موسكو تدرس طلب دمشق الانضمام إلى الحرب ضد «داعش»..استطلاع جوي أميركي فوق الشرق السوري

موسكو تدرس طلب دمشق الانضمام إلى الحرب ضد «داعش»..استطلاع جوي أميركي فوق الشرق السوري

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٧ أغسطس ٢٠١٤

الأميركيون لم ينتظروا انعقاد التحالف العالمي ضد الإرهاب، لضم الأراضي السورية إلى حقل عملياتهم، وقد باشروا العمل جوياً استطلاعاً، وتحليقاً بالطوافات، فيما تجري مشاورات سورية - روسية، لإشراك الروس في العمليات العسكرية الجوية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش».
وتدريجياً تقوم الطائرات الأميركية بطلعات فوق الأراضي السورية، قبل التوصل إلى أي إطار سياسي للتنسيق مع دمشق. وبحسب مصادر سورية مطلعة، تحدثت إلى «السفير»، فقد نفذت طوافات أميركية طلعات في اليومين الماضيين فوق الأراضي السورية، في إطار عمليات مطاردة تقوم بها في الغرب العراقي لأرتال «داعش»، التي تعمل في دير الزور والرقة، والتي يستخدمها «الدولة الإسلامية» كقاعدة خلفية لقواته في العراق، خصوصاً في منطقة الشدادي جنوب الحسكة، حيث يعيد التنظيم تجميع ما غنمه من أسلحة ومعدّات ثقيلة، من مدفعية ودبابات الجيش العراقي.
ويقول مصدر سوري مسؤول لـ«السفير» إن السلطات السورية لم تكن على علم مسبق بالطلعات التي قامت بها طوافات أميركية فوق ريف الدير الزور والرقة، وإن التنسيق يقتصر على الحصول على معلومات وإحداثيات يستفيد منها الطيران السوري، في غاراته على مراكز ومواقع «داعش»، وهي معلومات وإحداثيات تمر عبر غرفة العمليات الأميركية - العراقية المشتركة في بغداد واربيل، التي يشارك فيها 300 مستشار عسكري أميركي، يعمل على مقربة منهم في اربيل مستشارون إيرانيون، لتنسيق الدعم لقوات البشمركة، وإعادة تسليحها وتزويدها بالمعلومات عن تحركات «داعش» في المنطقة.
وأتاحت طائرات استطلاع أميركية من دون طيار، تحلق فوق سوريا منذ أيام، الحصول على إحداثيات ومعلومات ساهمت بتكثيف الهجمات الجوية السورية ضد بنك كبير من الأهداف في دير الزور.
وكان الأميركيون قد كشفوا عن عملية فاشلة قامت بها قواتهم الخاصة في بلدة العكيرشة في الرقة، في الخامس من تموز الماضي، لإطلاق سراح الصحافي جيمس فولي، الذي كان يحتجزه «داعش»، في منشأة نفطية في البلدة.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد أشار بالأمس إلى أن العملية ما كان لها لتفشل لو أن الأميركيين تعاونوا مع السوريين في تنفيذها. وأشار المصدر السوري إلى أن الأميركيين يعملون أيضاً على استطلاع مواقع تابعة لـ«داعش» يحتجز فيها، على الأرجح، ستة رهائن أميركيين، من بينهم ستيفن سوتلوف، صحافي «فورين بوليسي»، والذي هدد «الدولة الإسلامية» بإعدامه.
وتضافرت عناصر ديبلوماسية عربية وروسية وإيرانية، في الساعات الأخيرة تعزز الاتجاه إلى بلورة تحالف دولي ضد «داعش». فخلال الساعات الماضية أطلق السوريون رسالة ديبلوماسية قوية من خلال إعلان موقف مؤيد وواضح لقرار مجلس الأمن الدولي 2170، الذي يستهدف تجفيف تمويل «جبهة النصرة» و«داعش»، وحثّ جيران سوريا على إغلاق معابر «الجهاد العالمي» في أراضيهم.
إذ رحب المعلم بالقرار الدولي، معلناً استعداد سوريا للتعاون في الحرب ضد الإرهاب، شرط احترام سيادتها. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست «ليس هناك أي مشروع تنسيق مع نظام (الرئيس بشار) الأسد في الوقت الذي نواجه فيه هذا التهديد الإرهابي»، موضحاً أن الرئيس باراك أوباما لم يتخذ أي قرار بشأن احتمال القيام بضربات في سوريا.
وتعهّد أوباما، خلال مؤتمر للرابطة الأميركية لقدامى المحاربين في كارولاينا الشمالية، بملاحقة قتلة الصحافي الأميركي جيمس فولي، معتبراً أن القضاء على «داعش» في العراق وسوريا لن يكون سهلاً. وأعلن أنه سيفعل كل ما هو ضروري لملاحقة من يؤذون الأميركيين. وقال «استئصال سرطان مثل الدولة الإسلامية لن يكون سهلاً ولن يكون سريعاً»، لكنه أضاف «أميركا لا تنسى. باعنا طويل، ونحن نتحلى بالصبر، والعدالة ستطبق».

