أزمة روسيا وأوكرانيا في تصاعد: واشنطن تلوّح بالعقوبات

أزمة روسيا وأوكرانيا في تصاعد: واشنطن تلوّح بالعقوبات

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٨

تتصاعد الأزمة العسكرية بين أوكرانيا وروسيا. موسكو تتجه إلى تعزيز قواتها في شبه جزيرة القرم بإرسال المزيد من الـ«أس 400»، أما كييف التي أعلنت حالة الطوارئ فتحذر من اشتعال حرب واسعة، وسط حديث غربي عن مزيد من العقوبات على الروس، في انتظار قمة بوتين وترامب «المحتملة»
تصعيد أوكراني جديد يقابله تصعيد روسي يحذّر من تطور الأزمة من الطابع السياسي إلى الحرب المفتوحة، وذلك بعيد يومين من حادثة مضيق كيرتش الواصل بحر آزوف بالبحر الأسود، بين خفر السواحل الروسي وثلاث سفن تابعة للبحرية الأوكرانية حاولت دخول آزوف عبر المضيق الخاضع للسيطرة الروسية، ما أدى إلى احتجاز السفن الثلاث مع أفراد الطواقم البالغ عددهم 24 بحاراً بينهم ثلاثة جرحى. وقد مثل البحارة، أمس، أمام محكمة في سمفيروبول، المدينة الرئيسية في منطقة القرم. وأصدرت المحكمة قراراً باحتجازهم لشهرين بانتظار محاكمتهم، وهو الأمر الذي أدانه رئيس الوزراء الأوكراني فولوديمير غرويسمان، فيما أرسلت الخارجية الأوكرانية إلى موسكو إشعاراً ديبلوماسياً احتجاجاً على احتجاز البحارة «غير القانوني».
الرئيس الأوكراني، بترو بوروشنكو، ذهب أكثر من ذلك تصعيداً للموقف، ووقّع، أمس، قانون الطوارئ الذي صادق عليه البرلمان الاثنين، أي بعد يوم من الحادثة، والذي يُفرض لمدة ثلاثين يوماً في عشر مناطق على الحدود مع روسيا والبحر الأسود وبحر آزوف. ويأتي ذلك بعد تحذير بوروشنكو من حشد القوات الروسية قرب الحدود وزيادة موسكو انتشارها العسكري، محذراً من خطر نشوب «حرب شاملة». من جانبه، قال غرويسمان في مستهلّ جلسة حكومية عقدت أمس، إنه «يجب أن نكون جميعاً مستعدين لصدّ عدوان من عدوتنا التي كانت منذ وقت قليل فقط جارتنا». على رغم ذلك، أكدت السلطات الأوكرانية مراراً أن قانون الطوارئ الذي يُتيح لها أن تقوم بتعبئة مواطنيها وتنظيم وسائل الإعلام والحدّ من التجمّعات العامّة، لديه طابع «وقائي» بشكل أساسي. وقال بوروشنكو، مساء الثلاثاء، إن «هدف قانون الطوارئ يتمثل بإثبات أن العدو سيدفع ثمناً غالياً كثيراً إذا قرر مهاجمتنا».
الرد الروسي لم يتأخر، بل أتى على لسان الرئيس فلاديمير بوتين مباشرةً، والذي أكد أن القوات الروسية كان لها الحق في احتجاز السفن. وفي أول تعليق له منذ الأحد، قال بوتين إن «ما حدث كان من تدبير كييف»، ووصفه بأنه «استفزاز». وأشار إلى أن السفن الأوكرانية دخلت المياه الروسية ورفضت الرد على طلبات قوارب الدوريات الروسية لها بالتوقف. وفي منتدى للاستثمار العالمي في موسكو تساءل بوتين: «ما الذي كان يفترض أن يفعلوه (القوات الروسية)؟»، مضيفاً أنهم «كانوا يقومون بواجبهم العسكري. كانوا يؤدون واجبهم المشروع في حماية الحدود الروسية. بلادكم كانت ستفعل الشيء ذاته».
وفي ما يعد تصعيداً روسياً، أعلن مسؤول في الجيش الروسي، أمس، أن روسيا ستنشر نظاماً جديداً لصواريخ أرض ــ جو من طراز 
