محاور الشر والخيانة في المنطقة وخطورتها على قضية الشعب الفلسطيني

محاور الشر والخيانة في المنطقة وخطورتها على قضية الشعب الفلسطيني

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤

إنتظرت حركة حماس طويلا قبل أن تتقدم نحو المصالحة في الساحة الفلسطينية، وخلال فترة الانتظار هذه، زجت بنفسها في محاور اقيمت في ساحة المنطقة فرضتها التدخلات الغربية، ومخططات هدامة، وضعتها الولايات المتحدة ودفعت بحلفائها وادواتها للبدء في تنفيذها، ورسا العطاء على المقاول الاساس متمثلا في جماعة الاخوان المسلمين، وبدأت حملة تدمير الساحات العربية وتخريبها، وسفك دماء أبنائها، تحت شعارات زائفة وادعاءات باطلة، انضوت جميعها تحت يافطة رفعها المتآمرون والساذجون حملت اسم الربيع العربي.
انتظار حماس هذه الفترة الطويلة ، كان منصبا باتجاه مصر التي تمكن الاخوان المسلمون من تولي الحكم فيها، لكن، برنامج جماعة الاخوان سقط على أرض مصر، وهذا السقوط المدوي للجماعة وبرنامجها، كان بمثابة هدية من شعب مصر الى شعوب الامة، انتظار حماس هذا رافقته مواقف معادية للشعوب التي استهدفها الربيع العربي، لكنها، مواقف تتساوق وتتماهى مع موقف جماعة الاخوان وتدعم أهدافها، وكان هذا واضحا من خلال وقوف الحركة الى جانب عصابات الارهاب في سوريا التي احتضنت حماس وقياداتها لسنوات طويلة، حتى أن عناصر من الحركة قاتلت الجيش السوري ونفذت عمليات تخريب وقتل وتدمير تحت لواء العصابات الارهابية، وفي مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق، المثال الاكثر وضوحا، فخسرت حماي الساحة السورية، وشككت ايران في مواقف الحركة مع أنها حركة مقاومة، وكان العتب كثيرا على حركة أقحمت نفسها في محاور وخلافات واصطفافات معادية للمقاومة الفلسطينية والعربية بأشكالها المختلفة، وشاب توتر في العلاقات بين حماس وحزب الله، واستمرت القطيعة بين جناحي الوطن الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبعد سقوط برنامج جماعة الاخوان على أيدي أبناء الشعب المصري، تمنى الكثيرون على حركة حماس أن تنهي حالة الانتظار وتتقدم لارساء قواعد قوية لمصالحة حقيقية في الساحة الفلسطينية، لكن، تمحور الحركة استمر وبشكل مكثوف، عداء لشعب سوريا، واصطفاف مع ممولي الارهاب المدمر الدموي مشيخة قطر والعثمانيين الجدد في تركيا، واتجهت قيادة حماس الى الدوحة، لتقيم على أرض هذه المشيخة التي تشكل اداة اجرامية بارزة، ضد تطلعات وقضايا الامة العربية، وهذا الاصطفاف أفقد حماس الكثير، وساهم في تعميق الانقسام رغم الدعوات غير الصادقة لانجاز المصالحة ، بمعنى أن الانتظار تواصل دون استنادا الى عوامل سليمة أو جدران متينة.
ولأن الحركة دخلت في محاور بالمنطقة ضارة بالقضية الفلسطينية، بل وأنها محاور ترى في هذه القضية ورقة لكسب النقاط وتعزيز المواقع، في مواجهة المحاور المقاتلة، انعكست التطورات والمصالح الضيقة لهذه المحاور على حركة حماس، وشكلت أحد الاثمان لمقايضات ومساومات كانت الحركة في غنى عنها منذ البداية، لو أخذت في الحسبان القضية الاساس وعدم السماح لأية جهة باللعب بها ورقة في المنازعات مع الغير، ولو أدركت أن المحاور المتصارعة جميعها دمى في أيدي الامريكيين والصهاينة، وهي دول تتباهى بجاسوسيتها وحقدها على كل ما هو عربي.
