واشنطن - هافانا: نهاية نصف قرن من العداء

واشنطن - هافانا: نهاية نصف قرن من العداء

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤

بعد نزاع استمر نحو نصف قرن، بدأت الولايات المتحدة وكوبا تقارباً تاريخياً مع الإفراج، أمس، عن الأميركي آلان غروس المعتقل في هافانا منذ خمس سنوات.
لقد قطعت واشنطن في كانون الثاني من العام 1961، العلاقات الديبلوماسية مع هافانا بعد تقارب ثوار فيدل كاسترو مع الاتحاد السوفياتي ومصادرة ممتلكات أميركية. وتطورت حالة العداء بين البلدين في نيسان من العام نفسه، إذ قامت الولايات المتحدة بتدبير محاولة إنزال فاشلة نفذها منفيون كوبيون في خليج الخنازير قرب الجزيرة الشيوعية.
ومنذ ذلك الحين تحول العداء بين الدولتين الرأسمالية والإشتراكية إلى حرب باردة، اتخذت خلالها واشنطن اجراءات حصار صارمة ضد الجزيرة التي قاطعت بدورها السلع الأميركية واتجهت الى اعتماد سياسة الاكتفاء الذاتي في الموضوع الاقتصادي والتشديد الرقابي على أي انفتاح سياسي أو إعلامي تجاه الدول الغربية "الامبريالية". وفي العام 1962 أصدر الرئيس الأميركي آنذاك، جون كينيدي قراراً بفرض حصار تجاري على كوبا، في حين وقعت أزمة كبرى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في تشرين الأول من العام ذاته، بعد نصب صواريخ نووية سوفياتية على الجزيرة.
وفي محاولة منها لاستقطاب الكوبيين، قامت الولايات المتحدة من خلال قانون "التسوية" الذي صوت عليه الكونغرس في العام 1966، بمنح حق اللجوء وتأشيرة عمل للكوبيين الذين يهاجرون بشكل غير مشروع.
لكن في عهد الرئيس جيمي كارتر، اتجهت العلاقات نحو تخفيف التوتر، إلى حد ما، فتم السماح بفتح مكتب المصالح الأميركية في هافانا في العام 1977، والذي خفف الحصار. وفي العام 1995، تم إبرام اتفاقات بين البلدين حول الهجرة. لكن هذه الاتفاقات لم تكن سوى تسويات لتصحيح بعض الأمور وتسهيل محدود للإجراءات، فقد قامت واشنطن في العام 1996 بتعزيز الحصار الأميركي عبر "قانون هيلمز- برتون"، الذي يفرض عقوبات على كل مؤسسة أو شركة تتعامل تجارياً مع هافانا.
في العام 2001، شدد الرئيس الأميركي جورج بوش- الإبن، الحصار عبر زيادة القيود على عدد الرحلات وتحويل الأموال إلى الجزيرة، فيما أعلنت كوبا في العام 2004 وقف تبادلاتها التجارية بالدولار.
ولعل بداية غيث تخفيف حدة القطيعة بين البلدين كانت حين طالبت دول أميركا اللاتينية في قمة اتحاد "ميركوسور" برفع الحصار عن كوبا.
خطوة اتت ثمارها بعد نحو عام في الـ 2009 ، حين رفع الرئيس الأميركي باراك أوباما جميع القيود عن السفر والتحويلات المالية للكوبيين الأميركيين إلى الجزيرة. وقال في قمة الأميركيتين انه يريد "نقل العلاقات الأميركية الكوبية الى اتجاه جديد".
وفي نيسان من العام نفسه، بدأ ممثلون عن البلدين مباحثات غير رسمية في محاولة لإنعاش الحوار. واقترحت واشنطن في أيار على كوبا استئناف المفاوضات حول الهجرة المعلقة منذ العام 2003، الأمر الذي وافقت عليه.
بيد ان التوتر عاد الى الواجهة في 3 كانون الأول من العام 2009  حين أوقف الان غروس الذي عمل لصالح وزارة الخارجية الأميركية في كوبا. وحُكم على غروس في العام 2011، بالسجن 15 عاماً بتهمة إدخال معدات للبث عبر الأقمار الإصطناعية، وهي محظورة على الجزيرة. ودعا البيت الأبيض الى "الإفراج عنه فوراً".
وخلال زيارته هافانا في العام 2012، دان البابا بنديكتوس السادس عشر "الإجراءات الاقتصادية المقيدة المفروضة من الخارج" في إشارة الى الحصار الأميركي.
- 2013لكن العام 2013 كان محطة مهمة في اعادة ترطيب العلاقات، إذ قام أوباما والرئيس الكوبي راوول كاسترو بمصافحة تاريخية في أثناء تشييع نيلسون مانديلا في سويتو (جنوب افريقيا).
وفي 9 كانون الثاني من العام 2014 الحالي، استأنف البلدان الحوار حول سياسة الهجرة.
وأكد رئيس غرفة التجارة الأميركية، في 30 أيار الماضي، لهافانا أن الوقت حان لفتح فصل جديد بين البلدين.
وفي 17 تشرين الأول الماضي، شكر وزير الخارجية الأميركي جون كيري كوبا على مساعدتها في الجهود الدولية لمكافحة فيروس "إيبولا"، بينما اقترح  الزعيم الكوبي فيدل كاسترو على واشنطن التعاون في هذا المجال.
وفي 3 كانون الأول، عرضت واشنطن تحسين العلاقات مع كوبا مقابل الإفراج عن غروس. خطوة تحققت أمس مع اطلاق السجين الأميركي في هافانا، "لدواع إنسانية". كما أُفرج في الوقت نفسه عن أميركي مسجون في كوبا منذ 20 عاماً مدان بالتجسس، مقابل الإفراج عن ثلاثة معتقلين كوبيين مدانين بالتجسس ايضاً، في الولايات المتحدة.
وأعلن أوباما عن "عهد جديد" مع كوبا أمس، مؤكداً فشل عزل كوبا وداعيا الى "مقاربة جديدة"، قائلاً: "كلنا أميركيون".". وفي المقابل، أكد راوول كاسترو استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، موضحاً انه لا تزال هناك نقاط ينبغي حلها في ملف الحصار.