هل استطاع "بومبيو" تحقيق أهدافه المعادية لإيران أثناء زيارته للعراق؟

هل استطاع "بومبيو" تحقيق أهدافه المعادية لإيران أثناء زيارته للعراق؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٢ يناير ٢٠١٩

 أثارت زيارة وزير الخارجية الامريكي "مايك بومبيو" لمنطقة غرب آسيا، والتي بدأت يوم الاثنين الماضي، موجة واسعة من الأحداث خلال الأيام القليلة الماضية وفي بداية هذه الزيارة أعرب "بومبيو" في خطابه، بأن الهدف الرئيسي من زيارته لمنطقة غرب آسيا، والاجتماع مع المسؤولين السياسيين في المنطقة، يتمثل في تكثيف الضغوط ضد إيران ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، فإنه من المقرر أن يسافر "بومبيو" إلى دول مثل الأردن والبحرين ومصر وقطر والإمارات والسعودية والكويت وعمان.
 
إلا أن الحدث الابرز تمثل في الزيارة المفاجئة التي قام بها وزيرة الخارجية الأمريكية للعراق بعد اجتماعه مع القادة السياسيين الأردنيين. حيث التقى "بومبيو" خلال زیارته للعراق، في بادئ الأمر بالرئيس العراقي "برهم صالح"، ورئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي"، ووزير الخارجية العراقي "محمد الحكيم"، ورئيس البرلمان العراقي "محمد الحلبوسي"، ثم غادر العاصمة بغداد وسافر إلى مدينة "أربيل" واجتمع مع "مسعود بارزاني"، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، ونيجيرفان بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، و"مسرور البرزاني"، مستشار الأمن القومي النجل الاكبر لـ"مسعود بارزاني".
 
ووفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، فإن هذه الزيارة جاءت لتحقيق هدفان رئيسيان؛ فمن جهة، يسعى "مايك بوميبو"، إلى تأمين انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وتبادل وجهات النظر مع العراقيين، ومن جهة أخرى، ناقش "بومبيو" مع مسئولي الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق، مسألة التعاون بين العراق والولايات المتحدة فيما يخص العقوبات الإيرانية.
 
وعلى الرغم من هذا كله، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل استطاع وزير الخارجية الامريكي أن يحقق أهداف واشنطن في هذه الزيارة المفاجئة للعراق؟ وكيف قيمت الحكومة العراقية والسياسيون العراقيون هذه الزيارة التي قام بها هذا المسؤول الأمريكي؟ وردا على هذا السؤال، فإنه من الممكن اعتبار ردود أفعال البرلمانيين العراقيين والتطورات اللاحقة التي أعقبت زيارة "بومبيو"، وبالاخص الزيارة السرية للرئيس "دونالد ترامب" لقاعدة "عين الاسد" العسكرية في محافظة "الأنبار"، اُسس لتحليل نتائج زيارة "بومبيو" للعراق.
 
هزيمة كبيرة مُني بها "بومبيو" ومُنيت بها الدبلوماسية الأمريكية في العراق
 
يمكن اعتبار زيارة "بومبيو" إلى العراق والتي جاءت لإقناع بغداد بالوقوف في صف العقوبات الأمريكية، استمراراً لدوامة الإخفاقات التي مُنيت بها واشنطن أثناء وقوفها ضد طهران ولقد جاءت هذه الخطوة عقب إعلان القادة العراقيين وعلى وجه الخصوص رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي"، مراراً وتكراراً على عدم موافقة العراق بالمشاركة في العقوبات الأمريكية الشنيعة التي فرضتها ضد طهران ولقد صرح العديد من المسؤولين العراقيين بأنهم سيتبعون سياسة روسيا والاتحاد الأوروبي والصين فيما يخص العقوبات الأمريكية المفروضة ضد إيران. وفي الوضع الحالي، وبعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي للعراق، يبدو أن النهج الذي يتبعه المسؤولون السياسيون العراقيون هو الرفض القاطع لتلك العقوبات المفروضة على طهران وهنا يمكن القول بأن زيارة "بومبيو" مُنيت بالفشل.
 
 ومن جهة أخرى، يمكن رؤية الاخفاق الامريكي الاخر في الساحة السياسية العراقية، يتمثل في معارضة الحكومة العراقية، الاستمرار بالتعاون مع واشنطن. في الواقع، طالب العديد من البرلمانيين العراقيين خلال الشهر الماضي، الحكومة العراقية بالضغط بجدية من أجل اخراج القوات الأجنبية، وخاصة تلك القوات التابعة للولايات المتحدة، وهنا تشير العديد من التقارير الاخبارية بأن مسودة خطة لطرد القوات الأجنبية من العراق وصلت إلى لجنة الأمن والدفاع في البلاد لاتخاذ القرارات المناسبة. فعلى سبيل المثال، وفيما يتعلق بهذه القضية، يتوقع "مضر الخزعل"، العضو في تحالف "الإصلاح" في البرلمان العراقي، بأن مشروع طرد القوات الأجنبية، وعلى رأسها القوات الأمريكية من العراق، سيقدم إلى البرلمان يوم الخميس القادم. وهنا تذكر العديد من المصادر الاخبارية بأن غالبية الفصائل البرلمانية العراقية تعارض استمرار التواجد العسكري الأمريكي في العراق، ويقيمون الأعمال غير الدبلوماسية للمسؤولين الأمريكيين، بأنها انتهاك للسيادة العراقية وعدم احترام لبغداد.
 
 إن الزيارة السرية التي قام بها "ترامب" لقاعدة "عين الأسد" العسكرية وزيارة "بومبيو" المفاجئة لبغداد بطائرة عسكرية، تعتبر رموزا لأفعال واشنطن غير المؤدبة تجاه الدولة العراقية، والتي أدانها الكثير من البرلمانيين العراقيين بشدة. وعلى سبيل المثال، قيّم "كريم المحمداوي" أحد البرلمانيين العراقيين، وصول "بومبيو" إلى بغداد بطائرة عسكرية، كتهديد لحكومة "عبد المهدي" وأجبارها على قبول العقوبات الامريكية المفروضة ضد إيران. باختصار، يشير الجو السياسي والإعلامي المهيمن على العراق إلى أن رصاصة "بومبيو" المعادية لإيران أصطدمت مرة أخرى بجدار اسمنتي متين وإن الشعب والحكومة العراقية أكثر من أي وقت مضى غير راضين عن استمرار بقاء القوات الأمريكي على أراضي بلادهم. ولهذا يمكن اعتبار زيارة "بومبيو" إلى العراق بأنها منيت بالفشل.