لكن الموافقة السورية على تنسيق مشروط، لا يعني أن السوريين يميلون إلى تسليم الولايات المتحدة قيادة أي تحالف أو أي عملية. والأرجح أن تتضح قواعد الاشتباك المطلوبة ضد «داعش» في الجانب السوري إذا ما تمّ الاتفاق على قرار جديد في مجلس الأمن يضع آليات تطبيقية للقرار 2170، ويسمح للإدارة الأميركية بالاستناد إليه، من دون الاضطرار إلى قرار أحادي الجانب.
وبديهي أن السوريين يفضلون أن تقوم حليفتهم روسيا بدور فعال في أي تحالف ضد الإرهاب، وان تؤدي دوراً موازناً للدور الأميركي، لكي لا تتحوّل الحرب ضد «داعش»، إلى مناسبة لابتزاز دمشق سياسياً في قضايا تتعلق بالتسوية، أو مقايضة دورها وغاراتها بثمن سياسي في تركيبة النظام السوري، على غرار ما جرى في بغداد.
وتقول مصادر عربية، لـ«السفير»، إن السوريين طلبوا من موسكو، دراسة المشاركة في العمليات الجوية ضد «داعش» في الشرق السوري، أسوة بالأميركيين، أو منح الجيش السوري المزيد من المعدّات من صواريخ وطائرات، لتكثيف عمليات القصف الجوي في شرق سوريا، خصوصاً بعد سقوط مطار الطبقة الاستراتيجي في الرقة.
ويقول المسؤول السوري إن الروس لا يزالون يدرسون الطلب بالمساعدة. ويبحث الروس، في المقابل، عن إطار سياسي يؤسس لأي تحالف ضد الإرهاب. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد طالب بضمّ سوريا إلى «مجموعة الأصدقاء» المدعومة من الغرب، مؤيداً ما خلص إليه رئيس أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي، من ترابط المعركة ضد «داعش» في العراق وسوريا، وضرورة قتاله في سوريا لهزيمته.
وقال ديمبسي، في كابول، إن واشنطن بدأت اجتماعات مع الحلفاء في المنطقة من أجل فهم خطر «داعش» بشكل أفضل «ليس فقط على العراق وسوريا، ولكن على المنطقة»، معرباً عن اعتقاده أن هذه اللقاءات «بدأت تؤدي إلى تشكيل نوع من الحلف»، وأن تركيا والسعودية والأردن ستنضم إلى الحلف من أجل سحق «الدولة الإسلامية».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن مسلحي «داعش» الذين استولوا على مطار الطبقة العسكري، قد يكونون استطاعوا الحصول على منظومات دفاع جوي محمولة تضرب عن الكتف، وهي النسخة الأحدث من هذا النوع من الأسلحة من طراز «اس ايه 18» والتي لا يملك الخبراء العسكريون معلومات كافية عنها.
ويقول الخبير في الأسلحة الفردية مات شرودر إن استيلاء التنظيم على القاعدة الجوية قد يكون أتاح له فرصة السيطرة على هذا النوع من الأسلحة. ولفت إلى أنه لا يملك معلومات كافية عن أحد هذه المنظومات التي ظهرت في إحدى الصور التي بثها أحد المغردين على «تويتر» بعد سيطرة التنظيم على المطار، معبراً عن اعتقاده بأنه قد يكون لديها خصائص لمنظومات الدفاع الجوي المحمولة السوفياتية الصنع من طراز «اس ايه 18»، وهو نظام لا «نراه في الكثير من الأحيان»، كما أننا «نعرف القليل جداً عنه».