واشنطن تمهّد لفتح سفارتها في دمشق قبل الربيع..لافروف يتقدّم اليوم بمشروع الحلّ الوسط في فيينا

واشنطن تمهّد لفتح سفارتها في دمشق قبل الربيع..لافروف يتقدّم اليوم بمشروع الحلّ الوسط في فيينا

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

تقاطعت المعلومات الواردة من مصادر فرنسية ديبلوماسية تبلغتها قيادة الائتلاف السوري المعارض رسمياً، مع ما تسرّب عن محادثات نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في أنقرة، لتأكيد قرار فتح السفارة الأميركية قبل ربيع العام المقبل، والقرار الذي يعني بداية جدية ورسمية لفكفكة الحملة التي بدأت مع تصاعد الحرب على سورية، لن ينفع في تسويقه التبرير الأميركي بأنه تعبير عن رغبة في التواجد عن قرب من الأحداث في دمشق في مرحلة المفاوضات على الحلّ السياسي، وتأكيد أنّ الموقف لم يتغيّر من الرئيس السوري بشار الأسد أمام الحلفاء، تحت شعار أنّ الشراكة مع بنية الدولة في التسويات المنشودة تستدعي استكشافاً قريباً لماهية الشركاء المتوقعين، وهذا كلام يردّ عليه التركي والسعودي والمعارضون المنتمون إلى معسكر التبعية، بأنّ أوراق اعتماد السفير ستقدم إلى الرئيس الأسد، وأنّ السفراء هم رسل بين الرؤساء أولاً قبل أن يكونوا بين الدول.

يجهد بايدن مع الرئيس التركي رجب أردوغان لإثبات بقاء إدارته على موقفها، وأنّ تبنّيها للحلّ السياسي لا يعني انفتاحاً على الرئيس الأسد، على رغم قول الرئيس باراك أوباما أن لا خطة لديه لعزل الأسد عن الحلّ السياسي، وقول وزير الدفاع تشاك هاغل أنّ الأسد شريك في الجهد ضدّ «داعش»، ولا مجال لتفادي شراكته في التسوية والحلّ السياسي، ويصبح الجهد أصعب عندما يصرّح بايدن نفسه أنّ أولوية بلاده هي الحرب على «داعش».

كلام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، يتطابق مع مضمون اتهامات أنقرة والرياض لواشنطن بخيانتهم، فالتسوية تتمّ مع الرئيس الأسد أو لا تتمّ، وكلام دي ميستورا ليس اجتهاداً شخصياً كما تروّج فصائل الائتلاف والفضائيات السعودية، فهو يعمل بموجب تفويض مشترك روسي ـ أميركي، والواضح مع زيارة وزير الخارجية السوري إلى موسكو، بعد استقبالها لوفودٍ معارضة، أنّ خريطة الطريق لجنيف لا تمرّ بالائتلاف المعارض، بل بتشكيل وفد معارضة جديد تنطبق عليه مواصفات دي ميستورا في بندي، صيغة التجميد العملاني في حلب، وما تتضمّنه من شروط أمنية وعسكرية، والمشاركة في الحرب على الإرهاب الذي تجسّده «النصرة» قبل «داعش».

التطبيع يسابق التفاهمات، هكذا حدث في الملف النووي الإيراني، الذي يعيش أدق أيامه في فيينا، حيث يتقدّم اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بمشروعه للحلّ الوسط، القائم على أجوبة تطاول عنوانيْ الخلاف، عدد أجهزة الطرد المركزي الذي ستشغله إيران بعد التفاهم، وخلال خمس سنوات مقبلة، وكيف ستفكك واشنطن منظومة العقوبات، والضمانات الروسية للفريقين.

مصادر متابعة للمفاوضات في فيينا وضعت احتمال الوصول إلى نصف تفاهم ونصف تمديد، بحيث تحسم العناوين الرئيسية للتفاهم، وتوضع روزنامة متبادلة لتنفيذ بعض الالتزامات الرئيسية للفريقين، لمدة ستة شهور، مقابل مواصلة البحث في المواضيع التفصيلية المتبقية، خلال هذه المدة تحت إيقاع الثقة التي تنتجها الخطوات العملية التي يجري تطبيقها بالتوازي.

مصدر روسي متابع لمساعي لافروف، قال لقناة روسيا اليوم، إنّ البعد السياسي للتفاهم صار حاضراً في رسم نتائجه على المشهد العام للشرق الأوسط، لأنّ التفاهم صار حتمياً، ولو بصيغة نصف تفاهم ونصف تمديد.

فيينا تصنع المشهد، بين خيارات الفشل وعودة المواجهة في المنطقة، وربما في العالم، وترك «داعش» تشعل شموع الاحتفال، بتحوّل جهد معسكريْ أميركا وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من جهة مقابلة، بدلاً من الحرب ضد «داعش»، إلى الاستنزاف المتبادل، ليصير خيار التفاهم المنجز قدر الفريقين، وكلفته الأميركية سواء بتأثيره على ارتباك الحلفاء أو بتعقيدات الداخل مع تغيّر مشهد الانتخابات، سبباً لتعثر القدرة على حمل الرئيس الأميركي لتبعاته، فيصير التمديد بما هو مكسب لإيران حاضراً، لتخلق وقائع نووية وسياسية جديدة، كما حدث في المرات السابقة لتهيّب واشنطن إعلان الوصول إلى التفاهمات، واختراعها الذرائع مراعاة لـ«إسرائيل» والسعودية وتركيا، وتهرّباً من مزايدات الداخل الانتخابية، ويصبح لخيار نصفي التمديد والتفاهم فرصة وافرة.