ضربات أميركية محتملة ضد «الدولة الإسلامية» الإرهابي..ودمشق الحليف المستقبلي

ضربات أميركية محتملة ضد «الدولة الإسلامية» الإرهابي..ودمشق الحليف المستقبلي

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٩ أغسطس ٢٠١٤

قال فيليب مود العميل السابق فى مجال مكافحة الإرهاب بالاستخبارات الأميركية، إن الضربات الجوية الأميركية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية ستبدأ خلال أيام قليلة.
تصريح مود يوحي بأن الضربة العسكرية الأميركية ضد التنظيم في سورية باتت على ما يبدو أمراً واقعاً، لكن ما ينقصها هو معرفة التوقيت، والأهم تحديد مدى التنسيق بين واشنطن وحلفائها من جهة وخصومها، وتحديداً سورية المعنية مباشرة بالضربات، من جهة ثانية.
جاء ذلك في وقت حاولت واشنطن طمأنة حلفائها، فسارعت وزارة الدفاع الأميركية إلى القول إنها لا تنوي التعاون مع الحكومة السورية في هذا المجال. هذا في المبدأ، أما فعلياً فطرحت تساؤلات حول قدرة واشنطن على التفرد في هذه الخطوة، من دون التنسيق مع دمشق بشكل مباشر، أو ربما بطريقة غير مباشرة في ظل الحديث عن وساطة عراقية ـ روسية محتملة في هذا المجال.
في حين أكدت سورية على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم استعدادها للتعاون والتنسيق، إقليمياً ودولياً، لمحاربة «داعش»، لكنها حذرت في المقابل من أي ضربة عسكرية أجنبية من دون تنسيق مسبق مع الحكومة.
تحذير تماهى مع اعتبار روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن كل جهد عسكري لمواجهة التنظيم الإرهابي لن يقدم إلا بعد موافقة الدولة المعنية.
وفي مقابل الموقف الروسي والسوري المشدد على ضرورة التنسيق، يبقى موقف حلفاء واشنطن في المنطقة، الذين لديهم الكثير من الأسباب لدعم عملية مكثفة ضد «داعش»، لكن ينبغي أولاً على الولايات المتحدة بحسب المحللين تسوية التوترات بينهم.
فتركيا التي دعمت ضربات مماثلة للتنظيم في العراق، شكلت طيلة الفترة الماضية طريق عبور للمقاتلين الأجانب، وبالتالي أي ضربة مفترضة تتطلب ضبطاً تاماً للحدود التركية ـ السورية لمنع تسرب المسلحين. أما السعودية التي بدأت تشعر بخطر تمدد «داعش» إليها، فتدعم مواجهته في العراق للحد من تهديد المملكة، ولكنها تتردد في دعم أي عملية ضد التنظيم في سورية بسبب موقفها من الحكومة السورية.
وبين الطلعات الاستطلاعية للطائرات التجسسية الأميركية والغارات الجوية، يتوزع نشاط واشنطن في المنطقة مستهدفاً تنظيم «داعش» في العراق وعلى الحدود السورية، الآخذ بالتمدد يوماً بعد يوم.
أبرز الغارات كانت عند سد الموصل والمناطق المحيطة به، غاراتٌ ساهمت في دحر قوات داعش من منطقة السد واستعادة البيشمركة السيطرة عليه. محافظة الأنبار الخاضعة على نحوٍ كامل للتنظيم لها حصتها من الغارات، وكذلك هي الحال بالنسبة لمحافظة نينوى. وتطاول الغارات أيضاً المناطق الحدودية مع إقليم كردستان العراق لجهة محافظة أربيل ومناطق سيطرة «داعش» على الحدود العراقية السورية.
وبالتزامن مع هذه الغارات تقوم الطائرات الأميركية بطلعات استطلاعية لجمع معلومات استخباراتية، بدأت أخيراً فوق الأراضي السورية وبالتحديد شمال شرقي البلاد، فوق المناطق التي يسيطر عليها «داعش» في الرقة والمناطق الحدودية مع كل من العراق وتركيا.
الطلعات الاستخباراتية هي لجمع معلوماتٍ عن أهداف تابعة للتنظيم في الأراضي السورية، ما قد يمهد الطريق لتوجيه ضربات جوية لهذه الأهداف في وقت لاحق.
وتأتي هذه التطورات في وقت يتنامى فيه الخوف في الولايات المتحدة من المخاطر التي يمثلها «داعش» على البلاد، فرسالةٌ شيرلي سوتلوف والدة أحد الصحافيين الأميركيين الذين هدد التنظيم بإعدامه تظهر مدى الخوف من التهديد المباشر لـ»داعش» على الأميركيين.
تقول شيرلي في مقدمة رسالتها: «رسالة إلى أبي بكر البغدادي القرشي الحسيني خليفة الدولة الإسلامية اسمي شيرلي سوتلوف ابني ستيفن بين يديك»، رسالة تختصر المخاوف من تهديد مباشر بات يمثله التنظيم على الولايات المتحدة ومواطنيها، ولا سيما بعد عملية إعدام الصحافي جايمس فولي.
وتنتشر صور على مواقع التواصل الاجتماعي تذكر بمخاطر حذرت منها السلطات الأمنية والاستخبارية الأميركية، قد تنجم عن الهجرة العكسية لنحو 300 أميركي يقاتلون في سورية، تقارير تؤكد أن واشنطن تجمع معلومات حول هؤلاء وتحاول رصد أماكن وجودهم.
المخاوف في الداخل تنامت بعدما خرج إلى الضوء نبأ مقتل أميركي ثان يقاتل في سورية، إذ تقول المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جاين بساكي: «هذه الحالة تمثل تذكيراً بالقلق المتزايد لدى الولايات المتحدة ودول عديدة حول العالم، بشأن آلاف المقاتلين الأجانب من خمسين دولة ينضمون إلى الجماعات المتطرفة».
هم سبعة آلاف مقاتل أجنبي بين ثلاثة وعشرين ألف مقاتل متطرف في سورية، أرقام لم تعد تمثل فقط معطيات تغذي الخطابات السياسية الغربية، هي تؤرق دولاً اكتفت خلال السنوات الماضية بموقع المتفرج.
وتحاول الولايات المتحدة قيادة تحرك دولي لضرب التنظيم، وقوبل نداؤها لتأليف تحالف بتردد عربي وتجاوب متفاوت من الدول الغربية، بريطانيا حليف واشنطن الأكثر موثوقية تبدي حذراً في انضمامه إلى الحملات العسكرية الأميركية في العراق، مشهد ينذر بأجواء مشحونة بين أوباما وكاميرون في قمة الناتو الأسبوع المقبل.
كل ذلك يأتي في وقت رحبت دمشق بشكل واضح بأي تنسيق وعمل مشترك يهدف لضرب التنظيم الارهابي، «حتى مع أميركا وبريطانيا» بحسب الوزير المعلم.