كيف خطّط ديك تشيني لقتل الحريري.. ولماذا؟

كيف خطّط ديك تشيني لقتل الحريري.. ولماذا؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٣٠ يوليو ٢٠١٤

 عام 1996 كان ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي في فترات متعاقبة، معارضاً هو والحزب الجمهوري لحكم بيل كلينتون الديمقراطي. يومها قرّر الرجل خوض معركة الرئاسة عام 2000، فشرع بتحضير برنامج انتخابي يساهم بوصوله هو أو من قد يتبنّى المشروع من مرشحي حزبه إلى البيت الأبيض.
وكما تجري العادة هناك في الولايات المتّحدة، فبرنامج المرشح الرئاسي لا يقتصر على خطط ومشاريع تُنفّذ داخلياً فقط، فلدى الدّول العظمى حساباتها التي تتخطّى حدود دولها. فمن يتابع برامج المرشحين في الولايات المتحدة، يدرك أن المرشح يُقسَّم مشروعه إلى جزئين، الأوّل يُعنى بأميركا وشؤونها واقتصادها، والثاني يقسّم على أميركا الجنوبية، أوروبا، شرق آسيا، أوستراليا، والشرق الأوسط.
في مشروع تشيني للشرق الأوسط حينها فظائع بحق المنطقة وخارطتها، لا حاجة لنا لإعادة سردها، فواقع بلادنا من حرب العراق حتى اليوم واضح ولا لبس فيه.
ما لم تقرأه شعوب بلادنا، عبر إعلام هذه البلاد ومحلّليها، هو الفقرة الأهم التي دخل إليها مشروع الشرق الأوسط الجديد إلى بلادنا، بعد حرب العراق في الـ2003.
في مشروع تشيني للشرق الأوسط وردت الكلمات الآتية: "يجب تغييب شخصية سنيّة كبيرة عن لبنان، فينقلب الشارع السني على وجود الجيش السوري، فتضطر سوريا لسحب قواتها وتحاصر داخل بلادها، فتُجرُّ حينها لتوقيع اتفاقية صلح مع "إسرائيل"، فيوقّع بالتالي لبنان بشكل تلقائي على الصلح".
في العام 2005، أي بعد خمس سنوات على حكم جورج بوش وديك تشيني، قُتل رفيق الحريري.
حينها، انقلب الشارع السني على سوريا، خرجت قواتها من لبنان، حوصرت في سوريا، ولكنّها لم توقّع.
بعد قتل الحريري قُسّم لبنان نصفان، بدأت معركة زرع الفتنة المذهبية فيه بجدّية تامة، لم تسر البلاد مسار الفتنة والتقاتل، سوريا هي الأخرى حوربت واتهمت بقتل الحريري، رُكبت لجان التحقيق وفشلت في إثبات ما يدين الرئيس الأسد وأي من المسؤولين السوريين.
بعد ذلك شهدت البلاد حرب تموز الهمجية، خرجت منها المقاومة وسوريا منتصرتين بوجه مشروع ضربهما.
في أواسط العام 2011 بدأ السيناريو نفسه، ولكن بنسخة جديدة تقضي بضرب المحور من عمقه، عبر تفتيته من الداخل وإحداث فتنة مذهبية مسلّحة لا يمكن ردعها. هنا صمدت سوريا، لم يسقط نظامها على الرغم من التمهيد الذي حاول الغرب إدخاله الى لاوعي الشعوب، عبر إسقاط رئيسي تونس ومصر لتشجيع الشعب السوري على النزول على اعتبار أنّ أية مظاهرة في الشارع تُسقط نظام. فشل المشروع وترك خلفه ذيوله.
اليوم تحارب سوريا هذه الذيول، تقتطعها من المدن والأحياء، وفي لبنان صراع سياسي لم يصل إلى سحب سلاح المقاومة. كل هذا يُفيد، أنّ توقيع الصلح مع الصهاينة قد فشل، وأنّ الشرق الأوسط الجديد كان على شفير التطبيق، لكنّه أيضاً هو الآخر تضعضع بفعل صمود الجيوش والشعوب.
مشروع ديك تشيني زعج المنطقة، ولكنّه لم يفتّتها خدمةً للعدو الصهيوني. لن يهدأ طلّاب مدرسة تشيني عن إعداد الخطط، أمّا شعوب المنطقة المكتوب عليها الصراع لأجل الحياة، ستبقى تناضل في حرب وجود لا مهرب منها.