لماذا الأشوريّون متروكون فيما الأكراد محميّون؟

لماذا الأشوريّون متروكون فيما الأكراد محميّون؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١ مارس ٢٠١٥

صور الغرب معركة كوباني على انها معركة استراتيجية مهمة جدا اذا سقطت، ربح «داعش» الحرب كلها وفشل التحالف الدولي امامه. ولذلك روجت وسائل الاعلام ان كوباني او بلدة عين العرب هي نقطة تحول في الحرب على الارهاب وهي بداية النهاية لتنظيم الدولة الاسلامية رغم ان مناطق كثيرة هي اكثر اهمية من كوباني استفرد بها «داعش» ودمرها وروع سكانها الا انها لم تلق الاهتمام ذاته.

وهنا نتساءل لماذا كوباني اضحت اولوية فيما همشت مناطق اخرى؟ لماذا اظهر الغرب تعاطفا مع الاكراد فيما مسيحيو العراق والايزيديون ومسيحيو سوريا وآخرهم الاشوريون السوريون تركوا لمصيرهم ؟ لماذا لا تدافع الولايات المتحدة عن الاشوريين السوريين مثلما دافعت عن الاكراد؟ لماذا لا تغير طائراتها على «داعش» في الحسكة مثلما امطرت كوباني بالغارات على مواقع لـ «داعش»؟

الحقيقة هي ان هناك مخططا يرمي الى خلق دولة للاكراد على الاراضي السورية بدعم اسرائيلي وتغاض اميركي رغم ان تركيا ستعترض على هكذا مشروع الا انه اذا قررت اميركا واسرائيل ذلك فسيكون على تركيا ان تتجرع الكأس المر دون اي اعتراض. وخير دليل على ذلك، ان تركيا لم تتدخل في حرب كوباني وكانت تعترض على السماح للاكراد خارج كوباني بمساندة اكراد عين العرب الى ان مارست واشنطن وتل ابيب ضغوطهما على انقرة فسمحت الاخيرة بدخول مقاتلين من «البيشمركة العراقية» والجيش السوري الحر الموالي لتركيا. فتغيرت موازين القوى بين «داعش» والاكراد واستطاع الاكراد ان يحققوا انتصارات على تنظيم الدولة.

أما عندما كان المسيحيون في العراق يتعرضون لهجمات وحشية وعندما كان ارتكاب المجازر ضدهم من قبل ارهابيي داعش لم يتدخل التحالف لحمايتهم بل تركت دماؤهم تسيل وتفرج على موتهم. تخلى التحالف الدولي عن مسيحيي العراق فلم تقم طائراته باضعاف تنظيم الدولة كيلا يرتكب الفظائع بالمسيحيين ويقتلهم ويشردهم ويهجرهم من مناطقهم ويستولي على عقاراتهم.

واذا تكلمنا عما تعرض له الايزيديون في العراق من اعمال بربرية ودموية ومن حملات ابادة ضدهم، فهم واجهوا مصيرا اشد عنفا من مصير الاكراد في كوباني لكن التحالف الدولي كرر الامر نفسه مع الايزيديين ولم يتدخل لحمايتهم. بيد ان «داعش» تاجر بنسائهم وباع اطفالهم وقتل رجالهم وهجرهم من مناطقهم.

فماذا فعل التحالف الدولي المؤلف من 60 دولة حيال المجازر التي ارتكبها مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية ضد الايزيديين ؟ لا شيء.

لم يتحرك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة رغم عدد الضحايا الكبير الذي سقط من جراء العنف الذي مارسه «داعش» عليهم ولم تنفذ طائراته غارات جوية على مواقع لـ «داعش» في مناطق الايزيديين لانهم ببساطة ليسوا اولوية عند هذا التحالف ولم يربط الايزيديين بالاسرائيليين علاقة استراتيجية باطنيا.

والان المأساة تتكرر مع الاشوريين السوريين الذين اختطف «داعش» عدداً كبيراً منهم واضطهدهم الا ان التحالف الدولي يكاد ينفذ بضع غارات لا تغير المعركة ولا تحمي الاشوريين. ترى لماذا يترك التحالف الدولي «داعش» يضطهد الاشوريين السوريين المسيحيين ولا يحرك ساكنا؟ لماذا لا يمدهم بالسلاح وهم صامدون مثل الاكراد الى الان؟

ذلك لان اسرائيل تريد ان تهجر المسيحيين من الشرق وتسعى جاهدة الى محو حضارة بلاد ما بين النهرين. والحال ان الاشوريين هم مجموعة عرقية من اقدم حضارات الشرق الاوسط ولذلك الحقد اليهودي و مخططه المرتكز على التورات لا يتقبلان حضارة الا حضارته وما هي حضارته الا القتل والوحشية والتعذيب والمجازر والابادة.

بات واضحا ان التحالف الدولي له اولويات في حربه على «داعش» فهو اتى ليقصف مناطق وترك مناطق اخرى تقع تحت سيطرة «داعش» وهو اتى ايضا ليحمي فئة معينة ويترك فئة اخرى فريسة سهلة للارهاب بهدف تغيير خريطة المنطقة وخلق دول تصب في مصلحة الاسرائيليين في المنطقة. فماذا تفسرون وتبررون مساندة التحالف للاكراد في كوباني ومناطق اخرى في مواجهة «داعش» ومده بالسلاح لتحقيق النصر فيما يتغاضى عما يحصل لمسيحيي العراق والايزيديين والاشوريين السوريين؟