تركيا وجنون الانتماء العثماني

تركيا وجنون الانتماء العثماني

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٤ أكتوبر ٢٠١٤

يتلوى السلطان سليم في قبره، جيفة تتوق للعودة من أجل حكم المنطقة باسم بني عثمان، صوت خفي يهمس لأردوغان أعد مجد السلطنة وأنصب في كل ساحة خازوقاً للأعداء، أعد أمجاد الآستانة ولا تنسى أن تخفي دشداشة السلطان تحت بذلتك الأعجمية.

لقد تحول الملف الكردي إلى ورقة قد تودي إلى الهلاك، أكراد تركيا والعراق وسوريا معضلة باتت تؤرق أردوغان، حلم الهيمنة على ذلك العرق إرث عثماني قديم، والعداء لأحفاد صلاح الدين بات عادةً وعرفاً لأتباع جمال باشا السفاح.

إقليم كردستان العراق يتحول إلى أم حنون لجميع أكراد المنطقة، علاقات توصف بالجيدة بين أربيل وأنقرة ولن تستطيع الأخيرة التهور في نسفها، ملف عين العرب السورية أتى كماء بارد على رأس عثماني نائم، لم يكن متوقعاً من أمريكا أن تتعامل مع أحداث البلدة بتلك الطريقة، رفع الأتراك سقف مطالبهم المتمثلة بمنطقة عازلة وتدخل بري متعدد الجنسيات ومن ثم إشراف لأنقرة على تلك المنطقة، الأمريكيون لم يتجاوبوا بل أكدوا على ضرورة أن لا تنحو تركيا موقفاً سلبياً من الحلف العالمي ضد داعش، لكن الأخيرة أًصرت على موقفها حتى الآن، أما التغير الطفيف فقد تمثل بما أشيع عن سماح الأتراك لمقاتلي البيشمركة بالمرور عبر الأراضي التركية نحو عين العرب لإنقاذها، لكن واشنطن قطعت الطريق بموقفها الأخير الذي تمثل بدعم غير مسبوق للأكراد هناك من أجل منع سقوط عين العرب بيد داعش، لا سيما وأن هناك وجهة نظر باتت سائدة في أروقة القرار الأمريكي وتتمثل بأن داعش باتت تتحدى الضربات الجوية الأمريكية من خلال إصرارها السيطرة على عين العرب.

تطورات الأحداث انتهت حتى الآن بتصريح عن الناطق باسم وزارة "البيشمركة" في إقليم كردستان العراق توقع فه أن تشارك قوات كردية في الدفاع عن البلدة خلال الأيام المقبلة، قائلاً إن هذه القوات تملك أسلحة ثقيلة من شأنها أن تغير مجرى المعركة لمصلحة الكرد السوريين.

إن حُسمت المعركة فعلاً لصالح الأكراد ضد داعش، وتم إبعاد داعش نهائياً عن عين العرب، فما النتائج التي ستتمخض عن ذلك الانتصار؟، هل سيرى أكراد المنطقة فيها نموذجاً قابل للتعميم في أية منطقة كردية قد يتم تهديدها سواءً من قبل داعش أو غيرها؟، هل سيشجع إنقاذ عين العرب الأكراد على رفع صوتهم بالمطالبة في ضم مناطق كردية سورية إلى إقليم كردستان العراق؟، ماذا عن أتراك تركيا وقتها هل سيعطيهم ذلك حافزاً لإشعال ثورة خبت شعلتها بعد وعود بالوصول إلى سلام مع أنقرة؟ ماذا عن أربيل بالنسبة لواشنطن إن تم دحر داعش برياً بسواعد البيشمركة هل ستكون عاصمة أكراد العراق ورقة رابحة باليد الأمريكية ووكيلاً معتمداً جديداً في المنطقة؟، كل تلك الأسئلة ستبقى بمثابة معضلات تؤرق أنقرة في جميع الأحوال، تركيا باتت اليوم وبسبب سياساتها أمام مارد "شعوبي" لطالما حاولت حبسه في قمقم عثماني، حقيقةً فإن تركيا تعيش مأزقاً كبيراً سببه لها أحلام أردوغان في إعادة عيش الانتماء "التركي العثماني" على حساب بقية شعوب المنطقة.

فيما يبقى من المهم الآن إنقاذ تلك البلدة السورية أولاً والكردية ثانياً من الجموع البربرية "الداعشية" فالأرواح "السورية الكردية" هناك تبقى أثمن من الدخول في معمعة التحليلات والتساؤلات والتنظير السياسي.