ما هي أهداف “اسرائيل ” من وراء مزاعمها حول أنفاق حزب الله؟

ما هي أهداف “اسرائيل ” من وراء مزاعمها حول أنفاق حزب الله؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٠ ديسمبر ٢٠١٨

بداية الاسبوع الماضي، إنشغل الرأي العام المحلي والاقليمي وحتى الدولي، بمناورة العدو الاسرائيلي التي إدعى فيها إطلاق عملية ( درع الشمال ) لكشف ولتدمير انفاق ، زعم ان حزب الله قد حفرها للربط بين مناطق تواجده في لبنان مع الاراضي المحتلة في الجليل الاعلى، وحيث بدت العملية بانها عبارة عن نشاطات وإجراءآت هندسية لا أكثر، أعطوها صفة ” العملية ” مع اسم خاص، بعد أن حضّروا لها اعلاميا وديبلوماسيا بشكل واسع .
ظهرت العملية بتفاصيلها الميدانية على الارض ، قريبة من عمل هندسي روتيني، غالبا ما كانت تقوم به وحدات العدو، ويتضمن معاينة الارض ومراقبة اي تغييرعليها مع إجراء حفريات مختلفة، لان المواجهة المفتوحة عسكريا مع لبنان ومع حزب الله تتطلب ذلك، حتى ولو كان الهدوء مُسَيطِراً على الحدود حاليا مع سريان القرار 1701، ولكن بالمقابل بدا حزب الله والذي هو المعني الاساسي بالموضوع، ” غير معنيا بالموضوع “، ولم يُعَلِّق او يُظهِر اي ردة فعل حيال تلك الاجراءآت، بالرغم من محاولة العدو الاسرائيلي جاهداً فعل المستحيل لمعرفة ردة فعله او موقفه .
بمعزل عن إستبعاد فكرة الاعتداء الاسرائيلي على لبنان على خلفية الاتفاق، لان اسرائيل تستطيع خلق ذرائع ذلك ساعة تشاء، وبمعزل عن إستراتيجية حزب الله التي تقوم على إتباع سياسة الصمت والغموض تجاه الاتهامات الاسرائيلية، فمن غير المنطقي ان تكون مناورة العدو دون اهداف اساسية تتعلق بإستراتيجيته وبِأمنه، وهذه الاهداف المفترضة يمكن تحديدها كالتالي :
العامل الداخلي
طبعاً للموضوع علاقة بمحاولة التغطية على ما تمرّ به السلطة الاسرائيلية حاليا من تخبط وعدم توازن، بدأ في فشلها بمواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية من غزة، والتي تبعت عملية فاشلة لوحداتها الخاصة في خان يونس بتاريخ 11 تشرين الثاني الماضي، وإمتدّ التَخَبط الى إستقالة وزيرالحرب أفيغدور ليبرمان على خلفية قرارالحكومة المصغرة بالقبول بوقف اطلاق النار دون متابعة الحسم العسكري، ليُتوَّج هذا التخبط بالاتهامات الجدية ( كما يبدو ) لرئيس وزراء العدو بملفات فساد .
العامل العسكري
– عمليا، فكرة الانفاق تُقلق اسرائيل بشكل واسع، حيث لديها تجربة مُرَّة مع الموضوع في غزة، واستعمال المقاومة الفلسطينية الانفاق في اكثر من عملية ناجحة ، في استهداف او اختطاف جنود اسرائيليين على خطوط المواجهة مع غلاف القطاع، الامر الذي لم يستبعدوه بتاتا من حساباتهم في المواجهة مع حزب الله، حيث يعتبرون، في التحليل وربما في معطيات المراقبة والمعلومات الاستخبارية، ان حزب الله لديه مصلحة عسكرية بأن يحفر انفاقاً تربط لبنان بالجليل، خاصة وانهم يُصَدّقون دائما تهديدات قادة المقاومة
بان مناورة دخول عناصر النخبة في حزب الله الى الجليل، هي مناورة قائمة وحتمية بشكل اكيد، والانفاق ربما تكون( بنظرهم ) إحدى الوسائل الاسرع والانسب، يستعملها حزب الله عند اية مواجهة مقبلة .
– من هنا يأتي العامل العسكري في اهداف عملية ” درع الشمال “، او عملية إكتشاف وتدمير انفاق حزب الله المزعومة، حيث في ذلك يحققون تدمير تلك الانفاق ، لو صحَّت إدعاءآتهم، واذا كانت هذه الادعاءآت فارغة ولا وجود للانفاق، فهم لن يخسروا شيئا ويكونون قد تأكدوا من عدم وجودها .
العامل الاستراتيجي
تعتبر إسرائيل انها قد تحقق عبر مناورة ” الانفاق المزعومة ” الكثير من الاهداف الاستراتيجية، والتي يمكن تحديدها بالتالي :
اولاً : الضغط على الحكومة اللبنانية التي تصرّف الاعمال حاليا، وذلك من خلال محاولة زرع نقطة خلاف بينها وبين حزب الله، وحيث عملت على تغذية هذه الضغوط من خلال التحريض الاعلامي وبث الشائعات والدسائس بعد أن اخترقت شبكات الهاتف الخليوي اللبنانية، إعتبر العدو أن حكومة لبنان تتحمل المسؤولية الكاملة في منع حزب الله من اختراق الاراضي المحتلة ( عبر الانفاق )، وبالتالي يعتبر ذلك مُخالِف لمندرجات القرار الدولي 1701 .
ثانياً : محاولة خلق ربط نزاع دولي او شبه دولي بينها وبين لبنان وحزب الله، وذلك عبر فتح باب التفاوض غير المباشر، اولاً عبر تفعيل عمل اللجنة الثلاثية في الناقورة ، وهذا دائما تسعى له اسرائيل من باب محاولتها إستدراج لبنان لشيء قريب من التطبيع او ما يشبه التطبيع، وثانياً عبر جرّ لبنان الرسمي للنقاش حول الموضوع في اروقة الامم المتحدة، فيما لو طُرح اي قرار يتعلق بالأنفاق وبمخالفة القرار 1701 .
أخيراً، وهي النقطة الاهم إستراتيجياً: محاولة إسرائيل إدخال موضوع الأنفاق من ضمن التصويب على إيران، حيث شَكَّل نفوذُ الاخيرة ( بالنسبة للاميركيين ولاسرائيل ) نقطةً اساسية في الاشتباك معها، نتج عنه اولا إنسحاب الولايات المتحدة الاميركية من الاتفاق النووي، وثانيا سلسلة من الضغوط الاقتصادية عليها، بعد ان تم ربط هذا النفوذ الايراني بموضوع حزب الله واسلحته النوعية التي تشكل معادلة ردع اساسية تخافها اسرائيل، وبموضوع اليمن وعجز التحالف عن الحسم ، وبالموضوع السوري حيث لايران الدور الاساس مع حلفائها في إنتصارالدولة السورية، وربما بالموضوع العراقي حيث الدور الايراني الفاعل لمنع تشكيل حكومة قريبة من النفوذ الاميركي والخليجي قدر الامكان .