"نيوزويك": "إله الانتقام" قاسم سليماني

"نيوزويك": "إله الانتقام" قاسم سليماني

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٤

نشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية على غلاف عددها الصادر، اليوم، صورة لقائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، بعنوان "إله الانتقام: قاتل أميركا.. والآن يسحق داعش"، وهو تقرير أعدّته محررة شؤون الشرق الأوسط في المجلّة جانين دي جيوفاني. وفي ما يلي ملخص التقرير:
في أحد الشوارع الفرعية في حي الكرادة في بغداد، تعرفت إلى الشيخ رائد الخفاجي، وهو ضابط سابق في سلاح المدفعية العراقي، ومقاتل مخضرم إبان حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية - الإيرانية). والضابط السابق هو زعيم عشيرة الخفاجي وقائد في كتائب "حزب الله" العراقية التي تقود عمليات عسكرية واسعة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" - "داعش" في عدد من محافظات العراق لا سيما في بابل وبغداد وصلاح الدين. 
بعد سقوط الموصل في حزيران الماضي، أصدر المرجع الديني السيّد علي السيستاني فتوى دعا فيها العراقيين إلى الدفاع عن بلدهم ومقدساتهم. وعقب إصدار الفتوى تلك، التحق رجال في العقد السادس لمؤازرة القوات المسلّحة في قتال "داعش".
يقول نائب مستشار الأمن الوطني العراقي صفاء حسين الشيخ، إنّ كتائب "حزب الله" العراقية التي تأسست في الأشهر الأولى بعيد الغزو الأميركي في العام 2003، وتتمتّع بالسرية والمهارة وفقاً للمعايير المعتمدة من قبل الاستخبارات العراقية. ويشير في السياق، إلى أن هذه الكتائب "ركزت، في البداية، هجماتها الفتاكة والمنظمة على أهداف أميركية من دون أن تكتشفها الاستخبارات الأميركية أو العراقية".
لا يعتبر الشيخ الخفاجي (58 عاماً)، الذي كان يجلس في مكتبه مرتدياً زيه العسكري ويزين يديه بخواتم من العقيق والفيروز، بينما تستعد زوجته الرابعة، لتصويره أثناء المقابلة، أن هناك مفارقة بين أن تكون إيران، عدوه اللدود السابق، الداعم الحالي له ولكتائبه، "صدام حسين هو من فرض الحرب على الشيعة في العراق وإيران. إنها خطأ صدام لا خطيئة إيران"، بحسب تعبيره.
يوضح الخفاجي أن كتائب "حزب الله" العراقية تضم حوالي أربعة آلاف مقاتل يتمتعون بمهارات قتالية عالية "اكتسبوها من القتال إلى جانب حزب الله اللبناني في سوريا، وأخيراً أثناء قتالهم داعش في بلدة آمرلي التركمانية".
يزور الخفاجي سوريا مراراً، ومهمته حماية المقامات الدينية، وتحديداً مقام السيدة زينب في دمشق.  ويشير إلى أن بعض مقاتليه يتقاضون حوالي 700 دولار أميركي يومياً من إيران للقتال في سوريا، فيما تسلح طهران مقاتليه في العراق بالرشاشات الثقيلة من نوع " بي كي سي"، و"12.7" و "ايه كيه 47 اس"، و "7.62 ملم" والأسلحة الرشاشة التي كانت تستخدمها دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، والدول الشرق أوسطية.
بعد الغزو الأميركي للعراق وسقوط صدام، انقلبت الأدوار، تولى الشيعة الحكم و اندلعت الحرب الطائفية. في كانون الثاني الماضي، أطلق رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حملة في الأنبار لقتال "داعش"، غير أن المجتمع المدني رأى في حملة المالكي مدخلاً لاتساع رقعة الصراع الطائفي المستمر.
ومع اتساع رقعة الحملة، تبين أن قوات الأمن العراقية لم تكن قادرة على دحر "داعش"، الأمر الذي فتح في المجال أمام "الميليشيات العراقية الشيعية".
"عند سقوط الموصل في حزيران 2014، اجتاحت بغداد موجة من الفوضى، بعد وصول شائعات عن قيام مقاتلي داعش  بقتل الشيعة واغتصاب نسائهم. وعادت موجة العنف الطائفي الدموي الشبيه بمرحلة العام 2006. وبدأ الشيعة يشغلون المناصب الشاغرة في قوات الأمن العراقية وعادوا كحماة للشعب تعتمد الحكومة عليهم بقوة"، يقول صفاء حسين الشيخ.