«أس 400» في مستقبل قريب، في شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014. ووفق وكالة «إنترفاكس» الروسية، فإن الناطق باسم المنطقة العسكرية الروسية الجنوبية، الكولونيل فاديم استافييف، قال إنه «في مستقبل قريب، سيتم نصب نظام الدفاع الجوي في موقع قتالي لحماية المجال الجوي للاتحاد الروسي». أما وكالة «ريا نوفوستي»، فقالت إن النظام يُنصب قبل نهاية السنة، لينضم إلى الأنظمة الثلاثة من «أس-400» الموضوعة قيد الخدمة أساساً في القرم.
هذه التطورات، توجه الأنظار إلى اللقاء المحتمل بين بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب، والاجتماع الوزاري لدول «حلف شمال الأطلسي» الذي سيعقد في بروكسيل الشهر المقبل. وقد تجلت التوترات السياسية بين واشنطن وموسكو هذه المرة على الساحة الأوكرانية، إذ دعت واشنطن حلفاءها الأوروبيين إلى فعل المزيد لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، محذرة من تصعيد خطير بين المواجهة العسكرية العلنية، كما نددت واشنطن بالإجراءات الروسية واصفةً إياها بـ«غير الشرعية». وقال الرئيس الأميركي إنه ينظر في احتمال إلغاء لقائه المرتقب مع بوتين خلال قمة «مجموعة العشرين» في الأرجنتين، مضيفاً أنه سيتخذ قراراً نهائياً بعد الاستماع إلى تقرير من مستشاري الأمن القومي حول الحادث الذي وقع بين البلدين. وأوضح ترامب لصحيفة «واشنطن بوست» أنه «سيكون ذلك حاسماً، وربما لن أعقد اللقاء». لكن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أعلن أمس أن «التحضير للقاء مستمر. تم الاتفاق على عقد اللقاء. لا نملك أي معلومات أخرى من زملائنا الأميركيين».
كما قال الكرملين إنه يتوقع عقد اللقاء بين بوتين وترامب مقللاً بذلك من التهديد، حيث صرح مستشار بوتين للسياسة الخارجة يوري أوشاكوف أن «الحاجة متساوية لدى الجانبين لهذا اللقاء». التهديد الأميركي ترافق مع توجّه مدير «الاستخبارات الوطنية» الأميركية، دان كوتس، إلى بروكسيل لحشد دعم من الدول الأوروبية ضد موسكو في شأن معاهدة «الصواريخ النووية المتوسطة المدى»، التي تنوي واشنطن الانسحاب منها، متهمة موسكو أنها اختبرت صواريخ «كروز» على مدى محظور ونشرته، وفق ما أعلن كوتس.
كذلك، حثّ الممثل الأميركي الخاص لمفاوضات أوكرانيا، كيرت فولكر، حلفاء واشنطن الأوروبيين على التفكير في فرض مزيد من العقوبات على روسيا على خلفية التطورات الأخيرة في أوكرانيا. وقال فولكر في برلين، أمس، إنه «بالتأكيد نشجع الأوروبيين على البحث أكثر عما يمكن فرضه من عقوبات إضافية». وأثار عدد من كبار السياسيين الأوروبيين في وقت سابق احتمال فرض عقوبات جديدة على روسيا. وذكرت صحيفة «فيلت» الألمانية أمس، نقلاً عن مصادر أن «ديبلوماسيين ألماناً وفرنسيين عارضوا خلال اجتماع سري عقدته لجنة السياسة والأمن الأوروبية في بروكسيل (أول من أمس) تشديد العقوبات»، وأشاروا إلى أهمية تبني «إجراءات بناء الثقة». وأضافت الصحيفة أن «باريس وبرلين تفضلان مواصلة الجهود الديبلوماسية لنزع فتيل التوتر في مضيق كيرتش، ضمن إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».