كيف تساهم فرنسا في القمع بالبحرين؟

كيف تساهم فرنسا في القمع بالبحرين؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٧ فبراير ٢٠١٥

منذ بدايات الاحتجاجات السلمية في فبراير 2011، اختارت القوّات الأمنية الاستخدام المكثّف لهذا السلاح “المكافح للشغب” و”غير القاتل” المستخدم من قوّات الشرطة جميعها حول العالم، ويذكر أحد المتظاهرين الحاضرين في الشوارع منذ بداية حراك 2011 أنّ: “في بداية المظاهرات، استخدمت الشرطة البحرين المسدسات، ولكنّ الصور المروعة للمتظاهرين تسبّبت في فضيحة في الخارج. وبالتالي لتفادي إثارة غضب الحلفاء الغربيين، قرّر النظام اللجوء المكثّف للغاز المزيل للدموع”؛ إلّا أنّ الشرطة البحرينية استخدمته كما لم تستخدمه أيّ قوّة أمنية أخرى في العالم من خلال إطلاق قنابل الغاز على المساكن بانتظام وإحداث عدّة أضرار.

تمتلئ المنازل بسحب كثيفة من الغاز المسيل للدموع؛ ممّا جعل الضحايا غير قادرين على استنشاق الهواء. ويعدّ الرضع وكبار السنّ الأكثر تضرّرًا؛ فبين عامي 2011 و2013 توفّي 39 شخصا على الأقل جرّاء التعرّض لفترات طويلة إلى الغاز المسيل للدموع حسب المنظمة غير الحكومية، أطباء من أجل حقوق الإنسان. ومن خلال استخدام القنابل المسيلة للدموع في الأماكن الضيقة مثل المنازل، تنتهك الشرطة البحرينية الاتّفاقية الدولية لمناهضة استخدام الأسلحة الكيميائية باعتبار أنّ العنصر الكيميائي في القنابل المسيلة للدموع غاز الـ CS مصنّف رسميا كسلاح كيميائي؛ إلّا في حالة استخدامه لأغراض حفظ النظام بشرط أن يتمّ إطلاقه في الهواء الطلق، وأن تزول آثاره سريعا. وهذا ما لم يحدث في البحرين كما هو واضح.

 

تعليق البيع؟

سرعان ما أظهرت فرنسا موقفا متقدّما إزاء القمع العنيف للمتظاهرين في البحرين؛ إذ أعلنت وزارة الدفاع في بيان لها أنّ فرنسا: “قد علّقت تزويد [المملكة البحرينية] بمعدّات يمكن أن تستخدم لأغراض قمعية منذ يوم 17 فبراير 2011“.

إذ تعدّ فرنسا أبرز المصنّعين للمعدّات المكافحة للشغب بما في ذلك القنابل المسيلة للدموع، وتعدّ الشركة التابعة لمجموعة لاكروا المتخصّصة في الألعاب النارية، ألستكس رائدة القطاع في فرنسا. وتكتفي الشركة بموقع محدود المعلومات على الإنترنت لتتمتع بسرية أسطورية تجاه الصحفيين؛ ولكن يمكن أن نكتشف على كتالوج قديم المنتج الرائد للماركة: قنبلة الغاز المسيل للدموع GM2 وهي قنابل كانت تباع للملكة بشكل قانوني قبل أحداث فبراير 2011، ولكنّ تمّ استخدامها بكثافة بعد الحظر بين عامي 2011 و2013 كما يظهر في هذا الفيديو الّذي نشر على يوتيوب في نوفمبر 2011؛ حيث نتعرّف بوضوح على الأرض (بداية من الدقيقة 2 و33 ثانية) على أنموذج من الـ GM2 المصنّعة من قبل شركة ألستكس:

 

