القبضة الإيرانية على المضائق.. تلوي ذراع الخليج النفطية

القبضة الإيرانية على المضائق.. تلوي ذراع الخليج النفطية

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤

 دائمًا ما كانت إيران كذلك. الأمر لا يرتبط بجمهورية إسلامية أو ملكية أو غيرها من أنظمة الحكم، إنما هي عقلية إيرانية شهيرة قائمة على الصبر وإتقان العمل حتى الحصاد، الذي غالباً لا يظهر في السجاد الإيراني قبل إتمام الحياكة. هي حنكة إيران ودهاؤها الدبلوماسي والأمني الذي أوصلها الى أن فرضت إعادة رسم خريطة التوازنات الإستراتيجية في المنطقة، على الرغم من أنها في موقع الدفاع الذي يجبرها على أن تكون المتلقّي للصدمات، إلا أنها اختارت الصد عبر الهجوم هذه المرة فدعمت الحراك اليمني من جهة وأفشلت المخططات في بلاد العراق والشام، بل استطاعت أن ترد الصاع لتطوق الدول التي تآمرت، وتثبت أنها قادرة على الإمساك بالمنطقة دون الحاجة الى احتلال دولٍ أو ضربها.
لعبة المعابر والمضائق.. من هنا اختارت إيران الرد، فهي التي تعلم أنّ المنطقة القائمة بأهميتها على توريد النفط وإنتاجه وعبره تحتل الأهمية بالنسبة للسياسات الدولية، لن تعني شيئًا للعالم حين تنتج النفط وتعجز عن تصديره، وفي وقت تسيطر فيه إيران على مضيق هرمز، اختارت باب المندب ليكون باب الرد على الخصوم في المنطقة. إنه المركز الحيوي والإستراتيجي الرابط للمصالح الذاتية والإقليمية، هو حقل السيطرة الذي يربط السياسة الغربية مع الشرق. تزداد أهميته الإقتصادية كونه المنفذ الأبرز في الساحة العربية لقوافل وشبكات النفط القادمة من الخليج ومن أوروبا وأميركا وصولاً الى منطقة الشرق الأوسط.
بعيدًا عن البحث بأهمية سيطرة الحوثيين على المنطقة الشمالية المتاخمة لمملكة آل سعود، تمكّن الحوثيون (حلفاء إيران في اليمن) من إخراج هذا الممر من حسابات الدول المعادية أو المنافسة لها اقتصادياً، والذي بات يشكل لإيران ضمانة أمنية وإقتصادية على المدى المنظور والبعيد.
يسيطر مضيق باب المندب على طريق الملاحة الدولية التي تربط بين البحار والمحيطات الشرقية يعني الطريق بين الشرق والغرب. أي ذاك الاتصال المائي للقوافل البحرية التجارية القادمة من المحيطات القريبة. من جهة أخرى، تبرز أهمية هذا الامتداد البحري الواقع جنوب غربي آسيا ليشكل أحد أذرع المحيط الهندي والذي يتخطى في دوره الحدود الذاتية، التي سعت دول الخليج  بفترة من الفترات الى السيطرة عليها من أجل تحصين السياسة التجارية العالمية الساكنة على أبواب البحر الأحمر والدول المشاطئة، وبسبب موقع مضيق باب المندب جغرافياً وأهميته إقتصادياً واعتماده على الإتصال الطبيعي للبحر الأحمر والبحر المتوسط والمحيط الهندي وشرقي أفريقيا.
وعليه فإنّ سيطرة الحوثيين على الباب المندبي، خلق طوقاً بديلاً يحاصر دول الخليج اقتصادياً وعسكرياً، حيث يقدّرعدد السفن وناقلات النفط التي تمر عبره بالاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً، إضافةً الى السفن المحملة بـ3.3 مليون برميل من النفط.
ومن خلال ذلك، فقد تحكم المنفذ اليمني عملياً وحكماً بقناة السويس التي هي ضمن المثلث النفطي الإستراجي "مضيق هرمز- مضيق باب المندب- قناة السويس". وبالتالي وصول اليد الإيرانية الى عمق الجغرافية الشرقية وصولاً الى التحكم بحركة الملاحة الصهيونية المتجهة الى ميناء إيلات عبر مضيق تيران، وما يترتب عليه من تهديد إقتصادي للكيان الصهيوني. إضافةً الى تهديد نفوذ الملاحة الصهيونية المتواجدة في أرتريا وجيبوتي وأثيوبيا من أجل مراقبة أنشطة إيران العسكرية الموجودة في الإقليم اليمني- السوداني. على الصعيد نفسه، جاءت أهمية هذا الممر على لسان أحد أهم الباحثين في الكيان الصهيوني ألياهو سالبيتر وآخرين متخصصين في شؤون الدفاع الإسرائيلي، الذين أكدوا أنّ البحر الأحمر يشكّل موقعًا إستراتيجياً بالنسبة لتل أبيب، وهو المتحكم الأساسي بدور قناة السويس، وما تمثله من قيمة عسكرية ولوجستية بارزة في العلاقات الإسرائيلية مع الدول الأسيو- أفريقية.