لماذا اتفقت أمريكا و تركيا على تحويل مسعود البارزاني إلى بطل قومي للأكراد

لماذا اتفقت أمريكا و تركيا على تحويل مسعود البارزاني إلى بطل قومي للأكراد

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

برغم إن الظاهر في الإعلام أن الولايات المتحدة الامريكية و تركيا تختلفان في وجهة النظر إلى داعش، إلا أن الأهداف الأمريكية و التركية تلتقي في جوهر الأزمة السورية التي اختلقتها الدول المعادية لدمشق لهدم سوريا، وتحويلها إلى كيانات متناحرة فيما بينها على أساس طائفي، و على ذلك كان داعش من الأصل.

ومنذ بدء الأزمة في مدينة عين العرب تحولت أنظار الإعلام الأمريكي و الخليجي إلى المدينة لتصبح حدثاً أساسياً في نشرات الأخبار، و المعلومات الواصلة من المدينة تفيد بأن إعادة حصارها من قبل داعش ليست مجانية بالمرة، كما إن المساعدات التي تسقطها الطائرات الأمريكية للمقاتلين الأكراد داخل المدينة تثير جملة من التساؤلات، فالمدينة التي وضعت على طاولة المساومات الكبرى شهدت الكثير من الأخذ و الرد بين أنقرة و واشنطن، ففي بداية أزمة المدينة خرج كيري ليدافع عن تجاهل طائرات التحالف لتجمعات داعش في محيط المدينة بأن عين العرب ليست ضمن استراتيجية أمريكا، وما إن قام الشريك التركي بإغلاق الحدود بوجه النازحين منها و منعه لدخول المتطوعين من أكراد تركيا لنصرة مقاتلي حزب الاتحاد الديموقراطي المتواجدين في المدينة للدفاع عنها، حتى بات الرأي الأمريكي يقول بضرورة ضرب داعش لحفظ ماء وجه التحالف الأمريكي على الأقل.

الأسلحة التي تم إنزالها في مدينة عين العرب قيل بأن مصدرها كردي، تحديداً من أقليم شمال العراق المعروف باسم "كردستان"، و انحصر دور الأمريكي في إيصال هذه المساعدات إلى المقاتلين الكرد، ومن ثم بدء الحديث عن سماح لمقاتلين من قوات إقليم شمال العراق المعروفة باسم "البيشمركة" إلى المدينة.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بارك هذه الخطوة من باب رفضه لدخول أتراك تركيا الذين يميلون إلى حزب العمال الكردستاني إلى المدينة، فإن كان أردوغان يرغب بالقضاء على مقاتلي حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يراه بؤرة كردية ثانية بالإضافة إلى حزب العمال الكردستاني، وبما إن الطرفان قد يطالبان بأجزاء من تركيا لتكوين الدولة الحلم فإن توصيف الحزبين الكرديين من قبل أردوغان بـ "إرهابيين" أمر طبيعي، لذا عارض تسليح مقاتلي المدينة، لكنه يوافق على دخول قوات البيشمركة التابعة لحليفه الاستراتيجي مسعود البارزاني رئيس أقليم كردستان، إذ يرى في الأمر ترويضاً لقوات حزب الاتحاد الديموقراطي المعروفة باسم وحدات حماية الشعب الكردي.

كما إن أردوغان يريد إنهاء المدينة على يد داعش، أو تحويل المدينة بفعل وجود كردي حليف له إلى منطقة عازلة يضمن من خلالها أن يعيد تأسيس و دعم ميليشيا الحر لتكون قادرة على شغل مكان داعش في سوريا، بما يضمن لأردوغان و حليفه القطري الذي عمل معه لتأسيس هذه الميليشيا، أن يبقى التدفق النفطي المنهوب من سوريا إلى تركيا و منها إلى دول العالم بعد شرعنة تجارته من ميناء جيهان التركي، و بما إن أردوغان يؤمن هذا التدفق حالياً عبر داعش، فإنه لن يغامر بالتخلي عن التنظيم ومحاربته قبل أن يضمن و حليفه أن تكون ميليشيا الحر هي الشريك الذي سيكون على الأرض، و الضمان من وجهة نظر تركيا هو إقامة المنطقة العازلة و فرض منطقة حظر جوي، لذا فإن دخول البيشمركة بالنسبة لأردوغان سيكون حلاً لترويض القوات الكردية التي يتخوف منها، ويضمن ولاء أكراد حزب الاتحاد الديموقراطي من خلال هذه الخطوة.

و بالعودة إلى التسريبات التي نشرت بعد زيارة رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم إلى أنقرة عن شروط تركية تضمنت التخلي عن العلاقة مع دمشق و الانضمام إلى ميليشيا الجيش الحر ومحاربة الدولة السورية مقابل التدخل لإنقاذ المدينة من مذبحة محتلمة حال سقوطها بيد داعش، تعود هذه التسريبات لتطرح سؤال كبير يقول: هل وافقت القوات الكردية على الشروط التركية ..؟

 

الإدارة الامريكية أيضاً ترى في أزمة مدينة عين العرب فرصة كبرى لتحويل مسعود البارزاني إلى بطل قومي بالنسبة للأكراد، الامر الذي قد يرضي أردوغان من جهة و يضمن انتقال وحدات حماية الشعب من القتال ضد داعش وحماية مناطق تواجد الكرد من تمدد التنظيم، إلى محاربة الدولة السورية ضمن صفوف ما تروج له أمريكا تحت مصطلح "المعارضة المعتدلة" لمحاربة الدولة السورية.

كما إن تحويل مسعود بارزاني ليكون القائد المطلق للأكراد في دول العالم يضمن لأمريكا بقاء الأكراد في خانة الحليف الجيد، في حين يضمن لأردوغان مخاوفه على سلامة الخارطة التركية بألا يقتطع منها أي شبر لصالح الدولة الكردية إن قامت، كما إن أمريكا تحاول أن تضمن ولاء الأكراد و انخراطهم في الحرب على سوريا، و ما المساعدات الأمريكية للأكراد إلا انعكاس للموافقة على المساومات التي فرضت عليهم مقابل الخروج من الدائرة الضيقة التي فرضت على المدينة.

في المحصلة يبدو إن كلا من واشنطن و أنقرة اتفقتا على تحويل مسعود البارزاني إلى قائد مهين على القرار الكردي، فيضمن ولاء الأكراد لأمريكا و حلفائها مقابل أن تقوم الدولة التي يحلم بها البارزاني و إن على حساب الدم الكردي نفسه.