عدوان بربري بمراحل متعددة على قطاع غزة والوفد الفلسطيني لم يكن بكفاءة المقاتلين في الميدان

عدوان بربري بمراحل متعددة على قطاع غزة والوفد الفلسطيني لم يكن بكفاءة المقاتلين في الميدان

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٣ أغسطس ٢٠١٤

شنت اسرائيل حربها الارهابية على قطاع غزة على مرحلتين ، ومراحل العدوان لم تنته بعد ، وبالتالي، مع كل تطور في هذه الحرب، يمكن أن تضاف مراحل جديدة، خاصة وأن اسرائلي لم تحقق انتصارات على الأرض تسمح لها أو تحقق لها الاهداف المرسومة من وراء هذا العدوان البربري المستمر.
المرحلة الأولى: مرحلة العمليات الجوية ، وهي مرحلة لم تكن لها أية ملاحق اخرى، أي أن العدوان اقتصر في هذه المرحلة على ضربات جوية أحدثت تدميرا هائلا في المباني والبنى التحتية والمرافق العامة، وأهداف منتقاه للمقاومة الفلسطينية، والهدف من المرحلة الاولى اثارة الشارع والحاضنة الشعبية للمقاومة والضغط عليها، ومحاولة منع المقاومة من تحقيق أية أهداف في شباك المرمى الاسرائيلي.
لكن، العملية الجوية باعتراف الدوائر الاسرائيلية نفسها لم تحقق أهدافها، فانتقلت اسرائيل سريعا الى العدوان العسكري "الجرف الصامد (ب)" ، وهي عملية توغل بري على طول أطراف غزة من شمالها الى جنوبها، ولأن القيام بهذه العملية العسكرية لم يكن مخططا له أن يطول، حيث بنك الاهداف الاسرائيلي كان ممتلئا بحساب متواضع من الاهداف، ما لبث ان تناقص وتلاشى بشكل لم يعد بالامكان وفي ظل ظهور خطر الانفاق تفادي توغلا بريا ، وهو توغل انزلقت اليه اسرائيل مضطرة، بعد أن تسببت عمليات المقاومة الفلسطينية داخل العمق الاسرائيلي في جر الجيش للدخول الى تخوم القطاع، ورغم التدمير الهائل الذي أحدثه القصف الاسرائيلي الهمجي بمناطق مختلفة من القطاع، الا أن المقاومة واصلت حتى اللحظة الاخيرة قبل الاعلان عن التهدئة في الحفاظ على قدرتها في استهداف المناطق الاسرائيلية صاروخيا، وهذه الصواريخ خلقت واقعا جديدا، داخل العمف الاسرائيلي وأثرت على مجريات الحياة اليومية للاسرائيليين الذين باتوا يطالبون بوضع حد لهذا الخطر والهاجس اليومي مهما كانت التنازلات، ولأن المستوى العسكري والسياسي لم يكن قادرا على تحقيق هذا الهدف المتمثل في وضع حدٍ للصواريخ المتساقطة على المدن والبلدات الاسرائيلية.
وتبدلت أهداف الحرب وبات الحديث عن تدمير الانفاق الحديث الطاغي على الخطاب الرسمي الاسرائيلي، خاصة وأنه من غير الممكن، ومن المستحيل أن تنجح اسرائيل في منع اطلاق الصواريخ، حتى لو توغلت وسيطرت على القطاع من شماله الى جنوبه، فخلية صعيرة في شمال أو جنوب أو وسط القطاع تكون قادرة على اطلاق رشقات من الصواريخ، والاختفاء سريعا قبل أن يصل الجيش ، اضافة الى المخاطر الدامية لمسألة توغل قوات الجيش في داخل عمق القطاع.
