تركيا تختطف صمود «كوباني»

تركيا تختطف صمود «كوباني»

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٣١ أكتوبر ٢٠١٤

لم تدخل تركيا الحديثة إلى قلب صراع عسكري في منطقة الشرق الأوسط كما تفعل اليوم في مدينة عين العرب (كوباني) في الشمال السوري، إثر إدخالها عبر الحدود الجنوبية قوات مقرّبة منها (البيشمركة العراقية وقوى من الجيش السوري الحر) إلى قلب المعارك هناك.
وبالتالي، فإن أي تقدم محتمل ضد هجوم «داعش» هناك خلال الأيام المقبلة، لا بد تستثمره أنقرة إعلامياً بصفة الانتصار الذي ساهمت فيه عبر «المساعدة».
وتسعى تركيا عبر تلك المسألة إلى تعزيز موقفها ضمن «التحالف الدولي»، إضافة إلى تدعيم أوراقها السورية بعد الاستثمار طويلاً في صياغة مشهد القوى المعارضة لدمشق، وبعد إبراز نفسها كالمتحملة الأولى للنازحين من «الحرب السورية».
وبعيداً عن التداعيات الميدانية المتوقعة لدخول «البيشمركة» يوم أمس إلى «كوباني»، ومن قبلها «الجيش الحر»، فإن رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، سارع إلى وضع نفوذ قواته تحت عباءة أنقرة بطريقة تعكس العلاقات الوطيدة بينهما. وأعرب البرزاني، في بيان، عن استعداد أربيل لإرسال قوات إضافية من «البيشمركة» إلى المدينة «في أي لحظة إن اقتضت الظروف»، واصفاً ذلك بـ«الواجب القومي». ورأى أن الانتقال إلى سوريا «لم يكن ممكناً من دون موافقة السلطات التركية والتنسيق مع الولايات المتحدة»، مشيراً إلى «عدة اجتماعات ثنائية وثلاثية» جرت في هذا الخصوص.
ووسط مجمل تلك التطورات، أكدت دمشق أن ما قامت به تركيا يشكل «انتهاكاً سافراً» لسيادتها. وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان، «مرة أخرى تؤكد تركيا حقيقة دورها التآمري ونواياها المبيتة وتدخلها السافر في الشأن السوري من خلال خرق الحدود في منطقة عين العرب بالسماح لقوات أجنبية وعناصر إرهابية تقيم على أراضيها بدخول الأراضي السورية». ورأت الخارجية السورية أن تركيا «كشفت عن نواياها العدوانية ضد وحدة وسلامة اراضي الجمهورية العربية السورية بمحاولة استغلالها لصمود أهلنا في عين العرب لتمرير مخططاتها التوسعية من خلال إدخالها عناصر إرهابية تأتمر بأمرها وسعيها لإقامة منطقة عازلة على الاراضي السورية».
أما بالنسبة إلى طهران، فقد أكد مساعد وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، أن «صون وحدة الاراضي والسيادة الوطنية السورية هو لمصلحة الشعب السوري وجميع دول المنطقة»، مشدداً على أن «مساعدة أهالي كوباني يجب ألا تتحول إلى عامل للتدخلات الأجنبية».
وقال «نحن نحذر من مغبة التحركات الاجنبية الاخيرة في منطقة عين العرب السورية والتبعات الناجمة عن تقسيم سوريا، وكذلك أولئك الذين يسعون وراء أهداف خاصة من خلال استغلال الظروف الاقليمية».
ورأى عبداللهيان أن «الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها أميركا وبعض اللاعبين الإقليميين... أدت الى إطالة أمد الازمة السورية وانتقالها إلى دول أخرى».
وفي حديث آخر بعيد لقائه مساعد الامين العام للامم المتحدة، يان الياسون، دعا مساعد وزير الخارجية الإيراني الولايات المتحدة إلى «إعادة النظر في سياسة تسليح مجموعات من معارضة النظام السوري»، واصفاً إياهاً بـ«الخطأ الاستراتيجي». ولفت في معرض حديثه الى المباحثات الاخيرة بين إيران والسعودية، وقال «بصرف النظر عن بعض التصريحات الاعلامية للجانب السعودي فإننا سنواصل استراتيجية الحوار الجاد مع السعودية».
في هذا الوقت، كان لافتاً يوم أمس ما ذُكر عن توجيه وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، مذكرة الى البيت الابيض انتقد فيها استراتيجية بلاده في سوريا، وطالب واشنطن بالكشف عن نياتها إزاء نظام الرئيس بشار الاسد، على اعتبار أن السياسة الاميركية هناك «معرضة للفشل» بسبب الارتباك الذي يحيط بموقف واشنطن من الرئيس السوري. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن المذكرة أرسلت الاسبوع الماضي الى مستشارة الرئيس للأمن القومي سوزان رايس. ورأى هاغل، أمس، أن النظام في سوريا «قد يستفيد» من الغارات الجوية الاميركية.

16 ألف أجنبي في سوريا

نقلت شبكة «آي بي سي» الأميركية عن المستشار الاستراتيجي في مكتب إدارة الاستخبارات الوطنية راندي بلايك قوله، إن استقطاب الأزمة السورية للمسلحين الأجانب «يعد أضخم ممّا شهدناه في أفغانستان واليمن والصومال والعراق أو أي مكان آخر خلال السنوات العشر الماضية»، مشيراً، خلال انعقاد المؤتمر السنوي للجمعية الدولية لرؤساء أجهزة الشرطة في فلوريدا، إلى أن عدد هؤلاء «قد ارتفع على نحو سريع خلال الأسابيع الأخيرة».
وفي إشارة إلى فيديو بُثّ خلال المؤتمر، قال بلايك إن هذا الفيديو يشير إلى أن «هناك 12 ألف مقاتل هاجروا إلى سوريا، ولكن يجب تصحيح هذا الرقم ليصل إلى حوالى 16 ألفاً توجهوا من 80 بلداً». وأضاف أن «حوالى ألفي مقاتل توجهوا إلى سوريا من الدول الغربية، 500 منهم من بريطانيا و700 من فرنسا و400 من ألمانيا وأكثر من 100 من الولايات المتحدة».