فرنسا على طريق الإعتراف بفلسطين وصهاينتها يحتجّون

فرنسا على طريق الإعتراف بفلسطين وصهاينتها يحتجّون

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

 ناقش النواب الفرنسيون صباح الجمعة 28 تشرين الثاني/نوفمبر مذكرة اعترافٍ بالدولة الفلسطينية طرحها "الحزب الاشتراكي" الحاكم، وقد شارك نحو 70 نائبًا فرنسيًا بالجمعية الوطنية في الجلسة. وسيتم التصويت النهائي على هذه المذكرة الثلاثاء المقبل، علمًا أنّ التصويت سيكون رمزيًا ولن يؤثر في موقف الرئيس فرانسوا هولاند ولا على حكومة مانويل فالس كونه غير ملزم.

وفي كلمته أمام النواب، برر رئيس الكتلة النيابية لـ"لحزب الاشتراكي"، برونو لورو، ضرورة اعتراف فرنسا بدولة فلسطين في وقتٍ بدأت فيه الطرق نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط تتقلص أكثر مما مضى. وقال لورو: "النزاع الإسرائيلي الفلسطيني له صدى كبير في العالم. لقد حان الوقت لفرنسا أن تأخذ مسؤولياتها وتلعب دورًا إيجابيًا لحل هذا النزاع". مضيفًا: "آمال كثيرة خابت وحروب عديدة دمرت الشعبين. يجب أن نضع حدًا نهائيًا للمعاناة. هذا هو الهدف من المذكرة التي تقدمنا بها بكل تواضع. نحن نريد أن نضم جهودنا لأولئك الذين يريدون فرض السلام في المنطقة".

وأضاف لورو أنّ "الجمعية الوطنية ستطلب من الحكومة الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية"، متسائلًا "لماذا لا يمكن أن نحقق في فرنسا ما تم تحقيقه في السويد أو في أسبانيا؟". كما حذّر من اندلاع انتفاضة ثالثة بسبب السياسة الاستيطانية التي تمارسها "إسرائيل"، داعيًا إلى إنهائها فورًا لتمكين الشعبيين من العيش جنبًا إلى جنب".

وإلى ذلك، صرّح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنّ بعد 25 سنة من المفاوضات العقيمة، أصبح الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضروريًا، وهذا لتمكين "إسرائيل" من أن تتطور اقتصاديًا وبشكل آمن. وقال فابيوس في ختام المناقشة: "فرنسا مستعدة لتنظيم مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط. نحن نساند المحادثات بين "إسرائيل" والفلسطينيين، لكننا نرفض أن تطول إلى الأبد أو أن تتحول إلى طريقة لتسيير الأزمة". ودعا فابيوس الدول الأوروبية والعربية إلى تقديم الدعم لبلاده من أجل التوصل إلى حل نهائي يقضي بإنشاء دولتين على أرض واحدة، محذرًا في الوقت نفسه أنّه في حال لم تفض المحادثات إلى حل نهائي، ففرنسا ستأخذ مسؤولياتها وتعترف بالدولة الفلسطينية".

وأنهى فابيوس كلامه قائلا: "نحن نرفض مجرد الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل رمزي، بل نريد أن تصبح فلسطين دولة حقيقية قائمة بذاتها، لها مؤسساتها وتعيش إلى جانب "إسرائيل" وفق حدود 1967، وتكون عاصمتها القدس".

على المقلب الآخر، طالب كرستيان استروزي، وهو نائب من حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" المعارض، وقف أعمال الجمعية بحجة أنّ الحكومة هي الوحيدة المخولة لمناقشة قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية، إلا أنّ رئيس البرلمان رفض ذلك. واعتبر زميله في الحزب اليميني بيار لولوش، أنّ المبادرة التي اتخذها "الحزب الاشتراكي" لن تقوم بتهدئة الأوضاع في فرنسا، مضيفًا: "لست ضد دولة فلسطينية، لكن الظروف السياسية الحالية غير ملائمة، وأي اعتراف بهذه الدولة يعني الاعتراف بشكل غير مباشر بالإرهاب والعنف كوسيلة للتوصل إلى ذلك".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذّر من اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، قائلًا إنّ تصويت فرنسا للاعتراف بدولة فلسطين في 2 كانون الأول/ديسمبر سيكون "خطأً فادحًا وغير مسؤول". كما أعلن السفير الإسرائيلي في فرنسا يوسي غال الخميس 27 تشرين الثاني/نوفمبر أنّ تصويت النواب الفرنسيين على مشروع قرار حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد "يفاقم الوضع ويؤدي إلى أعمال عنف في فرنسا".
من جهتها، رحبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، الجمعة، بالدور "البناء" الذي تنوي فرنسا القيام به لتسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، بعد دعوة فرنسا إلى السعي إلى حل هذا النزاع المزمن خلال سنتين، معتبرةً "كون الفرنسيين يريدون لعب دور بناء أمر مشجع".

أما على الصعيد الشعبي، فقد شهدت العاصمة الفرنسية نهار الجمعة مظاهرتين أمام الجمعية العامة، الأولى صباحًا دعمًا لـ"إسرائيل"، والثانية من بعد ظهر اليوم نفسه دعمًا للقضية الفلسطينية.

وقد تجمع حوالي 250 متظاهرًا في الصباح أمام الجمعية العامة، حيث رفض المتظاهرون اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية مردّدين أنّ هذا الاعتراف "سيزيد من إرهاب حماس"، وسيعطيها شرعية دولية.. بدوره زعم الفرنسي الإسرائيلي "ماير حبيب" أنّ القدس مدينة إسرائيلية منذ 3000 سنة، وأنّ الاعتراف بدولة فلسطين يعني الاعتراف بحماس كونها جزء من الدولة". أما كلود غوسغن، وهو نائب من الاتحاد من أجل حركة شعبية، فقد حذّر من تصاعد الحركات المناهضة للصهيونية، معتبرًا أنّ هذا الاعتراف سيولّد الحقد بين الطرفين.

وفي هذه التظاهرة، تعرّض مصوّر الـ"أ.ف.ب" للضرب من بعض الأشخاص المجهولين، الذين قاموا بعدها بطرد فريق عمل الوسيلة الإعلامية بحجة موقفها من التفجير الأخير الذي استهدف معبدًا يهوديًا في القدس.
من جهتهم، تجمّع مناصرو الدولة الفلسطينية مساء الجمعة أمام الجمعية العامة، مطالبين الحكومة الفرنسية بالاعتراف بدولة فلسطين، وفرض العقوبات على "إسرائيل" في حال عدم التوصل لاتّفاقٍ جرّاء المفاوضات. وأشار "نورالدين الدير"، أمين عام حركة الشباب الشيوعيين في فرنسا، الى أنّه قبل الحرب الأخيرة على غزة، لم يكن موضوع الاعتراف بدولة فلسطين مطروحًا على طاولات الصفوف الأولى، من الحكومة الفرنسية الى رئيس الجمهوريات وكذلك قيادات اليسار، منوّهًا بالصمود الشعبي الفلسطيني وبتحرّكات الجمعيات المدنية الداعمة التي ساهمت بطرح قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية على الصعيد الشعبي العام.