واشنطن تكرّس البرزاني بديلاً لـ«الجيش الحر» شمالاً و«النصرة» جنوباً..تركيا تخسر رهان «المنطقة العازلة»... والشوكة الكردية في خاصرتها

واشنطن تكرّس البرزاني بديلاً لـ«الجيش الحر» شمالاً و«النصرة» جنوباً..تركيا تخسر رهان «المنطقة العازلة»... والشوكة الكردية في خاصرتها

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٨ أكتوبر ٢٠١٤

قال ديبلوماسي روسي في جلسة ضمّت عدداً من الديبلوماسيين في باريس بينما كان اجتماع وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري يتخطى الساعة الثانية، إذا أردتم معرفة ماذا يريد الأميركيون من سورية عليكم أن تنتظروا ماذا سيجري في كوباني؟
قبل أسبوع قال البيت الأبيض في بيان عقب لقاء بين رئيس الاستخبارات التركي هاكان فيدان وليزا موناكو مساعدة الرئيس الأميركي للأمن القومي إنّ الأخيرة «عبّرت عن تقديرها لدعم تركيا للعمليات العسكرية الأميركية الحالية في العراق وسورية». وأضاف البيان: «إن موناكو أكدت أهمية تسريع المساعدة التركية في إطار استراتيجية شاملة لإضعاف الدولة الإسلامية وتدميرها في نهاية المطاف».
وقبل أربعة أيام قال وزير الخارجية الأميركية جون كيري إنه لا يعتبر منع سقوط كوباني هدفاً إستراتيجياً بعدما قال في مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني فيليب هاموند إنه «من المروّع متابعة ما يجري في كوباني في حينه. عليك أن تتروى وتتفهم الهدف الاستراتيجي».
وأكد كيري أن الأهداف الأصلية لجهود بلاده والتحالف الذي تقوده هي مراكز القيادة والسيطرة والبنية الأساسية، قائلاً: «نحن نسعى لحرمان «داعش» من القدرة الكاملة على ذلك، ليس في كوباني فقط ولكن في جميع أرجاء العراق وسورية».
بالمقابل قبل ثلاثة أيام صرح الناطق باسم «البنتاغون» الأميرال جون كيربي بأن الجيش الأميركي يعتقد أنه قتل بضعة مئات من مقاتلي «الدولة الإسلامية» في كوباني وحولها. وقال إن الزيادة في عدد الغارات الجوية حول المدينة للائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة يمكن أن تعزى جزئياً إلى زيادة في نشاط مقاتلي التنظيم في المنطقة، ولكن على رغم الغارات لا يزال ممكناً أن تسقط المدينة في أيدي التنظيم المتشدد.
بالمقابل قال أردوغان، أمام لاجئين سوريين في مخيم في غازي عنتاب، إن «إلقاء القنابل من الجو لن يوقف الرعب. الرعب لن يتوقف بغارات جوية، ولن يتوقف ما لم نتعاون لشن عملية برية مع الذين يقاتلون على الأرض»، مضيفاً: «لقد مرّت أشهر من دون تحقيق أي نتيجة. كوباني على وشك السقوط». وتابع: «لقد حذرنا الغرب. وكنا نريد ثلاثة أشياء… منطقة حظر طيران ومنطقة آمنة موازية لها، وتدريب المعارضين السوريين والعراقيين المعتدلين». وكرّر أن أنقرة ستتدخل إذا حدث تهديد للجنود الأتراك الذين يحرسون ضريح سليمان شاه.
لم يقدم أردوغان ما طلبته واشنطن، ولم تسقط كوباني فماذا حدث؟
فجأة منذ يومين ينعقد في هولير بكردستان العراق، اجتماع قيادي كردي يضم كل قادة الأحزاب الكردية يعلن بنتيجته تولي زعيم البشمركة مسعود البرزاني قضية كوباني، وتبدأ وحدات البشمركة بالتوجه نحو تركيا ومنها إلى كوباني، يسمح الأتراك بذلك، يتزايد القصف الأميركي تركيزاً وكثافة، يصير القصف الجوي مجدياً، وتعلن وزارة الدفاع الأميركية أن منع سقوط كوباني صار ممكناً، فما الذي تغير؟
الذي حدث ببساطة أن القوى الكردية التي كانت تتولى حماية عين العرب كانت خارج العباءة الأميركية، وأن قرار واشنطن كان منذ البداية تسهيل مهمة «داعش» وصولاً لاستنزاف قدرات لجان الحماية الشعبية ودفع قيادتها السياسية للانضواء تحت زعامة مسعود البرزاني، الذي قررت واشنطن تكريسه بديلاً لما تسميه المعارضة المعتدلة في مناطق الشمال السوري التي يشكل الوجود الكردي الثقل الأساسي فيها، والتي يسيطر عليها مقاتلو «داعش» حالياً، من دير الزور إلى الحسكة والقامشلي، وهذا التحول ينبئ وفقاً لمراجع كردية متابعة، بمشاكل سياسية وأمنية متعددة لن يعفي منها مبايعة عبدالله أوجلان وصالح مسلم للبرزاني، وربما تتمظهر بانشقاقات وتمرد وربما مواجهات عسكرية بين مجموعات كردية سورية ووحدات البشمركة التي قرر الأميركيون دعمها بالسيطرة لاستعادة كوباني.
مقابل هذه المتغيرات شمالاً كان جنوب سورية يشهد مع كلمات موشيه يعالون عن التعاون مع «جبهة النصرة» إشارة قوية تتزامن مع تقدم الجيش السوري على حساب وحدات أغلبها من مكونات الجبهة الإسلامية التي شكلت خلال السنة الماضية حصان الرهان السعودي لتصير «جبهة النصرة» والبشمركة على طرفي الحدود السورية موضع الرهان الأميركي، وضمناً السعودي، بينما «داعش» في حضن الأتراك ضمناً بصورة أو بأخرى، ليتلقى رجب أردوغان خيبته الكبرى بالتخلص من الأكراد كقوة مجاورة له على الحدود مزودة بالسلاح، وبعدم القبول بمشروعه لاحتواء «داعش» ولا بإقامة المنطقة العازلة، حتى يصير السؤال الأهم هل تخوض واشنطن وحلفاؤها معركة «القاعدة» فيعتمد ممثلها الرسمي وتحارب المنشقين عنها لتأديبهم وإعادتهم إلى بيت الطاعة لأن «القاعدة» هي الحليف الرسمي المعتمد؟
الأهم أن سياسة واشنطن الحدودية تعني اللاسياسة تجاه مركز سورية وتعني أن أمن «إسرائيل» تحميه «النصرة» حتى يعود العمل بفك الاشتباك المعمول به منذ عام 1974 وفقاً لواشنطن، مقابل جيب كردي على حدود تركيا لتعديل التوازنات التركية الداخلية، وليست ذات تأثير على الداخل السوري، وكل من الخيارين، لا يشكل عناصر خطة لمواصلة حرب إسقاط النظام في دمشق.