ومن هنا، كان من الضرورة الاندفاع نحو فسحة من الوقت حتى تعاد صياغة الخطط العسكرية، وتجدد المعلومات الاستخبارية، وهذه الفرصة وفرتها مفاوضات القاهرة من أجل التهدئة، وانشغلت اسرائيل منذ اليوم الأول في هذه التهدئة التي توالت تفاهمات تمديدها في الاتصالات مع الاصدقاء والحلفاء وأطراف التنسيق المختلفة مع جهات في الاقليم، كان هناك تمديد للتهدئة دون تحقيق أي تقدم في جولات التفاوض وبدأ الفلسطينيون يفقدون أوراقهم الرابحة التي حققوها في الميدان، ولم يكن الوفد الفلسطيني الذي خاض المعركة السياسية في القاهرة بكفاءة المقاتلين في الميدان، فسقطت الاوراق من يد الفلسطينيين، واحدة تلو الاخرى لاسباب عديدة، منها، أن اطالة الوقت لم يكن لصالح الفلسطينيين بل كان لصالح اسرائيل التي كانت بحاجة ماسة للترويح عن مواطنيها ومنحهم فسحة من الوقت ليعودوا الى حياتهم الطبيعية ولو لأيام قليلة، وهو وقت استغلته اسرائيل لترتيب أوراقها العسكرية، مرة جديدة، وتكثيف نشاطاتها الاستخبارية والبحث عن صيد ثمين هنا أو هناك، من هذا الجناح المقاوم أو ذاك، وايضا لم ينجح الوفد الفلسطيني المفاوض في وضع سقف زمني وخط أحمر لعمليات تمديد التهدئة، والتمسك بعدم تجاوزه، وها، كان دور الوسيط الذي دفع بشكل دائم نحو تمديد التهدئة، ولم يتمسك أعضاء الوفد بتصريحاتهم الى وسائل الاعلام، التي أطلقوها بعد كل تهدئة، والقول بأنها ستكون التهدئة الاخيرة.
هذه الامور وحقيقة أن الوفد كان يتعرض لحالة من التمزق ليس بين افراده، وانما تمزق ناجم عن عمليات الجذب ومحاولات فرض الرأي التي كان يتعرض لها من جانب العديد من المحاور والمرجعيات.
لذلك، استفادت اسرائيل من جولات التفاوض في القاهرة والمعركة السياسية في العاصمة المصرية، في ترميم ما فشلت في تحقيقه عسكريا، من هنا وبعد الانتهاء من تهيئة الاجواء للجولة الثالثة من العدوان الارهابي توجهت اسرائيل مرة اخرى الى العمل العسكري، ولكن، هذه المرة، عمل عسكري تحتاجه اسرائيل وتتبعه سريعا بعمل ومبادرات سياسية مكثفة، حتى لا تفقد ما حققته من ورقة يتيمة تتمثل في عمليات الاغتيال لعدد من قيادات المقاومة، وبالتأكيد ستدفع بجهات صديقة وحليفة لدعمها في تحقيق انتصارات سياسية، وهذا ما يجري حاليا من تحركات واتصالات مكثفة لطرح مبادرة مريحة لاسرائيل، لا تظهرها بمظهر الطرف الذي قدم تنازلات للمقاومة الفلسطينية، وأيضا، توفير سلم ينزول نتنياهو بواستطه عن شجرة المواجهة العسكرية مع القطاع، مرتكزا الى انتصارات عسكرية استخبارية حققتها اسرائيل، وستحاول تحقيق المزيد منها في الايام والاسابيع القادمة، بناء على ما جمعته من معلومات استخبارية توفرت لديها بوسائل عديدة، ومن جهات كثيرة، فملأت بنك الاهداف، لكن، هناك من يرى أن على اسرائيل العمل سريعا حتى تستطيع التأثير على شكل المشهد القادم في القطاع، فالأيام القادمة حتى نهاية الشهر الجاري ستكون مليئة بالتطورات في القطاع، وتدرك اسرائيل أن سياسة الاغتيالات واستهداف قيادات المقاومة المسلحة تحقق "نشوة انتصار" .. لكن، هذه النشوة مؤقتة سرعان ما تزول، ولدى اسرائيل الكثير من التجارب التي تؤكد ذلك.