الجرح المقدسي يزداد عمقاً... تدنيس في «الأقصى» وتضييق على«القيامة»

الجرح المقدسي يزداد عمقاً... تدنيس في «الأقصى» وتضييق على«القيامة»

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢١ أبريل ٢٠١٤

 لم يكن الثامن والعشرون من شهر أيلول عام 2000 يوماً عادياً في ذاكرة كلّ من شهده، حين اقتحم آرييل شارون المسجد الأقصى.. أذكر حينها أنّ الوجوه من حولنا كانت شاحبةً تراقب عبر شاشات التلفزة انتفاضة المصلين والمواجهات التي دارت بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الصهيوني. كنا ما نزال نعيش نشوة تحرير العام 2000، وكان هذا اليوم بمثابة الصفعة التي تلقاها الجميع ليتنبه الى أنّ تحرير الجنوب وحده لا يكفي لنعيش النشوة، فما زال جرح القدس ينتظر من يختمه، وما زالت تأوّهات فلسطين المغتصبة، صاخبةً في الآذان.
أذكر حينها أنّ مظاهراتٍ واحتجاجاتٍ قد عمّت عواصم الدول العربية وانتفاضةً عارمةً هبّت في فلسطين. أذكر أنّ تكرار القنوات لمشهد دخول شارون الى المسجد وسيره مع مرافقيه في باحاته، لم يفلح في تطبيع ردة الفعل على المشهد، فكانت القشعريرة ذاتها تصيب الأبدان مع كلّ تكرار، فلا تهدأ إلا مع عرض مشاهد المصلين الذي يتصدون لجنود الاحتلال ويستبسلون في المواجهة.
اليوم أيضاً دُنّس الأقصى، واقتحم الصهاينة باحته، اليوم كان المشهد مستفزاً أيضاً، بل إنه أكثر استفزازاً من مشهد العام 2000، فنحن في العام 2014 وما من شيءٍ تبدّل، واليوم لم يشعر أحدٌ بذاك الارتجاف، ولو انتابتنا تلك القشعريرة لكانت استقرّت في أبداننا الى اللانهاية، فالعواصم لم تنتفض، وفلسطين لم تنتفض أيضاً، لا جموع غفيرة من المصلين يواجهون ويتصدون، وحدهم رابطوا في ساحات المسجد عصبةٌ قليلةٌ من أبناء القدس بصدورهم العارية، دون أي مناصرٍ أو مدافع، يفتدون الأقصى بأجسادهم وأرواحهم، ولقلّتهم يعتقلون، فلا يبقى في الساحة غيرهم، ويقتحم الأقصى، ويدنّس، ويقيم الصهاينة شعائرهم، ويمر الخبر رابعاً أو خامساً أو سادساً في نشرات الأخبار... وتنتهي الواقعة، وتزداد عبارة غولدا مائير رسوخاً في صفحات التاريخ: "ﺑاﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻧﺸﺎﺀ ﻓﻬﺬﻩ ﺃﻣﺔٌ ﻧﺎﺋﻤﺔ".
كانت خطة متكاملة أظهرت مرة جديدة عنصرية هذا الكيان وإرهابه وحقده على كافة أبناء فلسطين بمسيحييها ومسلميها، فخرّب المستوطنون وشرطة الاحتلال الاحتفال المسيحي الفلسطيني بسبت النور الذي أقيم في كنيسة القيامة بالقدس، حيث أغلقوا ليل السبت كافة الطرقات المؤدية إلى كنيسة القيامة، وأفرغت شوارع البلدة القديمة من السيارات والمواطنين، وأعتدوا على عدد من المصلين وهم يحاولون الوصول إلى كنيسة القيامة للاحتفال وذلك بحجة توفير الحماية للمصلين اليهود الذين يحتفلون بفصحهم المزعوم، واستمرت أعمال التضييق والمنع حتى صباح أمس الأحد حيث تواصلت الاعتداءات على المصلين المتوجهين لإقامة قداس الفصح المجيد.
بعد الاعتداء على مسيحيي القدس، جاء دور مسلميها، فاقتحم مستوطنون يهود برئاسة نائب رئيس الكنيست المتطرف موشيه فيجلن باحة المسجد الأقصى، عبر باب المغاربة، والتي تزامنت مع اقتحاماتٍ أخرى للمسجد، عبر مجموعاتٍ متتاليةٍ وبشكلٍ سريعٍ لتؤكد وجود خطة مرسومة، فيما كانت قوة معززة من جنود الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال ترافق المستوطنين، وتوفر الحماية والحراسة لهم. واندلعت اشتباكاتٌ بين شرطة الاحتلال والمستوطنين من جهة، وبين المصلين المرابطين منذ فجر الأحد في المسجد لحمايته من جهةٍ أخرى، وأطلقت شرطة الاحتلال قنابل الغاز السامة والمسيلة للدموع والرصاص المطاطي باتجاه المعتصمين فيه، مما أدى إلى إصابة العشرات منهم بجروحٍ مختلفةٍ وحالات اختناقٍ جراء قنابل الغاز السام. كما اعتقلت قوات الاحتلال 24 فلسطينياً خلال الأحداث بحجة إثارة أعمال شغبٍ والاعتداء على الشرطة والمستوطنين، ليتم لاحقاً إطلاق سراح بعضٍ منهم والتحفظ على آخرين من أجل محاكمتهم.
من جهةٍ أخرى قام مئات المستوطنين باقتحام مقام النبي يوسف في محافظة نابلس، لتأدية صلوات وطقوس دينية، بحماية قوات الاحتلال، حيث سبق المستوطنين وصول أكثر من 30 سيارة عسكرية إسرائيلية، لمنطقة قبر يوسف، وانتشروا في المكان انتظاراً لوصول المستوطنين، الذي وصلوا صباحاً في عشرات السيارات والحافلات، وأدوا الصلوات والطقوس الدينية التلمودية، لعدة ساعات قبل أن يغادروا. وفور وصول المستوطنين، وقعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين، وجنود الاحتلال في محيط قبر يوسف، والمنطقة المحيطة لمخيم بلاطة، حيث هاجمت قوات الاحتلال الشبان بقنابل الغاز السام والمسيل للدموع، وقنابل الصوت.
لبيت لحم نصيبٌ أيضاً من اعتداءات المستوطنين الصهاينة، فقد اقتحم أكثر من مئتي مستوطنٍ يهودي، منطقة برك سليمان الأثرية، الواقعة على مشارف بلدة الخضر وقرية ارطاس القريبة منها، في محافظة بيت لحم، لأداء طقوس تلمودية، بحجة عيد الفصح اليهودي لتشهد المنطقة بعض الاشتباكات بينهم وبين الفلسطينيين قبل أن تقوم شرطة الاحتلال بتفريق الفلسطينيين بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية.