صواريخ «ميلان» للمعارضة السورية.. و«أرض جو» للحوثيين!

صواريخ «ميلان» للمعارضة السورية.. و«أرض جو» للحوثيين!

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٧ يناير ٢٠١٥

صواريخ «ميلان» للمعارضة السورية.. و«أرض جو» للحوثيين!
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثامن والأربعين بعد المئتين على التوالي.
الكل يتصرف في الداخل على أساس أن التسوية الرئاسية مؤجلة أقله حتى آذار المقبل، الموعد الجديد للتفاهم النووي السياسي الأولي، إلا إذا نجح المتضررون منه بتعطيل مساره وصولا إلى تطيير موعد التسوية النووية الشاملة المرتقبة بحلول الأول من تموز 2015، في نسخة مكررة لـ «فعلة» تشرين الثاني الماضي.

حتى أن الحماسة الفرنسية التي تم التعبير عنها بسلسلة رحلات مكوكية بين باريس وطهران والرياض وبيروت وروما، لم تتضاءل وحسب، بل إن الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو، تبلغ من الإيرانيين رفضهم القاطع أية محاولة ضغط منهم على حلفائهم في لبنان للمشاركة في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وهم تمسكوا بمقولتهم حول أهمية توافق المسيحيين على من يختارونه رئيسا للجمهورية، وأن يكون اللقاء بين ميشال عون وسعد الحريري ممرا إلزاميا لأي تفاهم في هذا الاتجاه أو ذاك.

واللافت للانتباه هو تردد جيرو في زيارة بيروت مرة جديدة، لإبلاغ المسؤولين اللبنانيين نتائج جولته المكوكية الأخيرة التي جعلته يكوّن انطباعا مفاده أن الأمور تعود إلى الوراء، وأن الملف الرئاسي اللبناني صار مرتبطا ارتباطا وثيقا بالملف السوري، الأمر الذي يعني أن لا رئيس جمهورية للبنان إذا لم توضع سوريا على سكة التسوية السياسية.

وبين موعد آذار النووي الإيراني، وموعد التسوية السورية التي ربما تحتاج إلى سنوات، تتعامل القوى السياسية اللبنانية بواقعية شديدة، على قاعدة حصر الأضرار، ومحاولة مراكمة عناصر تساعد كل فريق في امتلاك أوراق إضافية في انتظار أوان التسويات الإقليمية واللبنانية، تماما كما يفعل معظم اللاعبين الإقليميين.

وإذا كانت الرغبة «المستقبلية» بتسوية رئاسية مرتبطة تلقائيا بالعودة الحريرية إلى السرايا الكبيرة، فإن «تقريشها» لا بد أن يأخذ في الاعتبار معطيات إقليمية، أبرزها أن لبنان في هذه اللحظة، برغم الالتزام بقرار فك الاشتباك سياسيا في فالقه السني ـــ الشيعي، ليس معزولا عن حسابات المنطقة.

التسويات الكبرى مؤجلة
صحيح أن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى الرياض للتعزية بالملك عبدالله بن عبد العزيز، قد أعطت انطباعات إيجابية بالشكل، لكن من يدقق بملفات الاشتباك السعودي الإيراني في طول المنطقة وعرضها، يجد أن فرص التسويات الكبرى، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو لبنان أو البحرين، مؤجلة إلى اللحظة التي يبدأ فيها اللاعبون الدوليون والإقليميون ترسيم حدود النفوذ الإقليمي لهذه الدولة أو تلك، بديلا للحدود الجغرافية التي أنتجها اتفاق سايكس ـــ بيكو قبل نحو قرن من الزمن.

فالسعوديون ما زالوا مصرين على رحيل الرئيس بشار الأسد، برغم التطور الجزئي في الموقف الغربي، لمصلحة مرحلة انتقالية لا تطرح فيها قضية الرئاسة بل الحفاظ على النظام شرط توسيع قاعدته السياسية من خلال حكومة بصلاحيات حقيقية (باستثناء الدفاع والأمن). وتشير المعلومات إلى أن السعوديين اتفقوا مع الفرنسيين، بعد زيارة وزير الدفاع الفرنسي الأخيرة إلى الرياض، على تزويد مجموعات المعارضة، التي يجري تدريبها حاليا في مدينة الطائف، بصواريخ «ميلان» وبـ «أنواع جديدة» من الصواريخ والقذائف المدفعية عند انتقالها إلى الأراضي السورية.