هذه المحاور صدرت اليها الاوامر من واشنطن بالتصالح فهناك مهام جديدة استكمالية، لمؤامرة الربيع العربي، وتلاقت الدوحة والرياض ، وأوكلت الى انقرة مهمة على حدود سوريا الشمالية، هذا التصالح انعكس سلبا على حركة حماس التي زجت بنفسها في لعبة وصراعات المحاور، فكان أن طلبت مشيخة قطر من قيادات الاخوان المقيمة في قطر بمغادرة أراضي المشيخة، وفي ترتيب وتوزيع للادوار سارعت تركيا الى الوقوف اللفظي مع جماعة الاخوان وحركة حماس المنضوية تحت عباءة الجماعة، ورادوغان الذي نصب نفسه سلطانا على تركيا ويريد أن يمتد نفوذه الى كامل الوطن العربي، ما زال بحاجة الى جماعة الاخوان وما يتفرغ عنها من حركات ليواصل دوره، عضوا مخلصا في حلف الناتو الذي تقوده أمريكا ويوفر الحماية لاسرائيل.
والآن، موقف حماس ما زال يكتنفه الغموض، ورغم الشواهد الكثيرة على حقيقة ما يجري ويدور، ولم تخرج من عباءة الجماعة، على الاقل أن تستقل بموقف نابع من مصلحة الشعب الفلسطيني اتحاه قضيته، بعيدا عن استخدامها ورقة في يد الجماعة التي ما زالت تحلم بالعودة الى كراسي الحكم وبأي الأثمان.
هذا الموقف الضبابي، وعدم الرسو على موقف واضح وثابت من المصالحة وتطورات الساحة الفلسطينية، والتصرف كحركة مقاومة، من شأنه الاضرار بشعب فلسطين وقضيته، في مرحلة مفصلية تمر بها المنطقة بالكامل.
الموقف الواضح، يتطلب الاسراع في التلاقي مع القوى الفلسطينية، والولوج الى منظمة التحرير ومؤسساتها والالتزام بما تقرره قيادة الشعب الفلسطيني، وممثله الشرعي والوحيد، فلا حضن دافئا لأية حركة أو قيادة لهذا الفصيل أو ذاك الا حضن منظمة التحرير، والتغريد خارج السرب لا يضفي على المغرد ما يمكن أن بتباهى أو يفتخر به، أو أن يدعي بأن هذا التغريد منفردا هو في صالح الشعب وقضيته.
واذا ما أدركت قيادة حركة حماس هذه الحقيقة، فلن يكون أمامها الا الاقدام على ما يتمناه الشعب لها، وهو التقدم نحو المصالحة بجدية وسلامة نية والاتجاه لتحقيق تطلعات الشعب المعروفة يدا واحدة مع باقي القوى والحركات والفصائل، فحركة المقاومة، لا تصطف الى جانب أنظمة خائنة ولا تتخندق مع جواسيس العصر، ولا تلقى بنفسها تحت عباءة جماعة تصر على أن تكون المقاول الأوحد والأكبر لبرامج الشر الامريكية، التي تحقق أهداف ومصالح اسرائيل، وفي مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية.
في لقاء لي مع القائد الشهيد ياسر عرفات في قصر الاندلس بالقاهرة، دخل سفير فلسطين في مصر وهمس في اذن القائد الخالد، فما كان منه الا أن أصدر تعليماته الى السفير، وهو الصديق سعيد كما بأن يذهب الى المستشفى، ومعه باقة ورد، وأن يغطي تكاليف المريض الراقد على أحد أسرته.
خرج السفير، فسألت الرئيس عن هوية هذا المريض الذي أعطاه كل هذا الاهتمام، فقال، أنه "فلان" وأضاف، هل استغربت ما طلبته من السفير؟!
أجبته، انه يا سيادة الرئيس يقف بحقد وعداء في عاصمة عربية، ضد منظمة التحرير وقيادتها الشرعية ، ويكيل الشتائم ويوجه الاتهامات الباطلة، لك.. رد على الفور، مهما طال تغريده ومن معه خارج السرب، فليس لهم الا الحضن الدافىء.. حضن منظمة التحرير ، هداهم الله.
أروي هذه الحادثة ، ففيها الكثير من المعاني والدلالات، لعل البعض يستخلص منها الكثير، لصالح هذا الشعب الذي أدماه الانقسام، والتدخلات في شؤون الاخرين، والانخراط الاعمى في صفوف المحاور النجسة والشريرة.