ولكنّ هذا لا يعني آليا أنّ حظر تصدير معدّات مكافحة الشغب لم يطبّق؛ لأنّ النظام يمتلك مخزونا قديما من الغاز المسيل للدموع المصنّع لدى ألستكس. وهذا ما أكّده مسؤول على اطلّاع بالملفّ اختار عدم الكشف عن اسمه: “بداية من اللحظة الّتي منعت فيها الوزارة تزويد [المملكة البحرينية] بقنابل الغاز المسيل للدموع، احترمت الشركة الحظر وتوقّفت عن التسليم. وإذا ما وجدنا قنابل للشرطة هناك بعد المنع فهذا للجوء الشرطة إلى مخزونها أي لم تتمّ عمليات تسليم جديدة“؛ إلّا أنّ المعلومات الّتي وردتنا تبيّن أن القنابل المسلية للدموع المصدّرة لاحقا من قبل ألستكس استخدمت من قبل الشرطة البحرينية ليتأكّد بذلك تزويد فرنسا للبحرين بهذا السلاح من جديد.

صور فاضحة


 
حصلنا في الواقع يوم 16 فبراير 2015 على صور من ناشطين حقوقيين متواجدين في البحرين تبيّن القنابل الّتي تمّ جمعها من الأرض يوم 13 فبراير 2015 بعد إطلاقها من قبل الشرطة خلال مظاهرات إحياء الذكرى الرابعة لانتفاضة 2011، وما كتب عليها مهمّ للغاية: الرقمان الأخيران “12” يكشفان عن السنة الّتي صنعت فيها القنابل: 2012. أيّ إنّ قنابل ألستكس صنعت بعد حظر تصديرها إلى البحرين. فهل انتهكت فرنسا الحظر الذي فرضته على نفسها؟


ردّت المنظمة غير الحكومية البحرين ووتش التي تقوم بتوثيق دقيق للأحداث منذ عام 2011 على الفور على هذه المعلومات: “لقد تسبّب الاستخدام المفرط لقنابل الغاز المسيل للدموع من قبل البحرين إلى موت عشرات الأشخاص منذ 2011. وعلى السلطات الفرنسية أن تمنع تصدير هذه القنابل إلى البحرين، وفتح تحقيق لفهم كيف يستمرّ استخدام القنابل المصنّعة من شركة ألستكس لقمع المطالب الديمقراطية“.

فكيف وجدت هذه القنابل على الأرض رغم منع وزارة الدفاع [تصدير معدّات مكافحة الشغب]؟ وهل انتهكت فرنسا عمدًا الحظر المفروض عام 2011؟ لا تجيب الوثائق الرسمية المتوفّرة عن هذا السؤال؛ ففي تقرير للبرلمان عن صادرات الأسلحة في سنة 2012، أشارت وزارة الدفاع إلى بيع للبحرين ضمن فئة ” ML7 ” الّتي تضمّ من بين معدّات أخرى القنابل المسيلة للدموع بقيمة 251357 يورو. فهل كانت تزويدا بالقنابل المسيلة للدموع؟ نفت وزارة الدفاع هذا عند التوجّه لها بالسؤال الأسبوع الماضي؛ إذ أكّدت من خلال متحدّثها الرسمي بيار بايل أنّ “معدّات مكافحة الشغب ليست معدّات حرب، وبالتالي لا تخضع للأنظمة المعمول بها من قبل وزارة الدفاع“. وهذا غريب؛ لأنّ القائمة المشتركة للمعدّات العسكرية بين دول الاتّحاد الأوروبي الّتي من المفترض أن تعود لها فرنسا بالنظر فيما يتعلّق بصادرات الأسلحة تصنّف الغازات المسيلة للدموع كـ “عوامل لمكافحة الشغب” المجمّعة تحت فئة الـ ” ML7“.

التحايل على القواعد


قدّمت وزارة الدفاع الإجابة نفسها في وثائقي بثّ على الـCanal +؛ إذ بيّن بيار بايل آنذاك أنّ المعدّات المصنّفة ضمن فئة الـ ” ML7” كانت تسلّم بانتظام إلى البحرين، ولكنّها لم تكن سوى “معدّات كشف ولم تكن أبدًا معدّات عدوانية“.

وهكذا، قد تستخدم البحرين طرقا أخرى للتزوّد بقنابل الغاز المسيل للدموع الفرنسية، ويتمثّل الخيار الأوّل في الحصول على القنابل الّتي تصدّرها فرنسا إلى حليفي البحرين: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة. إذ باعت لهما فرنسا في 2012 معدّات من فئة الـ ML7”