وما يسري على سوريا ينطبق بدرجة أكبر على اليمن، فالسعوديون يعتبرون أن الإيرانيين يمدّون يدهم للحوار «ولكنهم لا يبادرون إلى اتخاذ أية خطوات أو مبادرات عملية في هذا الاتجاه بل يبادرون إلى إرسال أسلحة وقوات إلى البؤر المضطربة، خصوصا في سوريا واليمن، وهم لم يكتفوا بما جرى من «انقلاب» في صنعاء، بل زوّدوا الحوثيين مؤخرا بصواريخ أرض جو تشكل تهديدا صارخا للأمن القومي السعودي». وبنى السعوديون على أساس هذا المعطى ليطلبوا من الأميركيين والفرنسيين تزويدهم بصور من الأقمار الصناعية لليمن من أجل «تحديد أماكن زرع الصواريخ الإيرانية الجديدة بيد الحوثيين».

حتى أن النظرة السعودية الايجابية لمرحلة ما بعد إزاحة نوري المالكي في العراق، بدأت تتراجع لمصلحة نظرة تنحو باتجاه السلبية يوما بعد يوم، فهم، يأخذون على رئيس الحكومة العراقية أنه لم يبادر إلى اتخاذ أية خطوات لإعادة السنّة إلى مؤسسات الدولة وصولا إلى إشراكهم بالحرب ضد الإرهاب، بل إن ما يسميها السعوديون «بعض الممارسات الميليشيوية» تؤدي إلى انضواء عشائر عراقية جديدة تحت لواء «داعش»، ولذلك، يعتبرون أن كل غارات التحالف الدولي وحتى أية عملية برية على الأرض «ستكون من دون جدوى من دون مسار سياسي يؤدي إلى إشراك المكوّن السني في السلطة».

في ظل هذا المناخ الإقليمي المحتدم، وبرغم الانتقال الهادئ للسلطة في السعودية، فإن المرحلة المقبلة، تشي بمحاولة الأطراف الإقليمية تعزيز مكاسبها بالنار، وهنا، تصح مقولة أن اللبنانيين يسرقون استقرارهم ولو بحده الأدنى من فم التنين الإقليمي الهائج، وتصبح كل المعطيات الأمنية الآتية، سواء من رأس بعلبك وعرسال إلى جبل محسن مرورا بمخيم عين الحلوة، مجرد عناوين صغيرة، في ظل المعطيات التي تهدد مصائر دول من حول لبنان.

وحسناً فعل ميشال عون بأن قرر زيارة السعودية برفقة وزيري الخارجية جبران باسيل والتربية الياس بو صعب لتعزية قيادتها برحيل ملكها السابق، وهو نسّق هذه الزيارة مع سفير السعودية في لبنان علي عواض عسيري، في انتظار أن يتلقف سعد الحريري المبادرة للاجتماع بـ «الجنرال» في الرياض، من دون تكبير أوهام حول اللقاء إذا حصل أو لم يحصل، لأن ثمة قناعة راسخة في الرابية بأن زمن صناعة الرئيس اللبناني لم يحن بعد، وهي القناعة التي جعلت ميشال عون يذهب بعيدا في التحضير للحوار مع جعجع، بمحاولة الاتفاق على ورقة عمل مسيحية «تاريخية»، لعلها تملأ الفراغ ما دام اللقاء ـــ القمة مؤجلاً لاعتبارات تخص الطرفين لا أحدهما، فلو كان «الجنرال» مستعجلا لأحرج خصمه بالموعد والعكس صحيح، لكن الاثنين يأخذان وقتهما ويحاولان استثمار «الثنائية» في ساحاتهما.. ما دامت معطيات الرئاسة ليست في جيب أحدهما ولا مصلحة لكليهما بوصول حوارهما إلى حائط مسدود، بما يؤدي تلقائيا إلى فتح الأبواب الأخرى رئاسيا!