيجية طالما انها مكونة من شخص معنوي موجود له كيانه المادي ومؤسساته واجهزته؟ والبديل هنا هو العمل لتقوية الدولة وتسليح الجيش ورفع مستوى الاجهزة الامنية والاجتماعية والتربوية  لمواجهة الارهاب وتداعيته بكل أشكاله واساليبه.
ما هي عناصر "استراتيجية مكافحة الارهاب" وما جوانب المواجهة؟
وهل ان الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الارهاب تحتاج الى كل المكونات اللبنانية من أحزاب وكتل نيابية وحركات وفعاليات مجتمع مدني ورجال دين؟ ام انها يمكن ان تقتصر على شيء شبيه بمعادلة "شعب جيش مقاومة" ذائعة الصيت التي كُرست بمواجهة العدو الاسرائيلي وحققت الانتصارات للبنان؟ ام ان هذه الاستراتيجية الوطنية الجديدة تحتاج الى وقت طويل ربما كي تتبلور الافكار الكاملة حولها؟ وماذا لو تطلبت هذه الاستراتيجية الجلوس الى طاولة حوار وطني كي نعرف كيف ومتى ستنشأ وممن ستتالف وماهي آلية عملها؟
وبالحديث عن استراتيجية مكافحة الارهاب لا بدّ من التساؤل حول آثار ونتائج وتداعيات الحرب على الارهاب؟ فما هي نتائج مكافحة الارهاب من الناحية الاجتماعية والاقتصادية لا سيما فيما يتعلق بملف النازحين السوريين الى لبنان؟ وهل ان مكافحة الارهاب ضمن استراتيجية تقتصر على البحث في الجانب الامني او العسكري او السياسي؟ ام ان المواجهة تتطلب حراكا من نوع آخر له جوانب فكرية وثقافية وربما اجتماعية واقتصادية أيضا؟
حول كل هذه التساؤلات توجهنا الى المحلل السياسي الاستاذ غالب قنديل الذي اعتبر انه "في الوضع اللبناني الكلام عن الاستراتيجية ضروري لمكافحة الارهاب لان هناك إجراءات متعددة الاتجاهات والمستويات ومركبة في مجابهة التكفير الارهابي"، وراى انه "لا بد من التفاهم على عمل سياسي إعلامي ثقافي مشترك في تحصين المجتمع اللبناني ضد تيارات التكفير"، واكد ان "الامر ليس امرا أمنيا وعسكريا بحت على اهميته ولا يحل فقط بالتقنيات الامنية البحتة بل يجب القيام بعمل اجتماعي وثقافي واعلامي".
واوضح قنديل ان "بؤر وعصابات الارهاب تركز عملية الاستقطاب للشباب في البيئات الفقيرة والمتدينة إجمالا وتحاول جذب الشباب الفقير او العاطل عن العمل الساخط على المجتمع والدولة وتعمل على استغلال المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة منها"، واعتبر انه "يجب معالجة كل وجوه المشكلة كي نستطيع الوصول الى استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب".
وشرح قنديل ان "مفهوم استراتيجيا يعني التعاطي مع المشكلة بمجموع مستويات حضورها ومسبباتها ومظاهرها المختلفة"، وراى ان "البُعد الاجتماعي المتصل بمعالجة الحرمان والرعاية الانمائية والثقافية والاقتصادية للمناطق الفقيرة يشكل محورا اساسيا في هذه الاستراتيجية وهو يتطلب مشاريع كثيرة وعمل من مسؤولية الدولة".
وحول استراتيجية مكافحة الارهاب كبند من الحوار بين المستقبل وحزب الله، قال قنديل "الامر متوقف على مدى جدية تيار المستقبل بالتجاوب مع دعوة حزب الله لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب"، ولفت الى ان "حزب الله يطبق استراتيجيته لمكافحة الارهاب وهو يقدم الشهداء في سبيل ذلك في كل مكان يرى ان الواجب يفرض عليه ذلك"، واشار الى ان "المقاومة حاضرة دوما الى جنب الجيش اللبناني والاجهزة الامنية لمطاردة وتعقب وملاحقة الارهاب والتصدي له دفاعا عن لبنان"، وشدد على انه "يمكن الوصول لاستراتيجية لمكافحة الارهاب اذا وجدت ارادة لبنانية مشتركة جدية وصادقة من قبل جميع الاطراف ما يحتم ترجمتها بقرارات ومشاريع".
