«الجبهة الإسلامية» وارتباطاتها الخارجية هل تمزقها المصالح الاستخبارية؟

«الجبهة الإسلامية» وارتباطاتها الخارجية هل تمزقها المصالح الاستخبارية؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٥ أبريل ٢٠١٤

أرسلت «الجبهة الإسلامية» ذات التكوين غير المتجانس والتي تهيمن عليها «حركة أحرار الشام»، برقية تضامن ودعم لمن أسمتها «المقاومة الأحوازية» في إيران.
وبينما أثار هذا الموقف تساؤلات عن الارتباط الاستخباراتي لـ«الجبهة» وتأثيره على مواقفها الخارجية، ثار كذلك تساؤل مشروع عن الفرق بين نهج «الجبهة» من جهة ونهج تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) الذي تحاربه من جهة أخرى، بالنسبة إلى اعتبار إيران، أو بحسب أدبياتهم، «الكيان الفارسي الصفوي» العدو الأول الذي ينبغي مواجهته.
وجاء في البرقية التي أرسلت يوم الأحد الماضي، أنه «في مثل هذا اليوم من العام 1925 وبعد سقوط الخلافة الإسلامية، تعرّض أول بلد عربي مسلم للاحتلال الأجنبي الفارسي الغاشم»، مضيفة أنه «طيلة تسعة عقود خلت واجه الشعب الأحوازي المسلم أنظمة الطغيان الفارسي مقاوماً الشعبوية الفارسية العنصرية التي مارست بحقه البطش والقتل والتنكيل».
ونوّهت البرقية بأصالة الشعب الأحوازي، ومدى «تمسكه بفصائل المقاومة الأحوازية المسلحة». وعبرت عن تضامن ودعم مرسليها مع قضية «الإخوة الأحوازيين»، بقولها «إننا في الجبهة الإسلامية إذ نشارك إخواننا الأحوازيين هذه الذكرى، نؤكد وقوفنا إلى جانبهم ومساندتهم في قضيتهم العادلة سعياً إلى تطهير بلادهم من هذا الاحتلال البغيض».
وفي إشارة واضحة إلى أنهم يعتبرون قضيتهم في بلاد الشام هي نفسها قضية الأحوازيين في إيران، قالوا: «نؤكد على مضيّنا في تحرير بلادنا وإنهاء التدخل السافر لهذا المشروع الصفوي الفارسي في بلاد الشام».
وبداية، ينبغي التنويه إلى أن ذكر بلاد الشام وليس سوريا فحسب ليس خطأً عفوياً، بل يمثل حقيقة سياسة «حركة أحرار الشام» التي لا تخفي طموحها في التمدد في كل أنحاء بلاد الشام وتحطيم حدود سايكس - بيكو، كما أعلن زعيمها أبو عبدالله الحموي في لقاء سابق مع قناة «الجزيرة». كما يثبت أن «أحرار الشام» هي التي تهيمن على «الجبهة الإسلامية» بما في ذلك رسم سياستها الخارجية.
والمفارقة أن «الجبهة الإسلامية» وهي ترسل برقية تضامن ودعم إلى «الأحوازيين» الذين يبعدون عنها آلاف الكيلومترات، نسيت أو تناست أن تعلن تضامنها ودعمها لقضية لواء الاسكندرون الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الأراضي السورية، بالرغم من أن سلطات الانتداب الفرنسي تنازلت عنه للسلطات التركية في العام 1938.
وقد لا يكون في الأمر أي مفارقة بالنسبة إلى وجهة نظر «الجبهة الإسلامية» التي تنطلق ربما من اعتبار أن لواء الاسكندرون ما زال في يد الدولة التي أقامت الخلافة الإسلامية وما زالت لديها طموحات في إعادة الإرث العثماني القديم. وبهذا المعنى، فهي تعتقد أن لواء الاسكندرون لم يخرج من إطار المشروع الإسلامي الذي تطمح إليه، وبالتالي لا يعاني من أي قضية تستحق التضامن والدعم، بل ربما لا تمانع أن يكون مصير كل الأراضي السورية أو أراضي بلاد الشام كمصيره.
وبعيداً عن الأيديولوجيا، فإن السبب الحقيقي وراء المفارقة السابقة، هو الارتباط الوثيق بين «الجبهة الإسلامية» مع الاستخبارات التركية التي لا تبخل عليها بالدعم والتمويل وتقديم كل التسهيلات لها، وقد تبدى هذا واضحاً في كل من معركتي كسب وحلب الأخيرتين. وهذا الارتباط كفيل ليس بتناسي لواء الاسكندرون وحسب، بل بتحويل «الجبهة الإسلامية» نفسها أداةً تستخدمها الاستخبارات التركية في تنافساتها الإقليمية.
وحصلت «السفير» على معلومات تؤكد أن كبار قيادات «أحرار الشام» على تواصل مستمر مع ضباط الاستخبارات التركية وبعض المسؤولين الحكوميين، وفي هذا الإطار قال مصدر لـ«السفير» إن أبو خالد السوري الذي اغتيل قبل حوالي شهرين، كان من أبرز قيادات «أحرار الشام» التي تواصلت مع السلطات التركية بهدف تنسيق المواقف وتأمين الدعم، وبرغم أنه معروف بارتباطه مع تنظيم «القاعدة»، إلا أن ذلك لم يسبب عائقاً يمنع السلطات التركية من استقباله والاجتماع به والتنسيق معه.
ومن جهة أخرى، تطرح رؤية «الجبهة الإسلامية» للصراع في سوريا على أنه يهدف إلى وقف التدخل السافر للمشروع الصفوي الفارسي، تساؤلاً عن الفرق بين هذه الرؤية ورؤية خصمها اللدود تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي ينظر إلى الصراع منذ أيام الزرقاوي على أنه صراع ضد «الصفويين والرافضة»؟
ومن شأن هذا التطابق في رؤية الصراع لدى الطرفين المتحاربين في ما بينهما، أن يثير تساؤلات أخرى حول سبب الصراع بينهما ما داما يتفقان في النظر إلى أصل الصراع والالتقاء على أن هدفه هو محاربة «المشروع الفارسي».
في الواقع، وبحسب المعطيات المتوافرة، فإنه لا يمكن الإجابة عن التساؤل السابق قبل أن يتضح نهائياً مصير «الجبهة الإسلامية» وإلى ما ستؤول إليه، خصوصاً في ظل عدم قدرتها على دمج الفصائل المكونه لها وتوحيد مواقفها العسكرية والسياسية، حيث تشير التوقعات إلى أن الخلافات بين فصائل «الجبهة الإسلامية» ستتحول إلى انشقاقات وربما إلى صراعات عسكرية في ما بينها، وكل ذلك سيجري على ضوء تجاذب أجهزة الاستخبارات العديدة لها، وخصوصاً بعد غياب وزير الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان الذي كان من أكبر المراهنين على دور «الجبهة الإسلامية» وبذل جهوداً كبيرة لتأليفها برغم خلافات قادتها.
لذلك لا يمكن الجزم إلى أي جهاز استخباراتي تتبع «الجبهة الإسلامية» حالياً، لكنها بالتأكيد تمثل نقطة التقاء بين مصالح العديد من هذه الأجهزة التي ستجد في وقت غير بعيد أن هذه «الجبهة» لم تعد تحقق مصالحها على شكلها الحالي، ما سيفرض عليها الانقسام من جديد وفق رؤى ومواقف جديدة، سواء في الداخل السوري أو في الخارج.