منذ انطلاقة الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979، تعيش الحكومات العربية والدولية هاجس الخوف من "الأصولية الشيعية". غير أن الذين نهضوا لقتال "داعش" في بغداد هم من الشيعة الذين يتمتعون بعقيدة دينية وأجندة عسكرية، متناسين بذلك الذكرى الأليمة للحرب الإيرانية العراقية، تمدّهم طهران بالدعم المادي والأسلحة وفقاً لمصادر حكومية عراقية ومحللين غربيين.
بعد خمسة أشهر على سقوط الموصل، ومع انطلاق حملة "التحالف الدولي" ضدّ "داعش"، شكّل الشيعة العمود الفقري للعملية العسكرية العراقية.
ويصر العراقيون أن لا شيء يدعو للخوف من الوجود الإيراني، وإن كانوا يعلنون أنّ ولاءهم هو لطهران.
ويسأل النائب العراقي موفق الربيعي: "من وصل إلى بغداد لإنقاذنا بعد ثلاثة أيام من سقوط الموصل؟ الأميركيون شنوا غارات جوية سيئة للغاية بعد ثلاثة أشهر عندما ذبح داعش الصحافيين جيمس فولي، وستيفن سوتلوف وبيتر عبد الرحمن كاسيغ، فيما وصلت المساعدة الإيرانية لبغداد وأربيل في اليوم التالي".
أرسل الإيرانيون 88 طائرة من طراز "سوخوي" روسية الصنع خلال أسابيع، بهدف تدريب القوات العراقية وتقديم المشورة لها. أرسلوا نخبة مقاتليهم: عناصر الحرس الثوري الإيراني.
كما أرسلوا العقل العسكري المدبر، قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، الذي يُعتبر أفضل القادة العسكريين الذين يتمتعون بإستراتيجية قتالية عالية. ووجه سليماني رسالة واضحة للغرب، خلال ظهوره في ساحات المعركة في آمرلي أيلول الماضي، مفادها أن: طهران تقاتل في العراق.
ويقول أحد السياسيين العراقيين الشيعة، الذي رفض الكشف عن هويته، إن سليماني "غالباً ما يتواجد في بغداد وشمال العراق. والحكومة العراقية تدرك ذلك. إنه قائد ذكي يحب الحرب، لأنه يدرك كيف يخوضها بنجاح".
ويستهجن الربيعي السؤال حول "كيف يمكن للعراق أن يثق بطهران على الرغم من الذكرى الأليمة لحرب الخليج الأولى؟"، قائلاً: "عليك أن تلجأ إلى كافة السبل في مواجهة التهديد الوجودي المتمثل بداعش".
يرى العديد من العراقيين في هذه "الميليشيات" عنصراً حاسماً لبقائهم على قيد الحياة. ويوضح المحلل في المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي في لندن سجاد جياد أن "الميليشيات قوية جداً، ولكنها أصبحت أكثر قوة بعيد شهر حزيران الماضي نظراً للفراغ الذي حل في صفوف القوات الأمنية العراقية. لديهم موارد جيدة ومقاتلون ملتزمون".
وعن الدعم الإيراني لهذه "الكتائب"، يقول الربيعي: "على واشنطن التصالح مع طهران. المصالحة الإيرانية- الأميركية يمكن أن تساهم بشكل كبير في استقرار المنطقة".
ولكن يبقى السؤال: "هل سيكون المقاتلون الإيرانيون على استعداد لحزم حقائبهم والعودة إلى بلادهم بعد تدمير داعش؟" (وهو الأمر الذي يعتقد الربيعي أنه سيحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات من الناحية العسكرية، وسبع إلى عشر سنوات من الناحية الإيديولوجية).
"ربما لا"، يقول الربيعي، لكنه يعتبر أن الوقت قد حان ليخفف الغرب من"حساسية" موقفه تجاه طهران.
"كيف ستكون نهاية اللعبة إذن؟". يُخشى من سيناريو مشابه لسيناريو الحرب الأهلية اللبنانية، بحيث تنشر الميليشيات من مختلف الطوائف والمذاهب الفوضى في أنحاء البلاد، أو يحرم الشيعة، المدعومين من طهران، الطائفة السنية من التوازن في الحكم.
ويرى المحللون الغربيون أن القلق يكمن في رؤية الشيعة لمستقبل العراق. فيسأل أحدهم : "هل يخططون لعراق شيعي بالكامل؟". ويوضح  مستشار أمني غربي في بغداد أن الميليشيات الشيعية "ضرورية" لدعم الجيش العراقي الضعيف.
يعتبر صفاء حسين الشيخ أن الميليشيات استطاعت أن تبرهن أن لديها "مقاتلين أكثر فاعلية من القوات الأمنية العراقية، فهم يتمتعون بخبرات قتالية استمدوها من القتال في  سوريا وضدّ الأميركيين. فالقتال ضد الأميركيين جعلهم مقاتلين أقوياء من ذوي الخبرة حقاً".