واشار قنديل الى "أهمية إيجاد القرار السياسي كي تتحرك الدولة لتأمين إنماء ومكافحة الفقر والحرمان كجزء من مكافحة الارهاب"، وتابع "هذا الموضوع يحتاج الى خطوات عملية وسريعة لانه خط هام لتجفيف موارد الارهاب"، واضاف "لا بدّ من نشر الوعي عبر الاعلام وتثقيف الناس وتقديم البرهان للمواطن العادي ان هذا الارهاب يشكل خطرا على كل اللبنانيين وعلى لبنان باكمله وهو لا يستهدف منطقة دون اخرى او فئة بعينها".
واعتبر قنديل ان "هذا الامر يحتاج الى خطاب سياسي واحد في التعامل مع ظاهرة الارهاب والتكفير وليس تبرير جرائم الارهابيين وعدم التماس الاعذار وعدم تضليل الناس بالحديث عن ثوار في سوريا ومحاولة الغمز دائما من قناة مشاركة حزب الله في المعركة ضد الارهاب في سوريا"، وتابع "يجب مواجهة الخطر الارهابي بخطاب موحد لانه قد نختلف بالمسببات ولكن في النتيجة اليوم نحن امام نتيجة واضحة فالارهاب خطر وجودي يهدد الجميع ويجب التصدي له".
وبالنسبة لعناصر استراتيجية مكافحة الارهاب الوطنية، رأى قنديل ان "البحث بالاستراتيجية يجب ان يشمل كل القوى الحية في المجتمع اللبناني وان تحشد لها كل الطاقات وعدم الاكتفاء بالحوارات الثنائية"، واعتبر انه "يجب ان تكون هذه الاستراتيجية محور عمل للحكومة اللبنانية وبرنامجا يشكل مضمون بيانها الوزاري".
وفيما لفت قنديل الى ان "الالتفاف حول الجيش والاجهزة الامنية هو جزء لا يتجزأ من مكافحة الارهاب"، اكد ان "الاداء الاعلامي وتصويبه يشكل جزءا من مكافحة الارهاب فيجب عدم الترويج له بشكل مقصود او غير مقصود وعدم تسميم وعي اللبنانيين بل يجب التثقيف بضرورة مواجهة هذا العدو الواحد للجميع".
وفي هذا الاطار، أشار قنديل الى ان "المجلس الوطني للاعلام لحظ ان الاداء الاعلامي اللبناني يتحسن عندما يكون هناك مراقبة سياسية ومهنية لوسائل الاعلام"، وأسف ان "هذا التفلت الاعلامي اللبناني احيانا يحصل نتيجة ضغط او طلب سياسي من قبل بعض الاطراف"، واعتبر ان "التفاهم الوطني لمكافحة الارهاب سيفرض ضوابط جديدة في الاداء الاعلامي لان مالكي وسائل الاعلام ينتمون الى اطراف ساسية او يدورون في فلكهم".
ولأن الارهاب يحاول التلطي بغطاء الدين لتبرير جرائمه، يؤكد قنديل ان "على رجال الدين الدور الاساسي والحاسم لتعبئة الناس وتوعيتها لمواجهة التكفير والارهاب لا سيما ان الجماعات التكفيرية تستخدم نصوصاً اسلامية لتبرير جرائمها وهذا ابشع صور تسفيه الدين وتشويه صورته امام الاجيال المختلفة لا سيما الصاعدة منها والشباب بالاخص"، وطالب "المؤسسات الدينية وفي طليعتها دار الافتاء بالقيام بدورها في هذا المجال كجزء من استراتيجية مكافحة الارهاب".
ولعل اكثر ما يمكن استغرابه كيف ان بعض الاطراف في لبنان قد تدير بوجهها عن الخطر الارهابي المحدق من الحدود مع سوريا، حتى ان البعض ما زال ينادي بسياسة دفن الرأس في التراب والذي عبّر عنها لبنانيا بسياسة "النأي بالنفس"، رغم ان الكون كله لا ينأى بنفسه عن الأزمة السورية، فلماذا نقوم نحن بذلك بينما الخطر يطرق أبوابنا بشكل داهم ومستعجل ولماذا علينا دائما طرح وكان لبنان جزيرة منعزلة عن محيطها؟ فالجميع يعلم ان المنطقة تغلي بل تشتعل فما الذي يجعل البعض مطمئنا لهذه الدرجة ان لبنان يعيش في رخاء ونعيم.
فالانسان اي انسان عندما يرد اليه ان هناك عاصفة مناخية قادمة اليه مثلا يقوم بشكل بديهي بتحضير نفسه وبيته وأهله لمواجهة العاصفة خوفا من البرد والاضرار والشتاء وغيرها.. وهذا ما نحن عليه فالعاصفة الارهابية لا تتحضر فقط للوصول الينا بل هي كذلك منذ فترة طويلة فما يمنعنا من تجهيز العدة للمواجهة بل حتى للهجوم؟؟